كتب – محرر الأقباط متحدون أ. م
 
أكد الأزهر الشريف في أحدث فتاويه أن التحرش سلوك عدواني منافي لكل قيم الدين والإنسانية ويستوجب العلاج الحاسم.
 
وتابع، إن الإسلام سعى بمنظومته التشريعية والقيمية لإقامة مجتمع فاضل، تسوده قيم العفّة والطّهارة، وتظلّه شجرة الأخلاق الوارفة، مجتمع يتجنب الموبقات الأخلاقية، والسلوكيات الخاطئة التي تضرّ بالفرد والمجتمع على السّواء.
 
وكان من أجلّ القيم التي دعا إليها الإسلام، وحثّ عليها النبي قيمة احترام الإنسان لأخيه الإنسان، وحرمة الإساءة إليه بقولٍ أو فعل؛ فلكل إنسان حرمة يجب ألا يتعدّاها أحد؛ بل وجعل حفظ عرضه ضمن أصول خمسة جاءت شريعته الغراء لصيانتها وحمايتها، وجعلت عقوبة منتهكيه قاسيةً، ولو كان التعدّي عليه بكلمة كاذبة.
 
وإن نظرةً واحدةً إلى الواقع لتضع يد الناظر على جرحٍ كبيرٍ ينافي من كلّ جهةٍ ما شرعه الإسلام في منظوماته التشريعية والقيمية والإنسانية، ويستوجب العلاج الحاسم، وهو التحرّش الجنسيّ.
 
هذا السّعار المحموم المذموم الذي بات ينتشر في كثيرٍ من المجتمعات الواقعية والإلكترونية، ويبعث الألم في النفوس، ويبثّ الحزن في القلوب، والذي يبدأ من النظرات الجريئة، مرورًا بالتعبيرات التي تحمل النوايا الجنسية الخبيثة غير الطيبة، والملاحقة، وكلمات المعاكسات في الشوارع والهواتف، وانتهاءً بالإشارات بل والأفعال غير المرغوب فيها.
 
وإنها والله لظاهرة سيئة، كريهة، منافية للإنسانية، والسّلام، والمروءة، وكمال الرجولة، ولكل قيم الإسلام الذي أمر المسلم بغضّ بصره، وحرّم عليه إطلاقه وتتابعه وتصعيده؛ الأمر الذي يدل على تحريم بل وتجريم ما فوق ذلك من ألوان الإيذاء والاعتداء البدني أو النفسي؛ حتى تسير المرأة حيثما تسير وهي آمنة على نفسها، مصونة عن كل ما يجرح شعورها.
 
ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إذ يبيّن شناعة هذه الجريمة يقدّم بين يدي كلّ إنسانٍ من واقع مسئوليّته الشّخصيّة أو العامّة إجراءاتٍ وتوصيّاتٍ تحدّ من هذه الظاهرة البغيضة، منها:
 
(1) تدعيم الفتيات حين المطالبة بحقهنّ، والقصاص من المتحرش المعتدي عليهنّ؛ لا النّيل منهنّ، أو الاستخفاف بآلامهنّ وآلام أسرهنّ.
 
(2) إيجابية الفرد تجاه ما يحدث في مجتمعه؛ فالسلبية تجاه المتحرش ممقوتةٌ، والواجب منعه وتسليمه للشرطة لاتّخاذ الإجراءات القانونية ضدّه.
 
(3) تفعيل قوانين ردع المتحرّشين، والدّاعين لجريمة التّحرش بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال تزيينها في أعين الشّباب بالسّلوك أو القول أو العمل؛ سواء أكان ذلك في الواقع الحقيقي، أو الإلكتروني الافتراضي.
 
(4) ضرورة تكاتف المؤسسات والمصالح والوزارات والمنظمات لأداء دورٍ توعويّ متكامل -كلٌ في نطاقه- يحذّر من أضرار هذه الظاهرة وأخطارها، ويحدّ منها ويجابهها، ويواجه أسباب وجودها.
 
(5) ضرورة قيام الأسرة -وهي نواة المجتمع وأساسه- بدورها التربويّ، وتنشئة أبنائها على العفة والمروءة، ومتابعتهم وملاحظة سلوكهم وتصرفاتهم.
 
(6) تقوية الوازع الدينيّ لدى النشء، وتعريفهم تعاليم الإسلام وأخلاقه، وصفات الحق عزّ وجلّ؛ حتى يراقبوه في تصرفاتهم كلّها، ومسئولية هذا الدور مشتركةٌ بين الأسرة والمسجد والمدرسة والإعلام.
 
(7) تعظيم قيم احترام انسانية الناس وآدميتهم، وغضّ البصر، والمروءة، والشّهامة، والعفاف في نفوس الصّغار، والكبار.
 
(8) التعاون على صناعة وعيٍ مجتمعيٍّ يدعو إلى كريم الأخلاق، ويصحح المفاهيم؛ حتى يعلم الأولاد أنّ التحرش لا يدل على رجولةٍ أو شجاعةٍ، وإنما يدلّ على انعدام المروءة، وانحراف السّلوك، وانهيار الأخلاق.