في مثل هذا اليوم 9 سبتمبر1882م..
دارت معركة التل الكبير آخر مواجهات العرابيين مع الإنجليز بمنطقة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية وهزم فيها الجيش المصري ودخل الإنجليز بعدها القاهرة واستقبلهم الخديوي واستعرض القوات البريطانية ووقع عرابي في الأسر وحكم عليه بالإعدام ثم خفف للنفي لينتهي الأمر بأن تقع مصر تحت الاحتلال الإنجليزي.

كان الإنجليز يتحينون الفرصة لاحتلال مصر بعد فشل الحملات الصليبية على مصر والشام وتحويل طريق التجارة لرأس الرجاء الصالح ومجئ وفشل الحملة الفرنسية على مصر والشام (1798-1801م) وبعد فشل حملة فريزر 1807 م وبعد تدمير إمبراطورية محمد علي بمعاهدة لندن 1840 م وبريطانيا تتحين الفرصة لغزو مصر.

وجاءت الفرصة في عصر الخديوي توفيق الذي قامت ضده ثورة شعبية في البلاد بقيادة الأميرلاي أحمد عرابي وهي ماتعرف بالثورة العرابية بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، والتدخل الأجنبى السافر في شؤون مصر، ومعاملة رئيس الوزارة رياض باشا آنذاك القاسية للمصريين، واضطهاد الضباط المصريين في الجيش علي حساب الأتراك والشركس، وأخذ الخديوي توفيق يبالغ في تصوير الموقف للأوربيين بأنه شديد الخطورة على مصالحهم حيث أن عرابى حسب وصفه كان وطنياً متطرفاً يكره كل ما هو أجنبي ويهدف إلى طرد كل الأجانب من مصر.

وقد زعمت بريطانيا حجة تدخلها بغرض حماية الأجانب ومصالحهم بمصر وأرسلت إنجلترا وفرنسا المذكرة المشتركة الأولى والثانية وبعد حوادث مذبحة الإسكندرية تدخل الأسطول الإنجليزي واقتحم الإسكندرية وفشلت تحصينات العرابيين في منع استيلاء الإنجليز عليها وتقدم الجيش الإنجليزي نحو كفر الدوار واستبسل الجيش المصري بقيادة "طلبة عصمت" فتقهقر الإنجليز عن البلاد ليفشلوا في دخولها من ناحية الشمال ويتحولوا للشرق مدعومين بمباركة دولية.

معركة التل الكبير
معركة التل الكبير كانت بين الجيش المصري بقيادة عرابي زعيم الفلاحين ابن قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية والجيش الإنكليزي الذي فشل في احتلال البلاد من ناحية الأسكندرية فقدم من القناة. وكان عرابي قد فكر في ردم القناة حتى لا يدخل الإنجليز للبلاد عن طريقها فرد عليه دوليسبس الفرنسي رئيس شركة قناة السويس آنذاك بأن القناة على الحياد ولاتسمح بدخول أساطيل حربية من خلالها، ولكنه سمح للإنجليز بالمرور.

في 13 سبتمبر عام 1882 م (الموافق 29 شوال 1299هـ) الساعة 1:30 صباحاً فوجئت القوات المصرية المتمركزة في مواقعها في التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية منذ أيام والتي كانت نائمة وقت الهجوم بقدوم الإنجليز مع بعض بدو الصحراء الذين اطلعوا الإنجليز على مواقع الجيش المصري تعاون بعض الضباط الذين ساعدوا الإنجليز على معرفة الثغرات في الجيش المصري، تزامن ذلك مع إعلان السلطان العثماني فرمان بعصيان عرابى بتحريض من إنجلترا؛ جعل الكثير من الاشخاص ينقلبوا ضده.

استغرقت المعركة أقل من 30 دقيقة وألقي القبض على أحمد عرابي قبل أن يكمل ارتداء حذائه العسكري (حسب اعترافه أثناء رحلة نفيه إلى سيلان).
في شهر سبتمبر من عام 1882 تلقت القوات المصرية بقيادة “أحمد عرابي” هزيمة ساحقة جاء على إثرها الاحتلال البريطاني لمصر والذى دام حوالى 72 عاماً.

وكان التدخل الأجنبي في مصر سبباً لقيام الثورة العُرابية على الإنجليز و”الخديوي توفيق” نتيجة لسوء الأحوال الاقتصادية وزيادة التدخل الأجنبي في شؤون البلاد واضطهاد الضباط المصريين في الجيش.

وبادر “الخديوي توفيق” بمحاولة تحريض الإنجليز ضد “عرابي”، الذى كان قد تزعم الثورة ضده مما شكل خطراً كبيراً عليه، فقام “توفيق” بالمبالغة في وصفه للزعيم عرابي ولموقفه من الإنجليز، حيث وصفه بأنه وطني متطرف يكره الأجانب ويسعى إلى طردهم من مصر.

مما سهل الأمر على الإنجليز ليجدوا سببًا للدخول إلى مصر التي طالما حلموا بالاستيلاء عليها فزعموا أن سبب دخول القوات البريطانية هو حماية الإنجليز في مصر.

وحاولت القوات البريطانية الدخول إلى مصر عن طريق الإسكندرية إلا أن مواجهة قوات أحمد عرابي لها في الإسكندرية منعتها من الدخول من هناك.
بعدها توجهت القوات البريطانية إلى محافظة الإسماعيلية بالقرب من مدينة القصاصين ودارت معركة بينهم وبين قوات أحمد عرابي عُرفت باسم “معركة القصاصين”، حيث كان عرابي يهدف إلى استرداد قناة السويس، التي استولت عليها القوات البريطانية بعد مغادرة الإسكندرية، إلا أن المعركة انتهت بتراجع قوات الجيش المصري بعدما وصلت إمدادات للقوات البريطانية أثناء المعركة.

ولعبت الخيانة دوراً بارزاً في معركة “التل الكبير” التي قامت بعد يومين من معركة “القصاصين”، فقد قام البدو في الصحراء باطلاع الإنجليز على مواقع الجيش المصري بمنطقة التل الكبير الواقعة بمحافظة الإسماعيلية.

ذلك إلى جانب خيانة بعض الضباط المصريين الذين أمدّوا الإنجليز بمعلومات وخطة المعركة، بالإضافة إلى تسهيل المهندس الفرنسي ورئيس شركة قناة السويس “فرديناند دليسبس” مرور الإنجليز عبر القناة على الرغم من رفضه ردمها عندما طلب “عرابي” منه ذلك لمنع الاحتلال الإنجليزي لمصر.

واستغل الإنجليز الليل للهجوم على الجيش المصري لضمان عدم استعداده، فعند الساعة الواحدة والنصف صباحاً، بينما كانت القوات المصرية نائمة، هجم الإنجليز عليهم في “معركة التل الكبير”، التي استغرقت أقل من 30 دقيقة والتي عُرفت كأقصر معركة عرفها التاريخ.

مما أسفر عن الهزيمة وإلقاء القبض على “أحمد عرابي” وزملائه قادة الثورة والحكم عليهم بالإعدام، ثم بعد ذلك تم تخفيف العقوبة بالنفي المؤبد إلى جزيرة سيلان بالمحيط الهندي.

وبعدها بدأ توافد الإنجليز على مصر في الفترة من ديسمبر 1914 وحتى فبراير 1922، وتم تغيير اسم الدولة لتصبح السلطنة المصرية الواقعة تحت الاحتلال البريطاني.!!