عميد الرهبنة القبطية في العصر الحديث
 د. ممدوح حليم
       إنه ابن فذ لمؤسس الرهبنة ومعلميها وأصحاب مدارسها وقديسيها الذين أثروا الصحراء بجهادهم وتعمقهم في الحياة المسيحية من خلال صلواتهم ونسكهم وحروبهم الروحية.......

      ولم يكن الأب متى المسكين مجرد راهب اجتاز الرهبنة عبر تاريخها الطويل، بل إنه نجم ساطع في سمائها إذ كتب اسمه بحروف من نور في تاريخها، وليس من المبالغة أن نعتبره عميد الرهبنة القبطية في العصر الحديث.

     لقد مالت الرهبنة منذ نشأتها إلى النسك والتعبد، فهذا طريقها. لكن الأب متى المسكين أضاف إليها بقوة البحث والدراسة المتعمقة فاجتهد بجهوده الذاتية فتعمق في اللغة الإنجليزية واتقن اللغة اليونانية، وبدأ في دراسة أقوال الآباء وعظاتهم وتعاليمهم، وهو أمر ابتعدت عنه الكنيسة القبطية منذ  القرن الخامس عندما انفصلت عن الثقافة والكنيسة البيزنطية/ اليونانية.

     إن الأب متى المسكين بحق هو رائد دراسة فكر الآباء سواء اللاهوتيين منهم أو النساك. وكان الابن البكر في هذا المجال هو كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية.

   ولم تهتم الرهبنة عبر تاريخها بالكتابة والدراسة، فنجد من كتب سير آبائها وأقوالهم رحالة أجانب، وكتاب بستان الرهبان دليل على ذلك.لقد أصلح الأبناء ما أهمله الآباء، ففي العصر الحديث بدأ الرهبان في الدراسة وإصدار الكتب، ودارت مطابع الأديرة. لكن يمكن القول يقينا إن الأب متى المسكين هو الأول دون منازع في مجال المؤلفات كما وكيفا. غن مؤلفاته موجودة في مكتبات كبرى المعاهد اللاهوتية شرقا وغربا. وكان في مؤلفاته يرجع إلى جوار المراجع الآبائية إلى كبار الشراح والمفسرين من علماء الغرب، فالعلم لا يعرف القيود ، وهكذا انتج تفاسير للكتاب المقدس لا تعرف التحزب الطائفي بل هي محل تقدير العالم المسيحي كله.

   وإذا نظرنا إلى الرهبان الذين قضوا حياتهم كلها داخل أسوار الأديرة فإن الأب متى المسكين هو العالم والباحث والمؤلف الأول في الرهبنة عبر تاريخها.
وإذا اشتملت الدراسة على الرهبان الذين تقلدوا مناصب أسقفية أو رعوية فمن المؤكد أنه نجم ساطع بينهم.

وإن مرت منذ أيام ذكرى رحيله ال15 فإنه سيبقى علامة بارزة في تاريخ الرهبنة.