العناق بين الحيوانات هدفه تحقيق الترابط والطمأنينة والتوازن.

 
منعنا وباء "كوفيد- 19" من أكثر الممارسات المحببة وهي العناق، الذي طالما استخدمه البشر في تبادل الطمأنينة والهدوء وتقديم المواساة، لقد أصبحنا مدركين تمامًا الآن لأهمية هذا السلوك البسيط في حياتنا اليومية، ولكن هل العناق موجود في مملكة الحيوانات؟. وهل له نفس الأهمية بالنسبة للرئيسيات غير البشرية؟
 
بالنسبة إلى قرود البونوبو، والتي توصف بأنها محبة للعناق وتشابك الأيادي في عالم الرئيسيات، فمن الشائع رؤية العديد من صغارها وهي متشبثة ببعضها البعض أثناء التجول. وبحسب "زانا كلاي"، عالمة الرئيسيات في جامعة دورهام البريطانية، فإن قردة البونوبو تمارس ما يُطلق عليه "مسيرة العناق" ويرجع ذلك إلى أن البونوبو ربما تتعرض للاحتضان من جانب مقدمي الرعاية من البشر في المحميات، كما ترجح أن يكون هذا السلوك له جذور في السلوك الأمومية لإناث البونوبو، التي تحتضن صغارها في مراحل حياتهم المبكرة. وقد لاحظ الباحثون أن سلوك المعانقة هذا هو الأكثر شيوعًا في صغار البونوبو ويحدث عادةً بعد تعرضها للصراع أو التوتر في كثير من الأحيان، في هذه الحالات، يمد البونوبو المنكوب ذراعيه، ويندفع قرد آخر بشكل كبير نحو الرضيع ويطوقه في حضن محكم.
 
القرود البربرية
وتشير" كلاي" إلى أنه من الصعب الحكم على مشاعر الحيوانات، لكن الأدلة تشير إلى احتمال أن يطمئن العناق هذه الرئيسيات، تمامًا كما يفعل البشر. وقد اكتشفت في أبحاثها السابقة أن قرود البونوبو الأيتام كانت أقل عرضة لعناق التعاطف مع أقرانهم المنكوبين، مقارنةً بقرون البونوبو الصغيرة التي رعتها أمهاتها. وقد يوشر ذلك بحسب" كلاي" على أهمية رعاية الوالدين في إرساء الأساس لهذه اللفتة الاجتماعية في الرئيسيات.
 
قرود الشمبانزي تعانق بعضها البعض لبعث الطمئنينة عند مواجهة حيوان مفترس
أما قرود الشمبانزي، فيحتضنون بعضهم في المواقف المتوترة، مثل خوفهم من حيوان مفترس، في هذه الحالة يلامسون بعضهم البعض وكأن العناق بمثابة طمأنة في مواجهة الخطر مثل البشر. "فيليبو أوريلي" عالم سلوك الحيوانات راقب لأسابيع قرود العنكبوت في الغابات الاستوائية في شبه جزيرة يوكاتان بالمكسيك، واكتشف أن هذه الرئيسيات تقترب من بعضها البعض وتتبنى عددًا من السلوكيات، عند الصراعات، بحيث يصبح العناق وسيلة لإرسال إشارة وإدارة تلك العلاقة المتضاربة بين بعضها البعض. 
 
العناق بين الحيوانات يساهم في زيادة الترابط والطمانئينة والتوازن
ومن الممكن أن يحدث العناق كوسيلة للسيطرة الاستباقية على الضرر في الرئيسيات الأخرى أيضًا. لكن في الوقت الحالي، تعد قرود العنكبوت أفضل مثال تمت دراسته لهذا الجانب من السلوك، بحسب "أوريلي" واصفًا عناقهم بأنه "صنع سلام استباقي" ، وتشير دراسته إلى أن البشر يمكن أن يتعلموا الكثير من المخلوقات الحذرة حول كيفية إدارة الصراع. ويقول أوريلي: "إن المنع أفضل بكثير من الإصلاح".
وبحسب "كلاي"، فإن الاختلاف الوحيد الملحوظ بين عناق البشر وأقاربنا الرئيسيين هو أنه يبدو أن البشر قد وضعوا المزيد من الرموز الاجتماعية على الأحضان، ليصبح نوعًا من التحية التقليدية أو إيماءة فراق، فالقرود لا تميل إلى فعل ذلك.
 
استغاثـة القـرد الأحمـر
وتشير الدراسات التي أجريت على الرئيسيات إلى أن العناق يعمل على الترابط والطمأنينة والتوازن وتحقيق السلام، ولكن يمكن أن يكون للعناق عدد لا يحصى من نظائره في الحيوانات الأخرى. على سبيل المثال، الخيول تعتني ببعضها البعض، وتكشف الدراسات أن هذا النشاط يقلل من معدل ضربات القلب. ويقول أوريلي: "إذا حددنا وظيفة العناق، فعندئذٍ ، يمكن أن يكون الشكل مختلفًا تمامًا، ربما يكون أقل روعة بالنسبة لنا، لأننا لا نتعرف عليه لكنه يؤدي نفس الدور تمامًا في حياة البشر".