مؤمن سلام
مازالت الشعوب الناطقة بالعربية تدور في حلقة مفرغة من الجدل في مسائل حسمها العالم منذ زمن بعيد وأصبح الخروج عليها خروج عن السياق التاريخي للحضارة الإنسانية. فمازلنا حتى اليوم نصارع ونناضل من أجل التخلص من وصمة عار زواج القاصرات وهو الأمر الذي انتهى في العالم كله باستثناء منطقتنا التعيسة، المبتلاة بالأصولية الدينية.
 
ففي الوقت الذي يناضل فيه أحرار اليمن والمملكة السعودية من أجل التخلص من هذه الجريمة البشعة.
 
والتي نري جرائمها يوميا على صفحات الجرائد في صورة أمهات في التاسعة أو العاشرة، وأخريات يلقين حتفهن ليلة الدخلة بسبب الإصابة بالنزيف الحاد نتيجة العملية الجنسية من رجل بلغ من العمر عتيا.
 
نجد شيوخ الأصولية من إخوان وسلفيين يسعون لإعادة مصر إلى الوراء، ويجاهدون أشد الجهاد من أجل إلغاء المواد القانونية التى تحدد سن الزواج لبنات مصر بـ 18 سنة ويسعون لإزالة هذا العائق أمام تجار الجنس وشواذ الخليج الذين يأتون لممارسة الدعارة مع الصغيرات باسم الزواج. ولا أدري ما هذا الزواج الذي يستمر لشهر أو شهرين هي الفترة التى يقضيها الثري العربي في مصر في عطلة الصيف.
 
وكلما اعترض أحد على هذا النوع من الدعارة الذي يتم باسم الزواج، رفع مشايخ الضلال في وجهنا سنة الرسول الكريم محمد صلى الله علية وسلم، وأنة تزوج السيدة عائشة وهى بنت التاسعة وكان هو قد تخطي الخمسين وبالتالي فليس لأحد أن يعترض على زواج الصغيرات وإلا كان معترضا على أمر فعلة الرسول. وهنا لن أناقش هذه المسألة من الناحية التاريخية، ولن أتحدث عن الفروق بين رجل عادى وبين الرسول، ولن أسأل لماذا لم يقتدي به الصحابة ويتزوجوا فتيات في عمر التاسعة إذا كان الأمر قد تحول إلى سنة ودين وشرع. ولكن أسأل هنا لماذا يتذكر الإخوان والسلفيين، وهم يضعون دستور مصر الآن، زواج الرسول بعائشة وينسون زواجه بخديجة التى كانت تكبره بـ 15 سنة فى أقل التقديرات؟
 
لماذا يسعى الشيوخ إلى إحياء سنة الرسول بالزواج ممن هن فى سن السيدة عائشة، ولا يسعى أحد منهم لإحياء سنة الرسول فى الزواج ممن هن فى سن السيدة خديجة؟ أليست من فى سن السيدة خديجة أحوج للزواج ممن هي فى سن السيدة عائشة؟
 
ألا يدري هؤلاء أن في مصر مشكلة عنوسة وطلاق؟ لماذا يصر هؤلاء على الترويج لزواج القاصرات ولا يروجون لزواج كبيرات السن والأرامل والمطلقات؟
 
ألا يدركون أن ثقافة الشعب المصري تجعله يرفض زواج الرجل بامرأة أكبر منه ولو بعام واحد؟ فلماذا لا يسعون لتغيير هذه الثقافة ويطالبون الرجال بالإقتداء بالرسول الذي تزوج بامرأة أكبر منه بـ 15 سنة؟
 
يبدوا أن الأمر لا علاقة له بالدين كما يدعون، ولكن له علاقة برغبات جنسية شاذة تسعى لتعميم الشذوذ حتى لا يشعروا بغربة فى المجتمع المصري الذي يستهجن هذا الأمر، وحتى لا يطاردهم سيف القانون عندما يقومون بهذا العمل المشين.
 
فمن كانت فى سن السيدة خديجة هي من تحتاج للزواج، أم من هي فى سن السيدة عائشة فتحتاج للتربية والتعليم.