سحر الجعارة
فجأة، فُتح المزاد على السوشيال ميديا، الكل يحاول ركوب التريند بفتح نيران الوطنية المزعومة على حركة «حماس»، أسقط هؤلاء من حساباتهم أن «عاصرى الليمون» قد انتخبوا الإخوان المسلمين لحكم مصر، وأن «حماس» ليست إلا ذراعًا عسكرية للإخوان، نسوا المعزول «مرسى» وهو يرسل المجاهدين إلى سوريا بعد مؤتمر نصرة سوريا.. نسوا ميليشيات «المغير» واعتصامات الإخوان المسلحة.. ومن فروا إلى قطر وتركيا لمعارضة مصر بأقذر الأساليب على الفضائيات!.

لم تعد فلسطين بوابة مصر الشرقية، لا، ولا لها أى اعتبار فى الأمن القومى المصرى، وربما لم تعد مصر الطرف الأصيل فى إحلال عملية السلام فى الشرق الأوسط.. كل ما تذكرونه أن «حماس» قتلت جنودنا من الجيش والشرطة وهم يعلمون أن دم الشهيد «محمد مبروك» فى رقبة زميله فى الشرطة ودم «السادات» فى رقاب «أولاده» من القوات المسلحة: الخيانة لا ملة لها ولا جنسية، والاتجار بالأوطان والقضية الفلسطينية ليس «فيروسا حمساويا».. الخيانة على مر التاريخ العربى سيف مسموم يأتينا من صفوف الحلفاء والإخوة!.

أخرس الرئيس «عبدالفتاح السيسى» كل دعاوى الفرقة وتمزيق جثث شهداء حى الشيخ جراح بالقدس، بعدما شرّدت السلطات الإسرائيلية أهله استمرارا لعملية الاستيطان.. وتزايدت الانتهاكات الإسرائيلية فى المسجد الأقصى، وامتدت المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والمدن الفلسطينية داخل الخط الأخضر، وسقط العديد من الشهداء والجرحى.. وجه الرئيس «السيسي» بالتنسيق مع «الأشقاء الفلسطينيين» فى قطاع غزة بالوقوف على احتياجاتهم وتلبيتها، وبدأت المستشفيات المصرية استقبال الجرحى الفلسطينيين، بعدما أعلنت مصر فتح معبر رفح لاستقبال ضحايا الهجمات الإسرائيلية.

من جهة أخرى، أعلنت جمعية الهلال الأحمر المصرى عن تجهيز الشحنة الثانية من التجهيزات الطبية والإغاثية التى سيتم تقديمها إلى الهلال الأحمر الفلسطينى.

وعلى الصعيد السياسى، طالب السفير «سامح شكرى»، وزير الخارجية، أثناء جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن الدولى عبر تقنية الفيديو كونفرانس لمناقشة التصعيد الأخير للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، بضرورة حل الدولتين، وأنه السبيل الوحيد للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدًا أنه لا يمكن تحقيق السلام دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.. مشيرا إلى ضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار فى الأراضى الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، عاصمتها القدس، مع احترام الوضع القانونى والتاريخى، فى ظل إشراف المملكة الأردنية الهاشمية على المقدسات الإسلامية.

لا يمكن النظر إلى عملية «السلام» باعتبارها علاقة «من طرف واحد»، فقد طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن، بضرورة الوقف الفورى للعمليات العسكرية فى إسرائيل وغزة.

وقال غوتيريش: إنه «مصدوم» بعدد الضحايا بين السكان الفلسطينيين المدنيين، خاصة الأطفال والنساء، جراء الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة. وطالب بالعودة إلى المفاوضات، بهدف إقامة دولتين تتعايشان جنبا إلى جنب فى سلام وأمن، مع الاعتراف المتبادل ببعضهما بعضا، واعتبار القدس عاصمة لكلتا الدولتين.. وشدد على أن تصاعد التوتر حول قطاع غزة قد يؤدى إلى نشوب أزمة أمنية وإنسانية لا يمكن السيطرة عليها فى المنطقة برمتها.

ولا أدرى لماذا يرى العالم كله أن المنطقة كلها مهددة بالدمار، بينما يزايد البعض على فلسطين ويتهم من يدافع عن ضحايا التهجير القسرى والتصفية العرقية بأنه يستغل «الدين»، رغم أن المقدسات الدينية تخص الثلاثة أديان الإبراهيمية، ويختزل الكيان الفلسطينى فى «حماس»!.. رغم أن من تشردوا ومن سقطوا من شهداء وضحايا هم شعب أعزل، المسؤول الوحيد عنه بموجب كل الاتفاقيات الدولية هو «سلطة الاحتلال» وبموجب نفس الاتفاقيات، فما يحدث فى حى «الشيخ جراح» هو جرائم حرب بالمعنى الحرفى للكلمة.. لكن العالم الذى يهيمن على المؤسسات الدولية منحاز لإسرائيل.. لن يعامل «نتنياهو» معاملة البشير!. لقد كشفت أشلاء جثث «الشيخ جراح» أن بين ضلوعنا من يدعى أنه مثقف ينتمى فكريا للغرب، وأنه «متأمرك»، توجهاته صهيونية، ظنا منه أن التشفى والغل والشماتة فى شعب أعزل يسكنه خانة «أرقى من البشر».. وظن أنه مبعوث العناية الإلهية ليثأر لجنودنا.. فإذا بالصفعة تأتيه مدوية، ربما يعرف معنى كلمة «وطن» ويكفّ عن الاتجار بأرواح الشهداء.

s.gaara@almasryalyoum.com
نقلا عن المصرى اليوم