سليمان شفيق
 
في خضم أزمة الاتهامات بالفساد التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي، يثير تجاهل الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن لبنيامين نتانياهو القلق في معسكر حزبه الليكود. فبعد ثلاث أسابيع من تنصيبه لم يتصل بايدن بعد بنتانياهو لمناقشة ملف السلام الفلسطيني-الإسرائيلي. في حين ذلك، اتّهمت المندوبة الأمريكية السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي إدارة بايدن بأنها "تتجاهل صديقاً مثل إسرائيل... وتتودّد إلى عدو مثل إيران".
 
وتساءل داني دانون في تغريدة "هل حان الوقت أخيراً للاتصال بزعيم إسرائيل، أقرب حليف لأمريكا؟". وللتشديد على الأمر، قدّم لجو بايدن رقم هاتف يصله برئيس الوزراء الإسرائيلي
 
في الجهة الأمريكية، اتّهمت المندوبة الأمريكية السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي إدارة بايدن بأنها "تتجاهل  صديقاً مثل إسرائيل" في حين "تتودّد" إلى "عدو مثل إيران". 
 
وفي واقع الأمر، فقد اعتاد نتانياهو الذي يخوض حملة لإنقاذ مسيرته السياسية على تلقّي الدعم من الرئيس الجمهوري السابق، لكن لا توجد فائدة يمكن أن يجنيها خلفه الديمقراطي من النسج على نفس المنوال قبل انتخابات الكنيست المقرّرة في 23 مارس
 
وفي حين سعى ترامب إلى إرضاء قاعدته الانتخابية المسيحية الإنجيلية المهتمّة بشدّة بالدفاع عن إسرائيل، يخاطر جو بايدن بإثارة استياء هذا الحليف الأساسي في الشرق الأوسط على خلفية ملف الاتفاق النووي الإيراني الذي لم تتوقف إسرائيل عن التنديد به 
 
ويقول رئيس المنظمة الأمريكية اليهودية التقدميّة "جي ستريت" جيرمي بن عامي إنّه "من الواضح أننا في وضع مختلف تماماً". ورغم تأكيده أنّ لبايدن "علاقة شخصية قديمة وطيّبة" مع إسرائيل، يشدّد على أنّ فريق الرئيس الجديد هو نفسه الذي كان يتولّى زمام الأمور بين 2009 و2017 في إدارة باراك أوباما التي كانت علاقتها مع إسرائيل أكثر توترا. 
 
من جهتها، تقول الباحثة في "مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي" ميشال دنّ إنّ "الرئيس أوباما جعل حلّ النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني أولوية في السياسة الخارجية منذ بداية ولايته، من دون أن يحقق نتيجة تذكر". ويعني ذلك أنّ واشنطن تريد حالياً أن تتأنّى، بصرف النظر عن العلاقات الشخصية. 
 
"الحقيقة القاسية"
وفي حين سارع دونالد ترامب بتقديم وعد عام 2017 بإيجاد "حلّ نهائي" بين إسرائيل والفلسطينيين من دون أن يتمكن من تحقيق ذلك، تُظهر إدارة بايدن تحوّطها. 
 
وأكّد وزير الخارجية الأمريكي الجديد أنتوني بلينكن أنّ "حلّ الدولتين" هو التسوية الوحيدة الممكنة، مجدّداً التزام التوافق الدولي الذي خرقه الملياردير الجمهوري. 
 
لكنّ ميشال دنّ تقول إنّ هذا "الحلّ صار مستحيل التطبيق" وفي الوقت نفسه "لم يقدّم الإسرائيليون أو الفلسطينيون بديلاً عنه بعد". 
 
وصرّح بلنيكن لشبكة "سي إن إن" الإثنين الماضي أنّ "الحقيقة القاسية هي أنّنا بعيدون جداً عن تحقيق اختراق لإحلال السلام وإيجاد حلّ نهائي" يقود إلى "إنشاء دولة فلسطينية". وأظهر وزير الخارجية طموحات متواضعة جداً، ودعا طرفي النزاع إلى عدم اتخاذ أيّ "قرار أحادي يزيد من تقويض آفاق السلام". ويبدو أنه لا سبيل حالياً للحديث عن العودة إلى طاولة المفاوضات.
 
وبالنسبة إلى بن عامي، يجب على الولايات المتحدة أن تخفّض سقف أهدافها إلى "إبقاء إمكانية المفاوضات حيّة، عوض طرح مبادرة كبيرة جديدة".
 
وفي إشارة على وجود نوع من الإحراج، لم توضح إدارة بايدن بعد موقفها من القرارات الأحادية الكثيرة التي اتخذها ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو لصالح إسرائيل. وأكّدت الإدارة الجديدة أنها ستُبقي على السفارة الأمريكية في القدس، وأنّ الولايات المتحدة ستواصل اعتبار المدينة المقدّسة عاصمة للدولة العبرية رغم الاحتجاجات الدولية. 
 
في المقابل، وعدت إدارة بايدن بإعادة فتح الممثلية الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن واستئناف تقديم المساعدات للفلسطينيين بعدما قطعتها إدارة ترامب في الأعوام الأخيرة. لكن يبدو أن إدارة بايدن لا تزال تبحث عن توازن في ملفات أخرى لم تفصح بعد عن موقفها منها. 
 
ورفض بلينكن أن يبدي رأياً حاسماً من الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية التي ضمّتها الدولة العبرية في 1981، كما لم يعلن موقفه من قرار سلفه مايك بومبيو عدم اعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية منافية للقانون الدولي. 
 
ويختم بن عامي بالتأكيد على أنّه "في ظلّ إدارة ترامب، مُنح الإسرائيليون ضوءاً أخضر لفعل ما يريدون في الضفة الغربية والمضيّ قدماً في ضمّ" المستوطنات، و"نأمل أن يصطدموا بضوء أحمر في أقرب وقت ممكن".
 
هكذا يبدو جليا ان ادارة بايدن تحمل لاسرائيل "تأييد بارد"، وللفلسطينيين "حلو اللسان" ، ولكن الاكيد ان ادارة بايدن لاتريد التعامل مع نتنياهو وتعاملة علي انه الوجة الاخرلترامب