سحر الجعارة
ما زلنا نناقش ما طرحه سمو الأمير «محمد بن سلمان»، ولى عهد السعودية، من أفكار هى بمثابة ثورة دينية وفكرية واجتماعية، وإمكانية تطبيقها فى مصر، فى ظل المادة الثانية من الدستور التى جعلت من الأزهر الشريف المرجعية الدينية الأساسية فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية.. لكن الأهم من احتكار الشريعة، والتوكيل الحصرى للحديث باسم الله.. هل الأزهر هو بالفعل طريقنا إلى الجنة؟.. أو بالأحرى: ماذا فعل الأزهر بالمجتمع المصرى؟

إن كل ما يتردد عن وسطية الأزهر واعتداله، وحديث «الطيب» عن أن (مناهج الأزهر التى تربى عليها كبار علمائه لا تعرف إلا التسامح والاعتدال، بدليل أن قادة الإرهاب لم يكن من بينهم أزهرى واحد) هو عملية تجميل لواقع قبيح خرّج لنا كتائب من المتطرفين على رأسهم: (الأب الروحى للإرهاب «عمر عبدالرحمن»، وعبدالله عزام وأبوأسامة المصرى وأبوربيعة زعيم تنظيم القاعدة فى البصرة ومحمد سالم رحال وزعيم «بوكو حرام» النيجيرية.. والقائمة تطول).

والأهم ما الذى تقدمه «جامعة الأزهر» للوطن؟.. لقد طرحت هذا السؤال فى جريدة «الوطن» من قبل، فى مقال بعنوان: (هل تسمح الدولة بجامعة مسيحية)؟

وأشرت فى مقالى إلى أن «التعليم الدينى» هو تعليم عنصرى بالأساس، يهدر مبدأ المواطنة، فإن افترضنا أن «الأزهر الشريف» هو منارة الإسلام.. فهو لم يعد كذلك، بل تحول إلى «مصنع تفريخ للإرهابيين» بفعل محتوى مناهج الأزهر المفخخة بالفتاوى التكفيرية.

ولعل المستشار «أحمد عبده ماهر» أفضل من ناقش «المناهج الأزهرية».. ربما لهذا يحاكم حالياً بتهمة «ازدراء الأديان»، ولأنه «عدو البخارى»، ويتهم «ماهر» الكتب التعليمية فى الأزهر، وبالأخص كتاب «الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع»، وغيرها من الكتب التى تدرس للطلاب بأنها كتب تقود الشباب إلى العنف والعمل المسلح.. ويقول: هذه الكتب تكرس ما سماه «العنف الفقهى المتوارث»، وقد سبق أن كتبت عنها تفصيلاً هنا: هوامش حول: «إضلال الأمَّة بفقه الأئمة»

دعك من ميزانية الجامعة التى بلغت فى موازنة 2018/2019، 945 مليون جنيه، المهم أنها زرعت «متعصب» فى كل الخلايا العصبية للدولة: (التعليم، الطب، الهندسة.. إلخ).. فلم يعد بمقدورنا أن نستنسخ تجربة «بن سلمان» بمراجعة «المناهج الدراسية الأزهرية» لاستبعاد ما يروج منها للتعصب والإرهاب، ولا استبعاد ومحاكمة عدد كبير من المدرسين «يشتبه فى انتمائهم للإخوان» كما فعل سمو الأمير.. لأن القيادات الإخوانية تحاصر فضيلة الإمام شخصياً وهو يستعين بهم ويعتمد عليهم (عباس شومان، عبدالمنعم فؤاد) نموذجاً.

المعادلة الآن كالتالى: إننى كموظفة فى الدولة أمول من ضرائبى «مؤسسة دينية» أصبحت فوق الدستور، تحاصر حرية الفكر والإبداع، وتسجن المفكرين.. وتفرخ لنا «الإرهابيين».. ومهما روجت ثعابينهم الناعمة لغير ذلك لا تصدق أكاذيبهم.

«ألتراس الطيب» فى الشارع أكبر وأقوى من التيار السلفى أو جماهير الأحزاب الدينية، وأخطر على الدولة من الإخوان لأنه يضم «صبيان وشباب وشيوخ» وتتراوح أفكارهم ما بين التعصب لشيخهم وإسلامه الذى تمثل الأحاديث فيه ¾ الدين.. والإرهاب الذى رأيناه فى مظاهرات تأييد الإمام الأكبر بالتزامن مع تعديل الدستور.. وقبله ما رأيناه بأعيننا داخل جامعة الأزهر بعد سقوط الإخوان.

لن يقبل «الطيب» ما طرحه سمو الأمير، لأنه جرح كبرياءه، ولأنه يسحب منه الزعامة الروحية للمسلمين، ولأن ولى عهد السعودية ليس من «الراسخين فى العلم» رغم أن خلفه هيئة لكبار علماء السعودية!.

المقال القادم: نجوم الإصلاح وضحاياه.
نقلا عن الوطن