فيفيان سمير
وقفت تنظر نهار يوم جديد، لا يختلف في تفاصيله عن باقي أيام حياتها الرتيبة، الخاوية، بعد ان كبر الأبناء ورحلوا إلى بلاد الغربة، بحثا عن الرزق والاستقرار. 
 
نعم اليوم يوم عيد، لكن عيدها مؤجل إلى يوم أن تراهم مجتمعين حولها، ولو لأخر مرة قبل رحيلها عن هذه الدنيا. 
 
تمارس عادتها اليومية، في تأمل صور أبنائها وأحفادها. تتحدث إليهم، فخورة متباهية حينا ومعاتبة حزينة أحيانا. هم كنزها الذي ادخرته لأيام المشيب، لكنه تبدد في غياهب الخزلان. 
 
جلست على مقعدها الوثير، لا تستطيع ايقاف نهر دموعها الجاري. خفقات قلبها تكاد تصل اذانهم عبر بحار ومحيطات، ممسكة بهاتفها في احضانها، فهو سبيلها الوحيد إليهم، وكلما دق يخطف قلبها، الذي ينكسر بخيبة الأمل، ويعاود الانكسار مع كل اتصال خارج امالها.
 
دق جرس الباب، قامت متثاقلة لتفتح، وإذا بها تفتح بابا للجنة. ابنائها جميعهم واحفادها، لا تصدق، تكاد ان تسقط من الفرحة. تلتقطها يد ابنها الأكبر واحضان الجميع. تتحسسهم، تقبلهم، وتعود تحتضنهم. تبكي وتضحك، لا تدري ماذا تقول او تفعل، هي فقط فَرِحة. تقفز بينهم كالفراشة، وقد عاد بها العمر إلى شبابه. مازالت غير مصدقة أنهم هنا، لكنها تعيش اسعد لحظاتها، هي فقط سعيدة.  
 
صوت جرس الباب أيقظها من غفوتها، واخرجها من حلمها، الذي اعتادت الهروب اليه في كل مناسبة، ويحلو لها الاستغراق فيه، حين يستبد بها الشوق إليهم، كأنه قطعة سكر تذوب ببطيء في فمها المملوء بالمرار. تبا لمن كان بالباب أي ان كان. 
 
يا حلمـي الذي احتضنــه ليل نهــــار 
باشتيــاق يأكلنــي كلهيـــب نـــــــار 
العمر ينتهي تحت اقدام الانتظــــار 
لكن الأمل يتجدد قد تستجيب الأقدار 
 
فتحت الباب وجمدت في مكانها. امازالت تحلم؟ ام فقدت عقلها؟ ترى الحلم وهي يقظة؟ ينادونها يحتضنونها يغرقونها بالقبلات. يتجاذبونها وهي غائبة عن الوعي. لا تدري اهذه حقيقة، ام ذاب الخيط ما بين الحقيقة والخيال.