سليمان شفيق
والشرطة الروسية تعتقل المئات من المعارضة
ردا على وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن لنظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه "قاتل"، أجاب بوتين أمس الخميس على الاتهام الأمريكي قائلا إن "القاتل هو من يصف الآخر بذلك". وبعد المقابلة التي أدلى فيها بايدن بهذا التصريح الأربعاء، باتت موسكو لا تخفي غضبها وتتحدث حتى عن "تدهور" في العلاقات بين البلدين.

"القاتل هو من يصف الآخر بذلك"، هكذا رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نعت نظيره الأمريكي جو بايدن له خلال مقابلة تلفزيونية بأنه "قاتل"، وأضاف بوتين أنه "دائما نرى مواصفاتنا في شخص آخر ونعتقد أنه مثلنا".

وجاءت تصريحات الرئيس الروسي خلال لقاء تلفزيوني ، شدد خلاله على أن بلاده لن تقطع علاقاتها بواشنطن بل ستعمل مع الولايات المتحدة بناء على ما يصب في "مصلحة" بلاده.

تدهور في العلاقات:
ويأتي التصعيد بين واشنطن وموسكو في الوقت الذي يؤكد فيه الطرفان أنهما يريدان العمل معا حول ملفات ذات اهتمام مشترك. لكن بعد المقابلة التي أدلى فيها بايدن بهذا التصريح اول امس الأربعاء، لا تخفي موسكو غضبها وتتحدث حتى عن "تدهور" في العلاقات

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "تصريحات الرئيس الأمريكي سيئة جداً. من الواضح أنه لا يريد تحسين العلاقات مع بلدنا"، مضيفاً "من هذا المبدأ سننطلق من الآن فصاعدا"ً

استدعاء السفير الروسي في واشنطن:
وكانت موسكو أعلنت اعتبارا من الأربعاء استدعاء سفيرها من واشنطن الذي سيغادر السبت لاجراء مشاورات "حول سبل تصحيح العلاقات الروسية-الأمريكية" بحسب ما أعلنت السفارة الروسية في الولايات المتحدة.

وقالت السفارة إن "التصريحات المتهورة لمسؤولين أمريكيين يمكن أن تؤدي إلى انهيار العلاقات التي تشهد خلافا كبيرا أساسا". وقال بيسكوف إن السفير الذي سيبقى في روسيا لعدة أيام سيجتمع إذا لزم الأمر مع بوتين شخصيا.

من جهتها أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أنها لا تعتزم استدعاء ممثلها من موسكو. وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية إن استدعاء سفير هو أمر نادر في الدبلوماسية الروسية مضيفة "لا أذكر أنه تم القيام بمثل هذه الخطوة".

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن رد إيجابا على صحافي سأله ما إذا كان بوتين "قاتلا". وعند توجيه المذيع الشهير جورج ستيفانوبولوس في تلفزيون "إيه بي سي" الأمريكي خلال حوار الأربعاء سؤالا مباشرا لبايدن إن كان يعتبر أن الرئيس الروسي "قاتل"، أجاب الرئيس الأمريكي "نعم أعتقد ذلك".

ثم في المقابلة نفسها قال إن بوتين سيدفع "ثمن" التدخل في الانتخابات الأمريكية عامي 2016 و2020. ونفت موسكو على الدوام هذه الاتهامات.

اعتقالات معارضين روس :
تزامن مع ذلك داهمت الشرطة الروسية منتدى للمعارضة وأوقفت نحو مئتي شخص بينهم نشطاء سياسيون وأعضاء مجالس بلدية. وقالت الشرطة إن عددا كبيرا من المشاركين في المؤتمر لم يكونوا يرتدون كمامات وأن عددا من المعتقلين أعضاء في منظمة "غير مرغوب بها". واعتبرت المعارضة الخطوة جزءا من حملة ترهيب تخوضها السلطات الروسية قبل أشهر من موعد الانتخابات البلدية والبرلمانية.. وذلك في توقيت تقود فيه السلطات حملة قمع مشددة ضد معارضي الكرملين قبل أشهر من موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في سبتمبر القادم.

وتأتي عملية الدهم التي استهدفت مؤتمرا كانت تقيمه المعارضة تحضيرا للانتخابات البرلمانية المقبلة بعدما حكم على ألكسي نافالني، أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالحبس لمدة عامين ونصف العام، وتوقيف أكثر من عشرة آلاف متظاهر في مختلف أنحاء البلاد.

وغالبا ما تعمد الشرطة الروسية إلى تفريق احتجاجات المعارضة، إلا أن توقيف أعضاء في المجالس البلدية خلال مؤتمر في موسكو يعد خطوة غير مسبوقة.

وشاركت شخصيات من أكثر من خمسين منطقة روسية في المنتدى الذي عقد في فندق بشمال موسكو، تحضيرا للانتخابات الإقليمية والمحلية المقررة في سبتمبر، والذي أقامته منظمة "الديمقراطيون الموحدون" المدعومة من المعارض ميخائيل خودوركوفسكي.

وبعد مرور نحو أربعين دقيقة على انطلاق المؤتمر نفذت الشرطة عملية دهم واعتقلت عددا من المشاركين. وجاء في تغريدة أطلقها خودوركوفسكي أنه "تم اعتقال كل المشاركين في منتدى أعضاء البلديات في موسكو"، واصفا الأمر بأنه "مخالف للدستور".

ومن بين المعتقلين شخصيات معارضة بارزة على غرار إيليا ياشين، وفلاديمير كارا-مورزا، ويوليا غاليامينا، ويفغيني روزمان، وأندري بيفوفاروف. كما تم اعتقال عدد من الصحافيين. وجاء في تعليق نشره ياشين على فيس بوك "نهاية ذات رمزية كبيرة لمنتدى قصير الأمد: أعضاء مجالس بلدية في حافلات الشرطة، وشرطيون ملثمون يلوون أذرع الناس".

منظمة غير مرغوب فيها:
من جهتها، أعلنت شرطة موسكو في بيان أنه تم اعتقال نحو مئتي شخص. وأوضحت الشرطة أن مشاركين كثرا في المنتدى لم يضعوا كمامات، وأن بعضا من الموقوفين هم أعضاء في منظمة سبق أن أعلن أن عملها "غير مرغوب فيه".

وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية من داخل مركز للشرطة قال بيفوفاروف إن المشاركين في المنتدى اعتقلوا لأن السلطات تعتقد أن المؤتمر من تنظيم "روسيا المفتوحة"، وهي حركة أسسها خودوركوفسكي تعتبرها السلطات "منظمة غير مرغوب فيها".

وعلى غرار "روسيا المفتوحة"، تتبع منظمة "الديمقراطيون المتحدون" التي أقامت المنتدى، لخودوركوفسكي، وفق بيفوفاروف. وأشار إلى أن السلطات كانت تبحث على ما يبدو عن ذريعة لوقف منتدى المعارضة.

أطلق بيفوفاروف تغريدة قال فيها إن الشرطة أخبرته أنها تتعرض لضغوط لقمع معارضي الكرملين. وقال بيفوفاروف "الشرطيون يسخرون مما يفعلونه".

ومنظمة "روسيا المفتوحة" التابعة لخودوركوفسكي محظورة في روسيا منذ العام 2017 بموجب قانون مثير للجدل يستهدف أنشطة مجموعات أجنبية متهمة بالتدخل في السياسة الروسية، (المقصود بها امريكا ).
ويقيم خودوركوفسكي في المنفى، وكان يملك شركة النفط العملاقة "يوكوس" قبل إدانته في قضيتين مثيرتين للجدل وقضائه عشر سنوات في السجن.

في روسيا العمل السياسي جريمة :
واتهم فريق المعارض الروسي البارز ألكسي نافالني السلطات بالسعي إلى ترهيب المعارضة قبل موعد الانتخابات البرلمانية.

وجاء في منشور للفريق على إنستاغرام أن "سبب إلغاء المنتدى واضح: السلطات تخشى من أي منافسة خلال الانتخابات وترهب معارضيها". وأضاف "أن شعبية روسيا الموحدة (الحزب الحاكم) في أدنى مستوياتها، وسيصبح الفوز في الانتخابات، ولو تم تزويرها، أكثر صعوبة".

ويتهم معارضو الكرملين بوتين بمواصلة تشديد الضغوط على المعارضين منذ أن تولى السلطة قبل عقدين، وبتهميش المعارضة وبإحكام السيطرة على كل شيء في روسيا من محطات التلفزة وصولا إلى البرلمان.

واعتبر مراقبون أن توقيفات أعضاء المجالس البلدية يمكن أن يشكل فصلا جديدا من حملة القمع التي تمارسها السلطات ضد المعارضين.

وجاء في تغريدة أطلقها كيريل مارتينوف المحرر السياسي في صحيفة "نوفايا غازيتا"، أبرز الصحف الروسية المستقلة، أن "العمل السياسي في روسيا هو جريمة، بات الأمر رسميا".

وهكذا يحاول بايدن الخرود من ازمة ترامب واتهاماته الشهيرة بحملة اعلامية ضد روسيا ، ويحاول بوتين التصدي للولايات المتحدة باعتقال المعارضين المتهمين من ثبل نظامة بالتحالف مع الغرب والولايات المتحدة .