وجدى رزق
 الدافع الأبرز الذي يحفز جامعي التحف الى إقتنائها ليس القيمة الديكورية والجمال بل يكمن في فن الصياغة المتميز لزمن صنعها وفي مهارة ذلك الحرفي المجهول التي حولتها الى مستودع ذاكرة متحفية فى زمن العولمة المتوحشة والثقافة الاستهلاكية وبعد سيطرة الصورة وظهور أنماط الإستنساخ. 
 
والتحف شاهدة على عصر توارى إلى الظل دون ان تطمس ملامحه إرتقت مع الأيام وغدت أثراً  فنياً للإبداع الإنسانى يجد المكان والمكانه في موقع منزلي أو متحفي مذكراَ بحضارات إما إندثرت أو تطورت وتغيرت أنماطها الفكرية والفنية أنتجت نماﺫﺝ تاريخية ﻤﻥ ﺭﻭﺍئع ﻓﻨﻭﻥ التصميم والزخرفة. 
 
التحفة المقتناة هي أكثر من ملكية شخصية. إنها إئتمان وإلتزام بتاريخ يجب المحافظة عليه وصيانته وتسهيل عرضه باعتباره إرثاً إنسانياً خالصاً نصغي من خلاله إلى نداء الجمال منذ فجر الحضارة قبل أن نستفيق لندرك أنها ليست إلا ظلالا في الذاكرة لإنجازات شعوب وثقافات عريقة سادت ثم بادت.
 
ويعزى الولع  بالتحف الفنية إلى حنين جارف يشعر به الإنسان ذو الحس المرهف تجاه الحرفية الأصيلة المبدعة بعد سيطرة الرأسمالية شبه الكاملة على الإنتاج الصناعى الضخم والتحكم فى الأسواق والذوق العام بمنتجات لا تتميز بالتفرد مما أدى إلى إسدال الستار على مهارة وتطور الحرفي بما لها من لمسات فريدة متميزة ترضى أذواق النخبة وعشاق الفن الراقى يستحيل على النظام الجديد منافستها أو مضاهاتها مهما بلغ من تقنية وجودة في صناعة منتجاته.
 
إن لغة الجمال هي لغة عالمية تدركها وتفهمها جميع الشعوب على اختلاف أنماطها الثقافية ولغاتها القومية. تتمتع التحف الفنية بقدرة على التواصل لاتستطيعها اللغات الأدبية التي تبقى محدودة الانتشار في حين أنها تجتاز الحدود بسهولة لكي تستقر عالمياً في أوسع دوائر التقدير والإعجاب وأبعدها، دونما تحفظ قومي أو لغوي.