بعد ساعات من إعلان كرم الله أوغلو رئيس حزب السعادة التركي المعارض، لقاء وفد من جماعة الإخوان المقيمين في إسطنبول، وهو ما وُصف بأنه "انقلاب إخواني" على الرئيس رجب طيب أردوغان، سارعت الجماعة لإصدار بيان لتصحيح صورتها وأكدت على لسان مرشدها العام إبراهيم منير "احترامها للدستور والقانون وتقديرها للرئيس التركي، وأيضا حرصها على استقرار الوضع السياسي داخل البلاد".
 
 
لكن مراقبين أكدوا أن بيان الجماعة يعكس "سوء النية"، وأنها، وهي تحاول نفي التهمة عن نفسها، كشفت عن محاولة منظمة للضغط على الحكومة التركية التي تسير بخطى متسارعة نحو التقارب مع مصر، مستجيبة لشروط القاهرة بإغلاق الإعلام الإخواني وتسليم المطلوبين لدى جهات القضاء من المقيمين على أراضيها.
 

أردوغان لم يعد حليفا

 

ويقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي طارق أبو السعد، أن اللقاء بين الإخوان وحزب السعادة كان هدفه إعادة ترتيب أوضاع العناصر التنظيمية المتواجدة على الأراضي التركية، مشيرا إلى أن "الإخوان تفكيرهم نفعي. ليس لهم حليف دائم، لكن حسب المصلحة ومن يقدمها لهم".
 
وأوضح أبو السعد في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن أردوغان الذي كان حليفا قويا للتنظيم "لم يعد معهم، وأصبح على الضفة الأخرى، يسعى إلى التواصل والتقارب مع مصر، ولا يمانع في إغلاق المنصات الإعلامية الإخوانية، كما لا يرفض تسليم المطلوبين، وتجاهل وضع الإخوان ضمن المناقشات التفاوضية مع القاهرة وهو أمر يزعج التنظيم بشكل كبير".
 
 
تركيا تطلع برا.. وسم يناهض الإخوان​ يتصدر ليبيا​
تركيا تطلع برا.. وسم يناهض الإخوان​ يتصدر ليبيا​
 

البحث عن بدائل

 

ويرى الباحث المصري أن "الجماعة تحاول في الوقت الراهن إيجاد حلفاء جدد بدلا من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بعد الخطوات التي بدأتها للتقارب مع مصر، واستجابة أردوغان لمطالب القاهرة"، مشيرا إلى أن "تركيا قدمت الإخوان كقربان لإعادة العلاقات مع مصر".
 
وأضاف أبو السعد أن اللقاء "تم في إطار البحث عن حليف، لكن حزب السعادة لا يمثل بديلا قويا لأنه لا يحظى بتأثير كبير، إلا أنه يمكن استغلاله للمساعدة في تهريب بعض القيادات المطلوبة إلى خارج تركيا لتفادي تسليمهم للقاهرة".
 
وأوضح أبو السعد أن "الإخوان على علاقة وثيقة بنجم الدين أربكان، وهو مؤسس الحالة الإسلامية السياسية والحزبية في تركيا، وإن كان ليس امتدادا تنظيميا للإخوان لكنه يعتبر امتدادا فكريا، وكل الأحزاب الإسلامية الموجودة أسسها أربكان، بداية من حزب الفضيلة الذي هو امتداد لحزب الرفاه الذي خرج منه حزب السعادة".
 
خطاب نهاية الخدمة
 
ووصف أبو السعد البيان الصادر عن إبراهيم منير بأنه "بيان نهاية الخدمة"، بكل ما حمله من عبارات شكر وتقدير للحكومة التركية على استضافتها لعناصر الجماعة وتقديم الدعم والمساندة لهم على مدار السنوات الماضية، لكن "وراءه الكثير من المشكلات والخلافات بين جماعة الإخوان وأردوغان وحكومته التي باتت تدرك خطر استمرار تواجد الإخوان على أراضيها"، مشيرا إلى أن "البيان كان أقرب لمحاولة التهدئة واستعطاف الحكومة والتذكير بمواقفها الداعمة للتنظيم خلال السنوات الأخيرة".
وأكد الباحث المصري أن لقاء قيادات الإخوان بمن يمكن وصفهم بأعداء الرئيس التركي من المعارضة "أثار بالطبع حفيظة أردوغان ودفعه إلى عدة قرارات"، موضحا أن "الأيام المقبلة ستشهد تضييقات جديدة على التنظيم، والبيان مجرد محاولة لتفاديها".
 
وشدد أبو السعد على أن "ما يحدث دليل دامغ على انتهازية الإخوان. هم اعتادوا الخيانة. في البداية خانوا وطنهم مصر ولجأوا لأردوغان من أجل الدعم والحماية، واليوم هم يلجأون لمعارضيه لحمايتهم منه".
 
وكانت مصادر أوضحت لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن عددا من قيادات التنظيم المحسوبين على تيار الأمين العام السابق القيادي محمود حسين، وأبرزهم عضوا مجلس شورى التنظيم همام علي يوسف ومدحت الحداد، حضروا الاجتماع مع رئيس حزب السعادة التركي قبل أيام.
 

قبل اللقاء المرتقب

 

وأوضحت المصادر أن "التنظيم يحاول الضغط على النظام التركي قبيل الاجتماع المزمع عقده في القاهرة بين مسؤولين في أجهزة الأمن والاستخبارات بين البلدين مطلع مايو المقبل"، بهدف وضع "المصالحة مع التنظيم كأحد بنود التفاوض"، والتراجع عن قرار تسليم قيادات الجماعة المطلوبين لدى القضاء المصري.
 
ووفق معلومات حصل عليها موقع "سكاي نيوز عربية"، يأتي لقاء التنظيم مع الحزب المعارض لأردوغان بعد أيام من رفض ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي ومسؤول ملف الإخوان، لقاء عدد من قيادات التنظيم مرات عدة.
 

‏‎وأوضحت المصادر، أن محمود حسين أحد أبرز قيادات الإخوان المقيمين في تركيا، حاول التواصل مع أقطاي قبل أيام لبحث وضع عناصر التنظيم ومناشدته عدم تسليم المطلوبين للقاهرة، أو السماح لهم بمغادرة تركيا من دون عوائق، لكن مستشار أردوغان طلب تأجيل المحادثات ولم يبلغ قيادات التنظيم ردا واضحا.