عبير حلمى
في القداس يقول للجميع الأب الكاهن 
أين قلوبكم ؟.فيرد الشمامسة والشعب ...هي عند الله
وهناك البعض يقول في داخله 
يارب أجعل قلبي عندك أو أي تعبير بهذا المعنى 
ولكن هناك من لا يجيب خجلاً من نفسه ويصرح ويسأل نفسه أين قلبي بالحقيقة؟
هل هو عند ربنا؟
هل هو يتمنى حتى يكون عند ربنا ويسعى ويحاول لذلك،
ولا فعلا قلبه بعيد كل البعد عن ربنا ،
ولو أجاب بذلك يصبح كاذب في عين الرب ،
ولو كان قلبي بعيد عن ربنا ،
إذن أين هو ؟
وهنا يصرح المرء في وجوده بهذه اللحظة داخل القداس ولكن قلبه بعيد عن الله ويسأل أين قلبي ومشغولياته ؟!
فيجد الإجابة أنه منشغل بأحداث العالم سواء بالفرح او بأشياء مؤلمة ووجع داخلي لا يفصح عنه ولا يعلمه غير الله ،
فهو الوحيد الذي يرى ما بداخلك وهو فاحص القلوب والكلى ،
وهو السامع لنبضات قلبك وتنهيداتك وكيف ترغب ان تقول أن قلبك عند الله وفي نفس الوقت لا ترغب أن تقول غير الحق ،
وهنا تقف في مواجهة نفسك ومراجعتها 
أين قلبي ؟
في مشغوليات الحياة 
في تحديات الزمن 
في مصاعب الحياة ومشاكلها
وأحياناً في نجاحاتك، 
ومهما كانت مشغوليات قلبك تجد الله منتظرك ....
فاتح لك ذراعه ،
و ينتظرك بإهتمام 
ولا يبخل عنك بتقديم ذاته ذبيحة حية عنك لفداءك ولحمايتك ولحياة أفضل كما قال:
 
"اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ." (يو 10: 10)
 
وبالفعل حينما نرجع إليه معترفين بخطايانا فهو آمين وعادل يغفر و يسامح 
 
"إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ." (1 يو 1: 9)
 
أي حب هذا ؟ وأي اتضاع يارب؟
 
تطلبني أنا ابنك الضال وتفرح حينما أعود لتلبسني حُله جديدة وتقول :
 
 ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ." (لو 15: 24)
 
ومنْ هم الذين يفرحون بك؟
 
"أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ." (لو 15: 7)
 
السماء كلها تفرح بك ،
وسكان السماء ينتظرونك .
 
فهل أنت مستعد؟
 
منْ أين لنا روح الاستعداد ؟
 
فها نحن لا نستعد أصلاً للقاءه الحلو بالقداس 
بدليل لا نستطيع ان نقول معترفين بسكنى قلوبنا عند الرب ،
يارب كيف يكون لقائي بك ؟
إن لم أرجع إليك بقلبي وروحي وفكرة وتكون أنت هدفي ورجائي الأول والأخير 
وأحيّا حياة التسليم 
وأستعد على الأرض 
وأقيم معك عشرة حلوة بشبع من الخبز السمائي 
 
وبكل ذلك أستطيع أن أقول مع بولس الرسول 
 
"قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ،" (2 تي 4: 7)
 
ويكون فكر قلبي المشبع بك وأنت يارب تملأه وهو عندك في الأصل ومستعد للقاء 
ماذا  يكون بعد كل ذلك؟
يكون بعد حياة الفرح والتسليم إلا النصرة على عدو الخير في كل الحرب والتجارب والآلام
فنقول الحرب للرب 
فهو القادر على كل شيء،
وغيره لم يقدر ولا أنا ،
ولكن يسعني أن أقول :
" أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني"
وهنا  نعلم أن الحرب للرب ونحن علينا نحيا حياة  التسليم كما قال بولس الرسول  سلمنا فصرنا نُحمل،
 
"فَلَمَّا خُطِفَتِ السَّفِينَةُ وَلَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُقَابِلَ الرِّيحَ، سَلَّمْنَا، فَصِرْنَا نُحْمَلُ." (أع 27: 15)
 
كم من مرات عافرنا لوحدنا  مع الحياة وكم من مرة كادت سفينة حياتنا  تنكسر ،
ولكن في الوقت الحاسم سلمنا فصار الرب يحملنا بكل ما فينا من عيوب ومشاكل و ضعفات ويكمل نقائصنا ويشبعنا من خيراته ،
فنردد مع داود النبي ونقول :
 
" وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ." (مز 73: 25)
 
وهنا تعود قلوبنا إليه ونستطيع الرد أين هي قلوبكم ؟
 
فنقول بكل ثقة بعدما عشنا حياة التسليم وصرنا محمولين على ذراع الرب ومنقوشين على كفه 
فصار سلامه في قلوبنا ولا نريد شيء غيره فتصبح قلوبنا ملكا له ونقول :
قلوبنا هي عند الرب بكل ثقة وثبات وفخر مع اتضاع لصاحب الملك نحيّا به وله سواء على الأرض أو في السماء ،
يارب افتح بصيرة قلوبنا وعيوننا لنتعرف عليك وعلى مشيئتك وعلى محبتك وكيف بذلت ذاتك من أجلنا وصار دمك خلاص مقدس لنا فكيف لا يكون قلبي ملك وتملك عليه يا إلهي و أصرخ قائلا :
أَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ»." (يش 24: 15)