في مثل هذا اليوم 14 مايو1590م..
الانتهاء من بناء قبة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان بارتفاع 133.5 مترًا وذلك خلال حبرية البابا غريغوريوس الثالث عشر ورئاسة المهندس دومنيكو فونتانا.

كاتدرائية القديس بطرس أو بازليك القديس بطرس وتعرف رسميًا باسم بازليك القديس بطرس البابوية (باللاتينية: Basilica Sancti Petri)، كنيسة كبيرة بنيت في أواخر عصر النهضة في القسم الشمالي من روما وتقع اليوم داخل دولة الفاتيكان رسميًا. كاتدرائية القديس بطرس تعتبر أكبر كنيسة داخلية من حيث المساحة، وواحدة من أكثر المواقع قداسةً وتبجيلاً في الكنيسة الكاثوليكية، وقد وصفها عدد من النقاد بأنها "تحتل مكانة بارزة في العالم المسيحي"، وبأنها "أعظم من جميع الكنائس المسيحية الأخرى". بالإضافة إلى وصفها بكونها من الجمال وتناسق الخطوط في الذروة". سبب التبجيل يعود، لأن الكاتدرائية وبحسب التقليد الكاثوليكي تحوي ضريح القديس بطرس، ويقع الضريح مباشرة تحت المذبح الرئيسي للكاتدرائية والذي يسمى "مذبح الاعتراف" أو "المذبح البابوي" أو "مذبح القديس بطرس". القديس بطرس هو أحد التلاميذ الاثني عشر ومن المقربين ليسوع، وبحسب العقائد الكاثوليكية فإن يسوع قد سلّمه زمام إدارة الكنيسة من بعده، وبالتالي كان بطرس البابا الأول للكنيسة الكاثوليكية وكذلك أول أسقف لمدينة روما. تشير البحوث المستقلة التي أجريت بين عامي 1940 و‌1964 خلال حبريات بيوس الثاني عشر و‌يوحنا الثالث والعشرون و‌بولس السادس إلى صحة التقاليد الكاثوليكية بشأن مدفن القديس بطرس؛ ومنذ تشييدها في القرن السابع عشر دفن أغلب البابوات في أضرحة منفصلة على امتداد الكنيسة أو في الصالة التي تقع تحتها، وذلك كإشارة رمزية بوصفهم خلفاء القديس بطرس.

الموقع الذي تشغله الكنيسة، كان محط تبجيل من قبل مسيحيي روما منذ القرون الأولى، وقد ذكر المؤرخ الروماني غايوس في بداية القرن الثاني عن "الضريح المجيد" الذي يبجله المسيحيون في المدينة؛ وبعد إعلان المسيحية كدين رسمي للإمبراطورية الرومانية عمد الإمبراطور قسطنطين إلى تشييد كنيسة فوق المدفن الأصلي سميت "الكنيسة القسطنطينية" نسبة إلى بانيها الإمبراطور. بنيت الكنيسة الأولى بدءًا من العام 320 وبداعي التقادم الزمني من ناحية والثورة الثقافية في عصر النهضة عمد البابوات منذ يوليوس الثاني إلى ترميم ومن ثم بناء الكاتدرائية بشكلها الحالي، وقد أدت الظروف السياسية والاقتصادية من ناحية وبعض العقد الهندسية كطريقة تشييد القبة الكبرى من ناحية ثانية، إلى تأخر إتمام عمليات البناء لما يربو القرن من الزمن. إذ بدأ العمل يوم 18 أبريل 1506 وانتهى في 18 نوفمبر 1626.

يقع المذبح البابوي مباشرة فوق ضريح القديس بطرس، وهو يسمى باسم البابوي، لأن البابا فقط يحق له أن يترأس القداس الإلهي عليه طالما أن هناك بابا، وفي حال شغور المنصب الأول في الكنيسة الكاثوليكية يسمح بالاحتفال به من قبل عميد مجمع الكرادلة؛ ويدعى هذا المذبح أيضًا "مذبح الاعتراف" وذلك رمزًا للقديس بطرس الذي اعترف من خلال موته بالإيمان للعالم أجمع. عند أقدام المذبح البابوي تقع فسحة الاعتراف، وهي عبارة عن منطقة تحت مستوى أرض الكاتدرائية لا سقف لها ومحاطة بسور ذهبي عالي، تحوي المدخل نحو الضريح الأساسي للقديس بطرس، كما تحوي على كوة الثياب الكاردينالية، حيث تحفظ فيها الأردية الحمراء والأرجوانية التي يمنحها البابا للأساقفة والبطاركة كدلالة على الرابط بينهم وبين البابا خليفة بطرس حسب المعتقدات الكاثوليكية. هذه الفسحة يعود بنائها للقرن الثاني أي أنها للفترة ذاتها التي ذكر بها غايوس الضريح المجيد الذي يكرمه المسيحيون في روما، وهي تحوي أيضًا على خمس وتسعين قنديل زيتي دائم الاشتعال، يرمز إلى علاقة الكنيسة بالبابا، ويتم تجديد القناديل في 2 فبراير من كل عام، وهو عيد دخول يسوع إلى الهيكل.

فوق المذبح البابوي تقوم مظلة برنيني، المسماة على اسم صانعها. المظلة عبارة عن أربع أعمدة لولبية هي رمز للإنجليين الأربعة تعلوها قبّة متطاولة يعلوها صليب؛ وفي نهاية كل عمود هناك تمثال لملاك ويبلغ ارتفاع كل عمود 20 مترًا، وقد تم وضع الأعمدة الأربعة على أربع منصات حجرية تحوي شعار البابوية بشكل نافر. مظلة برنيني تنتمي للفن الباروكي، وقد بدأ العمل بها بناءً على طلب البابا أوربان الثامن عام 1623 ودشنها رسميًا في 29 يونيو 1635 وهو اليوم الذي تحتفل به الكنيسة الكاثوليكية بعيد القديس بطرس و‌القديس بولس. استوحى برنيني فكرة الأعمدة الملتوية من الأعمدة التي كان قد جلبها قسطنطين الأول من اليونان إلى روما عندما شيّد الكنيسة القسطنطينية، وقد كساها بمجموعة من الزخارف التي تطابق ما جاء في سفر الملوك الأول لتصميم الهيكل اليهودي في القدس؛ وإلى جانب الخشب فقد أدخل البرونز والذهب في بناء المظلة، وساهم مع برنيني عدد من النحاتين في زخرفتها.

يقع المذبح البابوي في منطقة التقاء ذراعي الصليب في فسحة تشبه الدائرة يعلوه مباشرة القبة وتحيطه الأعمدة الأربعة التي تشكل أساسها، وقد زيّنت هذه الأعمدة الأربعة العريضة، بمجموعة الشرفات والزخرفات وفي نهاية كل عمود أيقونة تظهر أحد الإنجيليين الأربعة، كما وضع في كوّة محفورة داخل كل عامود تمثال: الأول للقديسة هيلانة تحتضن الصليب الحقيقي من تصميم آندريا بولجي، والثاني تمثال للقديس لونجيوس وهو قائد المئة الروماني الذي آمن بيسوع بعد أن سال الدم والماء من جنبه في أعقاب طعن إياه بالحربة للتأكد من موته على الصليب كما هو مذكور في إنجيل يوحنا، ويظهر التثمال القديس لونجيوس ممسكًا بالحربة، وهو من صنع برنيني عام 1639؛ وتمثال للقديس إندراوس شقيق القديس بطرس، وبحسب التاريخ الكنسي فإن إندراوس قد صلب بشكل حرف X، ولذلك يظهر التمثال إندراوس ممسكًا بصليبه، وهو من تصميم فرانسيسكو دكيوسوني؛ أما التمثال الرابع فهو للقديسة فيرونيكا التي مسحت وجه يسوع بمنديلها عندما كان حاملاً صليبه تجاه الجلجثة، وبنتيجة الدم والعرق من وجه يسوع تشكلت على المنديل ما يشبه رسم صورته، والتمثال من تصميم فرانسيسكو موشي. وقد وضعت هذه التماثيل في تجاويف داخل الجدار، وبالقرب من نهاية الرواق، يتموضع تمثال ضخم للقديس بطرس، من تصميم مايكل آنجلو. تحوي كل شرفة على مذبح على اسم التمثال الموضوع أسفل العمود، ويقام القداس الإلهي على هذا المذبح في يوم عيد شفيع المذبح، كما أنه وبحسب تقاليد الكاتدرائية، فإنه خلال الصوم الكبير يتم قراءة الكتاب المقدس من الشرفة التي تعلو تمثالاً معينًا، على سبيل المثال فإن الإنجيل في الأحد الخامس من الصوم يقرأ من الشرفة التي تعلو تمثال القديسة فيرونيكا.!!