تابع المصريون، الثلاثاء، فصلا جديدا من حوادث السكة الحديدية، إذ شهدت الإسكندرية شمالي البلاد، حادث تصادم بين قطار جرار وآخر يربط المدينة بالقاهرة، مما أدى إلى إصابة العشرات.

وقبل حادث الإسكندرية بساعات قليلة، شهدت منطقة حلوان جنوبي القاهرة حادثا مروعا، حيث دهس قطار حافلة ركاب، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 26 على الأقل.

وأصبح هذا النوع من الحوادث بمثابة سيناريو متكرر اعتاد المصريون عليه، لا سيما في الأشهر القليلة الماضية.

وخلال الفترة من 26 مارس وحتى 18 أبريل الماضيين فقط، وقعت 6 حوادث قطارات في مصر، بدأت مع حادث قطاري سوهاج الذي أسفر عن مصرع 20 شخصا وإصابة 165، وانتهت مع حادث قطار طوخ الذي نتج عنه 97 إصابة.

وتخللت الحادثين 4 حوادث أخرى، هي انفصال 6 عربات عن قطار النوم المتجه من القاهرة إلى أسوان، وانفصال عربتين عن قطار متجه من الإسكندرية إلى الأقصر، ولم ينتج عن الحادثتين أي إصابات، لكن الحادث الثالث وقع نتيجة خروج الجزء الخلفي من قطار متجه إلى المنصورة نتج عنه 15 إصابة، وفي التاسع من أبريل تصادم قطار وعربة "كارو" في المنيا، وراح ضحية الحادث طفلة فيما وصل عدد المصابين إلى 4.

وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فإن الفترة من عام 2003 وحتى 2017 شهدت نحو 16 ألف حادث قطار.

أسباب الأزمة
ويقول استشاري النقل الدولي والسكك الحديدية الدكتور عماد نبيل إن حوادث القطارات التي وقعت مؤخرا وخلال الأعوام الماضية "نتاج طبيعي لكون السكك الحديدية المصرية ثاني أقدم خطوط في العالم بعد نظيرتها البريطانية، إذ تأسست عام 1853".

ويضيف نبيل لموقع "سكاي نيوز عربية": "على مدار العقود الماضية، لم تستخدم الميزانيات المخصصة لتطوير منظومة السكة الحديد في مصر بشكل صحيح، والنتيجة أن الأزمات باتت أكثر تعقيدا، وأصبحنا بحاجة إلى إعادة هيكلة البنية التحتية لتلك المنظومة من جديد، ولحين اكتمال خطوات خطة التطوير الحالية لسكك الحديدية قد تكون هناك حوادث أخرى، نأمل ألا تكون مأساوية".

ويشير استشاري هندسة الطرق والنقل إلى أن كثيرا من الحوادث الأخيرة تعود إلى تهالك القطارات، وهذا يتضح جليا في انفصال العربات المفاجئ وغيرها من الحوادث الشبيهة.

ويؤكد: "نتيجة لعدم تطوير منظومة السكك الحديدية في مصر، زادت نسبة الاعتماد على العنصر البشري في مهام لا تحتمل الخطأ، لأن في حالة حدوثه ستكون هناك كارثة، مثل التحكم في حركة مزلقان معين يمر عليه القطار، إلى جانب عدم الاهتمام برفع كفاءة العاملين، والنتيجة كانت وقوع حوادث تعود إلى خطأ بشري كان يمكن تفاديه"، مطالبا بـ"تطوير المنظومة ككل والاعتماد على الآلات".

وينتقل نبيل بحديثه إلى بعض الأخطاء التي اعتاد المواطنون على ارتكابها، مثل ثقب الجدران على جانبي خطوط السكة الحديد، أو صنع "مزلقان عشوائي" لا يكون سائق القطار أو حتى النظام الإلكتروني في بعض القطارات يعلم عنه شيئا، والنتيجة وقوع حوادث.

ويردف: "حتى المزلقانات النظامية التي يتم إغلاقها بشكل يدوي، يستغل البعض انشغال أو غياب (عامل المزلقان) ويقومون بفتح الطريق، والنتائج تكون مأساوية".

كما يوضح نبيل أنه "إلى جانب انخفاض كفاءة العاملين، فإن بعضهم يرتكب سلوكيات خاطئة في ظل غياب الرقابة، مثل تعاطي المخدرات التي تسببت في وقوع حادث سوهاج في مارس الماضي، وفقا لما جاء في تحقيقات النيابة الخاصة بالواقعة".

خطة تطوير شاملة
لكن المتحدث أشار إلى خطوات الإصلاح التي بدأت الحكومة في تنفيذها خلال الفترة الأخيرة.

ويشير نبيل إلى ما أعلنته وزارة النقل المصرية في أبريل الماضي، عن بدء العمل في خطة تطوير شاملة لمنظومة السكة الحديد في مصر تمتد حتى عام 2024، بإجمالي تكلفة 225 مليار جنيه، وتضم حوالي 257 مشروعا.

ويوضح أن "هذه الميزانية الضخمة ستساهم في إنشاء خطوط جديدة وازدواج للخطوط القديمة، بجانب استيراد جرارات وعربات جديدة، مع تطوير محطات القطارات والمزلقانات على كافة الخطوط، وتحديث نظم الإشارات الكهربائية"، التي يصفها بأنها "أهم ما في الخطة".

وفي هذا السياق، لفت استشاري النقل الدولي إلى أنه يتم حاليا إجراء إحلال وتجديد لخطوط السكك الحديدية بنحو 10 آلاف كيلو متر، بجانب إضافة ألف كيلو للخطوط التقليدية لأن مصر لم تشهد منذ فترة طويلة إضافة خطوط بشبكتها.

وتابع نبيل: "لإنهاء أزمة المزلقانات نهائيا، تم إنشاء مئات كباري المشاة في تقاطعات السكة الحديد، كما تم إغلاق قرابة 1100 مزلقان عشوائي على مستوى الجمهورية".

ويردف: "ومن الخطوات المبدئية لإعادة النظام إلى منظومة السكة الحديد، اختبارات تعاطي المخدرات المفاجئة التي يتعرض لها جميع العاملين، ويكون عقاب المخالفين الخروج من الخدمة والتعرض للمساءلة القانونية".

وختم المتحدث: "لا يمكن أن تتوقف منظومة القطارات عن العمل، لذا نأمل أن يقل عدد الحوادث حتى ينتهي العمل في خطة التطوير الحالية".