فاطمة ناعوت
ثلاثةُ أشقاء من أبناء مصر الأصلاء، إلى جانب مناصبهم المرموقة في الدولة، وهبوا حياتَهم لمساعدة الأسر المعدمة في صعيد مصرَ وعشوائيات القاهرة. ولا عجبَ وهم سلالة عائلة عريقة تشرّبت القانون وحقوق الإنسان منذ زمن بعيد. هم أبناءُ "عادل رمزي حنا" أشهر محاميّ الصعيد وأحد أعلام القانون في مصر، وأحفاد المحامي الكبير "رمزي حنا" نقيب المحامين بالمنيا لعقدين من الزمان وشيخ محاميّ الصعيد. 
 
المستشار القاضي/ "أمير رمزي"، المحامي وعضو البرلمان المصري/ د. "إيهاب رمزي"، الفنان والكوميديان الجميل/ “هاني رمزي". مناصبهم الرفيعة لم تمنعهم من وهب أوقاتهم وأموالهم من أجل فقراء مصر لرفع مستوى حياتهم ليعيشوا حياة آدمية كريمة، فأنشأوا مؤسسة خيرية منحوها اسم "راعي مصر للتنمية"، مُشهرة بوزارة التضامن الاجتماعي  منذ عام ٢٠١٦. قدمت "راعي مصر" في سنوات قليلة جهودًا مشهودة لمساعدة الدولة في الارتقاء بحال المعدمين والمرضى في مصر. 
 
في رمضان الماضي، قدمت "راعي مصر" ٢٤٢ طن لحوم وكرتونة رمضانية لـ ١٧٣ ألف أسرة فقيرة من أهالي صعيد مصر، فضلا عن بطاطين لـ ٧٠٠٠ أسرة  وملابس جديدة لأطفال مصر في عيد الفطر المبارك وعيد القيامة المجيد. دعمت "راعي مصر" حتى الآن حوالي ٢٠٠٠ طالب في مراحل التعليم المختلفة، و٤٠٠ أرملة ورب أسرة معدم، صِرن وصاروا أصحابَ مشروعات يمتلكون مصدر دخل ثابت لهم ولغيرهم من العاطلين عن العمل. أنشأت "راعي مصر" مشروع "المستشفيات المتنقلة" في سيارات مجهزة بأطباء متخصصين وأجهزة أشعة وتحاليل مجانية، تجوبُ أرجاءَ مصر؛ عالجت حتى الآن أكثر من نصف مليون مريض فقير في ٤٠٠ نجع وعزبة في أفقر قرى الصعيد وأشدها احتياجًا.  بنوا بيوتًا لمئات الأسر التي كانت تعيش دون سقفٍ في عشش من الجريد والصفيح. قدمت "راعي مصر" ما يربو على نصف مليون خدمة مجتمعية  لأكثر من ٣٠٠٠ أسرة معدمة وشيدت أكثر من ٢٠٠٠ بيت، وجهزت حوالي ٢٠٠٠ عروس وفرشت بيوتهن، وأجرت المؤسسة أكثر من ٢٠٠٠ عملية جراحية حرجة ومستعصية.
 
ونظرًا لجهودهم الحقيقية المشهودة في مجال التنمية، تحمّس كثيرٌ من النجوم لدعمهم فأقامت الفنانة الجميلة "ماجدة الرومي" حفلا ضخمًا تبرعت بعائده لمؤسسة "راعي مصر"، ولم تكتف بهذا بل سافرت معهم إلى نجوع الصعيد وقدمت بنفسها ملابسَ العيد للأطفال الفقراء. وكذلك فعل الفنانون: “نانسي عجرم”، و”داليا البحيري”، و”محمود العسيلي” وغيرهم. وتبرع طاقم مسرحية “أبو العربي” بطولة "هاني رمزي" و" داليا "البحيري" و"أحمد فتحي" بعائد إحدى الحفلات لصالح المؤسسة. وأفخرُ أنني شاركتُ "راعي مصر" في زيارة كثير من الأسر المعدمة. ومن خلال  المستشار "أمير رمزي" تعرفتُ على "الست مبسوطة" في سمالوط، والتي صارت صديقتي الشخصية، وكتبتُ عنها مقالا عنوانه: “أغنى امرأة في مصر"، لأن دخلها الشهري كان ٦٧ جنيها، تصرفُ منه على أربعة أبناء مصابين بضمور المخ وزوج قعيد مصاب بالفشل الكلوي، وتتبرع بجزء من دخلها للفقراء. وحين تسألها: “كيف تتبرعين وأنت فقيرة؟" تجيبك بابتسامتها المدهشة ووجهها المليح: “كتير أفقر مني، أنا غنية برضا ربنا.” أليست هذه أغنى امرأة في العالم؟ واليوم صارت "الست مبسوطة" من أبناء "راعي مصر" المستورين. 
 
جهود الدولة وحدها، مهما بلغت، لن تستطيع تغطية احتياجات شعب به ٣٠ مليون شخص تحت خط الفقر، خاصةً في ظل مرحلة التنمية وإعادة البناء التي تقوم بها الدولةُ المصرية الآن في عهد الرئيس السيسي؛ لهذا لابد من العمل التطوعي لإسراع عجلة التنمية. والعمل التطوعي عرفته مصرُ منذ تاريخ طويل، لأنه نتاج تراث تراكمي يعتمد على مفهوم "الخير" الذي اشتهر به المصريون. وتعود بدايات ظهور المنظمات الأهلية في مصر إلى القرن ١٩ حيث نشأت أول جمعية أهلية في مصر عام ١٨٢١ باسم "الجمعية اليونانية" بالإسكندرية،  وبعدها توالي تأسيس الجمعيات الأهلية بعد اعتراف دستور ١٩٢٣ بحق المصريين في التجمع وتكوين جمعيات خيرية للتنمية المجتمعية.
 
تحية احترام للأشقاء الثلاثة (آل رمزي) لما يقدّمون من خير لأبناء مصر، وتحية لكل الشباب المتطوع في مؤسسة "راعي مصر للتنمية"، وتحية احترام لكل متبرع لكل عمل خيري في مصر الطيبة. التبرع لمؤسسة راعي مصر للتنمية" حساب ٦٠٠٦٠٠ بجميع بنوك مصر.  “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحملُ همومَ أبناء الوطن.”
#فاطمةـناعوت