مدحت بشاي
لقد أصبح محور الإرهاب شاغلًا مُهمًا لصُناع الدراما، يكاد لا يخلو عمل درامى من الإشاره إليه، وأراها ظاهرة إيجابية على كل حال، فقد بتنا في حالة احتياج هائل لرفع درجة الوعى لدى الناس، بعد أن صار الإرهاب بمثابة فيروس وبائى ينتشر ويتحور وتتبدل أشكاله وأغراضه ومخاطره كل يوم، مما يستلزم الاستعداد والجاهزية بمعالجات وقائية دفاعية كشكل من أشكال التحصين لعقول الناس، وأرى أن التحدى الوحيد أمام نجاح تلك الأعمال في الوصول بهدفها للناس هو أن يكون الكاتب والصانع مهموما بالقضية ولا يكتبها أو يصنعها لأنها فقط موضة وللتماهى مع متطلبات الواقع.

كما أرى كذلك أن الدراما لا يمكنها أن تغير أو تعالج قضية مثل قضية الإرهاب وحدها، دون وجود مشروع مجتمعى وطنى كبير، كمظلة كبيرة تحتشد حوله وتحت مظلته كل قوى المجتمع لإرسال رسائله ودعم الإيمان بالأفكار التي يطرحها. وأرى كمواطن أن تحريك عجلة الإنتاج في المجتمع وازدهار البناء والعمل الجماعى وإعمال الفكر العلمى (وهو ما تنشغل به الحكومة حاليًا وتحقق في إطاره نجاحات مشهودًا لها) يمكن أن يكون له تأثير أسرع من الدراما في حل مشكلة الارهاب، حيث العقول الجائعة فكريًا ومعرفيًا لا يمكن أن تتلقى رسائل الفن وتتفاعل مع فحواها بالشكل الذي نأمله، ولكن هذا لا يقلل من أهمية ودور الدراما وكل وسائط القوى الناعمة في حربنا ومقاومتنا لوباء التخلف الإخوانى ومواجهة كل التيارات الظلامية.

لقد حاولت جماعة الخونة الكاذبة، عبر آلتها الإعلامية، الترويج وإشاعة أن أجهزة الدولة الأمنية والتنفيذية قد بدت في صورة القاتل، بينما العكس هو الصحيح، فالدولة بأجهزتها كانت بصدد مواجهة اشتعال حرب أهلية أدخلنا الإخوان المتحالفون مع تنظيمات متطرفة في نفقها، وقاتلوا من أجلها، وبرغم الدماء التي أحلّها التنظيم، إلا أنه سوّق خلافها عبر إعلامه الغبى، وهنا بدت أهمية دراما «الاختيار» في رسم الصورة الحقيقية للحوادث عبر مشاهد حقيقية، وأخرى تم إعدادها بكل صدق وحرفية.

لقد جاء في تصريحات وزير النقل، حول أسباب حوادث القطارات الأخيرة، وتراجع دور هيئة السكك الحديدية في التعامل مع أسبابها، إعلانه عن وجود عناصر متطرفة، لا تريد لمصر الأمن والأمان والسلام. وطالب الوزير بتعديل قانون الخدمة المدنية لتمكينه من فصل بعض الفئات من العاملين بالسكة الحديد، الذين يهددون العمل بالمرفق ويمثلون خطرًا على سلامة المواطنين. وأضاف الوزير: «لقد ثبت أنَّ هناك 162 موجودين بالسكة الحديد من جماعة الإخوان الإرهابية، وكلما طلبنا نقلهم لوزارة أخرى ترفض تلك الوزارة، لذلك طالبنا بتشريع لاستبعاد العناصر المتطرفة، فالقانون الحالى لا يسمح».

إن تصريحات الوزير على هذا النحو الصريح والمحدد، بذكر الأعداد بدقة، تعنى بوضوح وقوع جرائم محددة تم كشفها، والتحقيق مع مرتكبيها في نطاق إدارة عمل له علاقة مباشرة بأمن وسلامة وحياة مستخدمى قطارات الهيئة، وتعريضهم للترويع والإصابات والموت، وأعتقد أن الأمر لا يحتمل انتظار تشريعات في ظروف دولة تعيش زمن حرب مع أوبئة الإرهاب و«كورونا»، وانتشار الخونة الموتورين في الداخل والخارج!!. إنهم بيننا ينفثون شرورهم وأحقادهم وأفكارهم البالية، في المدارس والمستشفيات والنقابات والنوادى، والمصانع ومواقع إنتاج وتشغيل المد الكهربائى والغاز، والاتصالات والمساجد والإدارات الحكومية، وغيرها الكثير من المواقع التي تمدنا بأسباب الحياة والعمل والإنتاج والرزق والإبداع.

فهل ننتظر اجتماعًا عاجلًا للمجلس القومى لمكافحة الإرهاب؛ ليدعو بدوره كل أجهزة الدولة المعنية أن تقرر لنا: ماذا نحن فاعلون بشأن هؤلاء، بعد أن باتوا آباء وأمهات وأبناء عمومة وأجدادًا لأجيال قادمة، يورثونهم الكفر بكل آيات الحياة والحب والجمال والإبداع والفرح والسلام؟.. أم نكتفى بإنتاج «الاختيار 2» و3 و4 و5؟.

Medhatbe9@gmail.com
نقلا عن المصرى اليوم