جمال رشدي: يكتب
هل تسأل سأل عن سؤال الا وهو من الذي شيد وكون منتجع الجونة العملاق؟ والذي اجزم انه الاروع والاجمل في العالم، ففي مهرجان الجونة السينمائي يتوافد عليه من كل حدب وصوب كل من له ارتباط بالفن من قريب او بعيد، ليس لشيء الا لان يسرق من الزمن ساعات متعة ثمنها يفوق بكثير ما يتقضاه هؤلاء المشتغلين بالحقل الفني طوال حياتهم.

ربما كلماتي او ما تنقله شاشات التلفاز ومواقع التواصل لا تستطيع ان تصف الا قشور قليلة من روعة المكان الذي الي الان لم تستغله الدولة المصرية ليكون نقطة ارتكاز جاذبة للسياحة الي مصر.

ذلك المكان الاعجازي كان وراءه ابطال استطاعوا فعل المعجزات، فمن هم هؤلاء الابطال يا تري؟ انهم اشخاص عاديين يناضلون ضد صحراء جرداء لا تضبط هواء او ماء بها الثعابين والحشرات تتسابق في مباراة كرة قدم ساخنة لا تنقطع ليل او نهار على ارض الجونة في بداية التسعينيات، هؤلاء الابطال سأقص عليكم حكايتهم

منهم العبد لله فبعد ان انهيت دراستي الجامعية في بداية التسعينيات، نويت الترحال اضرب بقدمي صخور الجبال لكي احصل على فرصة عمل أستطيع من خلالها الانتصار على ما هو قادم في حياتي من احتياج او متاعب،

ومن المنيا الي الغردقة كانت رحلتي المجهولة وبعد مكوثي في الغردقة عدة أيام ساقتني الاقدار بأن اعرف ان هناك مكان اسمه الجونة يوجد به تشييد معماري،، وربما أجد هناك فرصة عمل، ولكن كيف وبأي طريقة اذهب الي هذا المكان المبهم ففي ذلك التوقيت لا يوجد مواصلات من الغردقة الي الجونة التي تبعد حوالي 25 كيلوا عن الغردقة.

ولكن قدمي التي تضرب صخور الجبال بقوة لكي تفتح فيها ابيار مياه، ابت ان تتكاسل او تيأس ففي الصباح الباكر اعتليت سيارة " مقطورة رمل وزلط "في طريقها من الغردقة الي عمق الصحراء بالغردقة ولكن تمر بالجونة، وبعد ساعة إذا بالسائق يناديني " يا ولد العم انت نسيت تنزل مدق الجونة" فقلت له اين المدق؟ قال لي الله يعينك ترجع للخلف 45 دقيقة مشي على الاقدام لحين إيجاد المدق.

وبكل عزيمة وقوة قفزت من فوق المقطورة الي الأرض واقفًا، وفي تسابق بين زفيري وشهيقي قطعت المسافة وكان ذلك في شهر يونيو والماء يغلي في حضن هذا الحر القاسي، وعيوني تخاطب خطوط الصحراء بحثًا عن مدق طريق الجونة ومن بعيد لمحت يافطة تعارك جفاء الصحراء مكتوب عليها الجونة وبجانبها مدق.

في ذلك المدق وضعت قدمي وبعد 45 دقية اخري كنت امام قواعد خرسانية وحوائط لمبني فندق موفنبيك، وفي اول مدخل المبني بصوت يناديني يا جمااااال يا رشدي، والتفت الي الصوت وعلى وجهي خليط طيني من العرق والتراب، وإذا بالصديق المنياوي المهندس عادل جوزيف، لم يبادر الحديث معي،، ولكن بابتسامته وضحكته الجميلة اخذني بالاحضان واعطاني ماء لأشرب واخرج سندوتش لي لكي اكل حتى أستطيع التقاط انفاسي لكي ابدأ الحديث

وبعد الحديث المتشوق المطول، كانت مقابلتي بالصدفة مع العملاق المهندس سامح أبو تار مدير التشطيبات حينذاك، وعلى الفور وبدون حديث اختارني الرجل للعمل معه لان ما على وجهي وملابسي خير دليل علي ما يمكن ان أكون عليه في العمل، وباختصار وقبل ان اسابق كلمات هذا المقال " المهندس سامح " هو من أفضل الشخصيات الهندسية والإدارية في القطر المصري.. ومن هنا أطالب القيادة السياسية الاستفادة من هذا العملاق؛
عملت مع المهندس سامح اداري واثناء تلك الفترة كان لا يوجد في الشركة اي أنظمة إدارية من أي نوع ولا أي متطلبات معيشية من ماء او مأكل او مسكن، وكان مطلوب مني ان أساهم في توفير ذلك مع المساهمة أيضا في وضع نظام اداري وانا الذي لا امتلك خبرة لذلك.
ولكي أقوم بذلك كان المجهود كبير للغاية، فكفي ان أقول لكم ان في مقتبل عمري في تلك الفترة قد اصبت بحمى التيفود بسبب ظروف المكان والماء الذي يسكن براميل الصداء، وقد حاولت العلاج وفي الأخير ترك أثره في كمرض عضال ترك القرح في معدتي وقد أجريت عدة عمليات بعد تركي الشركة والي الان أعيش بهذا المرض.
وما حدث لي من المؤكد قد حدث مع الابطال الاخرين الذين كانوا يعملون بالجونة لكن بصور متفاوته، وعلى هذا المنوال في رحلة نضال مع الصحراء ولمدة سنوات كان هناك لوائح عمل وأنظمة أجور وتشغيل ومساكن وحياة ادمية ساهمت في الاستمرار في قيام هذا المنتجع العظيم، وفي هذا المعترك كنت اول من أسس نظام الموارد البشرية " شئون العاملين" وكنت مديرا لها

وفي الأخير تركت الجونة في عام 1999 بعد ان طلب مني المسئولين رفع قضية علي الشركة،، لانهم لا يريدوني وكان السبب اني كنت صارم في تطبيق النظام وغلق منافذ الفساد والتسيب،،، عندها بكيت وضحكت في وجهة المسئول الكبير الذي كان يجلس في مكتب مكيف في القاهرة وصرخت بداخلي صرخة الم وقلت أي قضية ارفعها علي المكان الذي دفعت فيه جزء من حياتي وصحتي وسأخرج منه بحب عميق تمثل في قروح وجروح سأعيش بها طول العمر،، فنظرت الي المسئول وكتبت له الاستقالة وقلت لا لا لا لن ارفع قضية علي شركتي لان انا الذي بنيتها فأنت لا تعلم شيء عن الحب والانتماء ربما ارجع لها في وقت ما لكي استكمل فيها العطاء والحب الذي احببته لها.

ومن هذا المقال اطلب من المهندس سميح ساويرس والمهندس نجيب ساويرس تكريم هؤلاء الابطال الذين اقاموا هذا المنتجع العالمي وسأتذكر من هم عاشوا وناضلوا ضد تلك الصحراء في بداية التسعينيات

المهندس سامح ابو تار، المهندس نبيل ميشيل، المهندس مجدي وديع المهندس عادل جوزيف، المهندس عماد حنا، المهندس عماد كامل، المهندس عاطف ماهر، المهندس اميل الجندي، المهندس فيكتور، المهندس ايمن روؤف، والأستاذ مجدي جاد والأستاذ هاني حنا والأستاذ عادل ظريف والأستاذ اشرف رجائي والأستاذ نسيم كامل والفني يوسف بشري والفني عبدالتواب كامل والمشرف مجدي سعيد والمشرف اشرف شاكر  واخرون عظماء وابطال من مهندسين وإداريين ومحاسبيين وعمال وفنيين، ولدي يقين غير قابل للشك في قبول المهندس سميح والمهندس نجيب لهذا المقترح وتنفيذه