الأنبا إرميا
شهدت «مِصر» قبل أيام قليلة الاحتفال بمرور عشَرة أعوام على إنشاء «بيت العائلة المِصرية» الاثنين الموافق 8/11، تحت شعار «عشَرة أعوام من المحبة والتعاون، والمودة والإخاء: معًا نبنى مِصر». وكما ذكر فضيلة الإمام الأكبر أ. د. «أحمد الطيب» شيخ الجامع الأزهر: ««بيت العائلة المِصرية» ثمرة لتفاهم عميق بين «الأزهر» و«الكنائس المِصرية»؛ استشعارًا لواجب المؤسسات الدينية فى المشاركة بالجهود الوطنية من أجل تحصين «مِصر» والمِصريين من الفتن»، وقداسة «البابا تواضروس الثانى» بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسيّة الـ118: ««بيت العائلة المِصرية» هيئة تعمل إلى جانب مؤسسات الدولة: لحفظ القيم المجتمعية، والتقاليد الأخلاقية، ونشر السلام المجتمعى، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتحقيق العدالة وتأكيد المواطنة»، والسيد المستشار «عمر مروان» وزير العدل عن «بيت العائلة المِصرية»: «هو أحد أبرز محاور مكافحة الإرهاب، من خلال جهوده الحثيثة التى يبذُلها على أرض الواقع لترسيخ مفهوم المواطنة والدعوة إلى اللُّحمة ونبذ الفُرقة».

تعود فكرة إنشاء «بيت العائلة المِصرية» إلى فضيلة الإمام الأكبر أ. د. «أحمد الطيب» شيخ جامع الأزهر، التى حازت آنذاك ترحيب مثلث الرحمات «البابا شنوده الثالث»، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المَرقسية الـ117؛ لثقة قداسته ومحبته لفضيلة الشيخ «أحمد الطيب»؛ فعلى فوره وافق على الفكرة والمشاركة فى تأسيس «بيت العائلة المِصرية»؛ وقد كان ذلك عقب واقعة «كنيسة سيدة النجاة بالعراق» فى 31/10/2010م، ثم الاعتداء على «كنيسة القديسَين بالإسكندرية» فى الدقائق الأولى من غُرَّة سنة ٢٠١١م؛ للتصدى لما كان يحاك من مخططات هدفها الفُرقة بين المسلمين والمَسيحيِّين بمِنطَقة «الشرق الأوسط».

ثم بدأ تنفيذ إنشاء «بيت العائلة المِصرية»: محتضنًا ممثلى الطوائف المَسيحية بـ«مِصر»، وعددًا من الخبراء والمتخصصين؛ للعمل على حماية سلام الوطن. وكما ذكر فضيلة الإمام الأكبر: «وهٰكذا نبعت فكرةُ بيت العائلة المصرية» من رحم تحديات بالغة الحزن والأسى، وبحيث وضَعت الجميع أمام مسؤولياتهم تجاه ضمائرهم، تجاه أوطانهم ومواطنيهم. وكان التحدى الأكثر إلحاحًا والأشد خطَرًا هو فُقدان الأمن والسلام والاستقرار المجتمعى، وتنامى جرائم الإرهاب ومفاجآته الدامية. وكنا على وعى كامل، وقناعة تامة بأن اللعب على أوتار الفتنة الطائفية، لو تُرك وشأنه، فإنه ما يلبث أن ينزلق بالبلاد إلى حرب طائفية ستأتى لا محالةَ على الأخضر واليابس..

وقد استشعر «الأزهر» و«الكنائس المِصرية»، يومئذ، ما على المؤسسات الدينية من واجب المشاركة فى الجهود الوطنية والأمنية والسياسية التى تبذُلها الدولة؛ لدحرِ هذا المخطط اللعين، وحماية الوطن، والمواطنين من تداعياته التى تغذيها وترعاها قوًى خارجية بالتنسيق مع قوًى داخلية، وبعد ما بات من الواضح أن هدف هذه القوى هو سقوط «مِصر» فيما سقطت فيه دول عربية كبرى وصغرى من صراعات أهلية مسلحة، لا تزال أخبارها البالغة السوء تَتصدر الأنباء المحلية والدولية حتى هذه اللحظة».

وهٰكذا وضع أعضاء «بيت العائلة المِصرية» نصب أعينهم هدفًا، لم يتوانَوا عن العمل من أجله تلك السنوات العشر: وهو الحفاظ على النسيج الوطنى الواحد لأبناء «مِصر»؛ بعدد من المحاور من أهمها: تأكيد القيم العليا والقواسم المشتركة بين الأديان والثقافات والحضارات الإنسانية المتعددة، بَلورة خطاب جديد يجذب إلى الانخراط العقليى فى ثقافة «السلام ونبذ الكراهية والعنف»، وهذا بتعرُّف الآخر، وإرساء أسس التعاون والتعايش بين مواطنى البلد الواحد. وهٰكذا عمِل «بيت العائلة المِصرية» بنجاح طوال العشر السنوات الماضية على غرس قيم المحبة والعدل والحرية والمواطنة الحقيقية.

ولم تتوقف أنشطة «بيت العائلة المِصرية» طوال عشر سنوات، فى مرحلة دقيقة وحرجة من تاريخ «مِصر».. ولا يزال الحديث عن «بيت العائلة المصرية» مستمرًا.

والحديث عن «مِصر الحلوة» لا ينتهى!.

* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى
نقلا عن المصرى اليوم