هاني صبري - المحامي
وافق مجلس النواب خلال الجلسة العامة برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي في مجموع مواده علي مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون الصكوك السيادية وأرجأ الموافقة النهائية لجلسة لاحقة.

لو صدر القانون تكون مصر قد دخلت لأول مرة رسمياً سوق التمويل الإسلامي.

وقد جاء في مشروع القانون إن إصدار الصكوك يكون على أساس الأصول التي ستكون مملوكة للدولة ملكية خاصة، وذلك عن طريق بيع حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقبة، أو عن طريق تأجيرها، أو بأي طريق آخر يتفق مع عقد إصدار هذه الصكوك وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، على أن يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديد الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة "ملكية خاصة" التي تصدر على أساسها الصكوك ، وإن الحد الأقصى لمدة تقرير حق الانتفاع بالأصول التي تصدر على أساسها الصكوك أو مدة تأجيرها ثلاثين عامًا ، ويجوز إعادة تأجير هذه الأصول للجهة المصدرة،. وأنه يحظر الحجز أو اتخاذ إجراءات تنفيذية على الأصول التي تصدر على أساسها الصكوك، مع بطلان أي إجراء أو تصرف مخالف لذلك، وتقرير عقوبة جنائية على المخالفين.

* تعريف الصكوك الإسلامية هي أوراق مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية تصدر بضمان مشاريع استثمارية تدر دخلا وتكون ذات أصول ثابتة ، وتكون صكوك الملكية هذه كحصص تمليك أو تأجير أو رهن بأصول هذا المشروع.

وأن الغرض من إصدار الصكوك السيادية وفقاً لمشروع القانون ، زيادة السيولة النقدية في السوق ، وتغطية العجز المالي للحكومات أو المشاريع.
وأنه مع انتشار بنوك المعاملات المالية الإسلامية اشتهرت الصكوك وأصبحت بعض الدول تتعامل بها. فضلاً عن مخاطرها أقل بكثير بالنسبة للمستثمر لأنه يستطيع بيعها لأي طرف ثالث إذا ما استشعر خسارته . فهذه الصكوك هو أوراق مالية قابلة للتداول عالميا،  للحصول على الأرباح.

وتجدر الإشارة هنا إلي توضيح الفرق بين الصكوك الإسلامية وأذونات الخزانة:
أذونات الخزانة هي أوراق دين حكومية تصدر بمدة تتراوح بين 3 -12 شهراً ، تتعامل بفوائد.
أما الصكوك فهي عقد بيع حق الانتفاع أو إيجار لجزء من ملكية المشروع الاستثماري، لا تزيد نسبتها ، بل تزيد قيمتها فقط حسب قيمة المشروع الاستثماري المتعامل عليه في هذه الحالة.
الصكوك يمكن مبادلتها أو بيعها أو تحويلها لأسهم بورصة،، وذلك جوهر اختلافها عن القروض.

 عيوب الصكوك الإسلامية:
١- الصكوك هي عقود ملكية للأصول في أغلبها وعقود تأجير في بعضها، وليس عقود ربح فقط، اذا لم يكن لديك خطة واضحة كيف ستستعيد أصول ملكيتك من الصكوك ، فلن تستطيع اعادة تملك الأصول أو المشاريع محل المسألة.

٢- ليس هناك قيود علي بيع الصكوك من شخص لأخر ، في هذه الحالة كيف تستطيع استرداده.
٣- إذا كانت هذه الصكوك ستغطي تكاليف مشاريع استثمارية أو خدمية ، فلم توضح الحكومة كيف ستحمي الدولة من مشاكل الملاك متعددي الجنسية أو كيفية حمايتها من مشاكل البيع وغيره.

٤- عمليات التصكيك تقلل من هيمنة الجهاز المصرفي المركزي كمزود وحيد للتمويل، لصالح ملاك الصكوك والذين يزيد نفوذهم كلما زادت أعداد وحصص صكوكهم.

٥- في حالك غياب النزاهة والشفافية في كيفية التعامل مع هذه الصكوك يؤدي لنفس مدخلات الفساد التي غطت علي اقتصاد العقود الماضية ، بل أسوأ لأنها ستتم تحت غطاء ديني.

وتعتبر دولة السودان الشقيق أكثر الدول التي تستخدم الصكوك الإسلامية  وهي أوّل دولة تُصدر صكوكا إسلامية عام 2000 ، ولم تنجح هذه التجربة وفشلت فشل ذريع وأصبحت مثقلة بالديون ، والكل يتذكر أنه منذ أيام معدودة كان هناك مؤتمر منعقد في باريس بخصوص إسقاط الديون المتراكمة علي السودان  برعاية فرنسية .

جدير بالذكر إن أول مرة تم طرح فكرة الصكوك الإسلامية بشكل رسمي في مصر كان بواسطة ممثلي حزب النور والحرية والعدالة أمام مجلس الشعب المنحل 2012 ، وقد حال حله دون تمرير المشروع.

في تقديري الشخصي عيوب مشروع إصدار قانون الصكوك السيادية أكثر من فوائده وردة للخلف وقد يضر الاقتصاد المصري، الذي بدأ في التعافي وشهد بذلك كبري المؤسسات المالية في العالم.

فالصكوك الإسلامية باعتبارها تمثل موجودات تحتوى على خليط من النقود والديون والأعيان والمنافع، أو بعض هذه المكونات منفردة ، ونظرا لآليات إصدارها القائمة على صيغ التمويل الإسلامية ، فإنها تتعرض للمخاطر التي تتعرض لها المشروعات الاستثمارية، ولا توجد وسائل للتعامل مع مخاطر الصكوك يحقق العدل لأطراف التعامل وليس تحقيق مغنم لطرف على حساب مغرم لطرف آخر.

فلا مجال لشرعنة المشتقات المالية لإدارة مخاطر الصكوك الإسلامية، فتلك المشتقات تقوم أساسا على الاتجار في المخاطر ، لذلك لابد من الاستفادة من تجارب الآخرين لابتكار أدوات مالية جديدة .

وبناء عليه نناشد مجلس النواب الموقر رفض مشروع هذا القانون، ومطالبة الحكومة بايجاد حلول غير تقليدية تساعد على استقرار الاقتصاد المصري ونموه وعدم اللجوء لهذه الصكوك لزيادة مخاطرها.

ناهيك عن أن مخاطر الصكوك الإسلامية عديدة منها 1- مخاطر الائتمان ترجع هذه النوعية من المخاطر إلى عدم وفاء العميل بالتزاماته التعاقدية كاملة وفي مواعيدها، نتيجة سوء اختيار العميل.

٢- مخاطر السوق التي ترجع لاتجاهات الصعود والنزول التي تطرأ على الأسواق لعوامل اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، سواء أكانت أسواق الأصول الحقيقية، أو الأسواق المالية وهذه المخاطر مرتبطة بطبيعة الصكوك الإسلامية من حيث كونها تمثل حصة شائعة في ملكية أصول، ونظرا لأن الأصول الحقيقية من سلع وخدمات تباع في الأسواق، فإنها قد تتعرض للنقص في قيمتها بفعل عوامل العرض والطلب ، أو غيرها من عوامل السوق منها مخاطر سعر الصرف ، ومخاطر سعر الفائدة ، ومخاطر أسعار الأوراق المالية ، ومخاطر التضخم.

 ٣-مخاطر التشغيل وتنشأ هذه المخاطر نتيجة أخطاء بشرية أو فنية أو حوادث، وتندرج هذه المخاطر تحت المخاطر العامة إذا كانت بفعل عوامل خارجية كالكوارث الطبيعية ، مثل ما تسببه الكوارث أو الحوادث في هلاك الزرع في استثمارات صكوك المزارعة أو هلاك الأصل المؤجر في استثمارات صكوك الإجارة ونحو ذلك وغيرها من المخاطر.