الطارمية بغدر ...تزّف للوطن...شهداء حزن الاعياد
هل ان الانامل تكتب؟ ام أزرارالكي بورد؟ ام خلايا الدماغ.. تأمر وأكره تسطير الآلية... لان ثقل الحزن ينوء بكاهلي... رسم ليوناردو دافنتشي للعالم، الموناليزا وابتسامتها الساحرة ببراعة.. هل انا بارع مثله بإن أريكم  رسم إبتسامة الحزن العراقية على الشهداء الذين سقطوا يوم امس في الطارمية؟ قد أرسم بعض ملامح اللوحة! ولكنها ,غير مؤطرة! كيف يحتويها إطار! والحزن ريح عاتية تهبّ كل يوم على لوحة الشعب الصابر المسكين! حزن غير مؤطر! انا لاأملك لافرشاة  ولا لوحة أصباغ...لان الحزن قطّع اناملي! ولان الدموع بهطولها لاترسم كل أبهّة الحزن الشاهق في المآقي! ماذا أفعل؟ الصمت؟ كيف أصمت وهناك أم فرحِت ان ولدها تخرّج ضابطا.. قبل اسابيع...وهذا اول إلتحاق له بالمهمة... بعد عناء تدرجّي دراسي معروف..  إن الاقدار وضعته في منطقة إسمها الطارمية يسكنها شعب عراقي أصيل! وإذا بلحظة تنتقل هذه الروح الطاهرة الى بارئها.. وهي لم تر بعد سعادة الرتبة ! نعم رأت بكاء عين الام فرحا بها! الان تغيّر طعم الدمع! من فرح الى تَرح! الان.. الام التي ترمي الماء عند وداع المسافر للموت أو حتى للنزهة ستحتفظ الى الابد بالآناء الذي كانت ترمي به الماء.. فلن يعود غائبها للابد ولن تعود بسمته ووداعته وستفتقد إحتضانه! وستبقى ملابسه وغرفته في كل حجر باك في الدار!
محمود.. الملازم من الدورة  العراقية109... من احد شهداء غدر البعث! لاتذهب أفكاركم بعيدا.. البعث هنا في العراق هو داعش... بكل الصيغ الاجرامية المتفننة في القتل الذي لايمكن حتى لهوليوود بالخيال العلمي توصيفه.. ارتدى فقط الزي الاسلامي الكاذب خادعا الشيطان ومخادعا نفسه! محمود احد شهداء الطارمية يوم امس.. مع الكوكبة التي اعتذر جدا عن سرد بطولاتها...وذكرياتها.. ففي العراق أعمق الحزن هو الحزن قبل الاعيادّ ...انت تلهم الام والاب والزوجة والابن اليتيم.. أن يصبروا! لن تتوقف الدموع وسيولها .. في العراق... ولكن أقسى الحزن هو حزن الاعياد..تلك ترنيمة الالم العراقي... فالعيد في كل الاوطان فرصة للفرح المجاني الشاهق.. وللسرور النزر.. وإذا بلحظة تغادر كوكب الزمن... تجد أبوك او امك او اخوك أو بنتك بل وحتى صديقك يغادر بتراجيديا الى الابد..وانت ترسم بخيالك مجيء العيد فقط لتسمع نغمة.. فرح يتيم..... وتقول مع الراحل فؤاد سالم... باللهجة المحلية العراقية...(إجه العيد .. وماإجيتْ! وهم إجِه وماجابْ روحي... عايش بلاروح.... من يوم المشيت!!!!)
ودعّونه... وكالوا إسبوع ونرّد لعيونكم... وفاركونه.. وكالوا الدنيا غريبة بدونكم!
وإحنه بين الراح والجاي إنتظار! يكضي وحشَة الليل! وشيكضي النهار!
ودعونه .. ومن بعدهم ... عشنه بدروب البريد!! ننتظر منهم رسالة!لوبطاقة بيوم عيد!!ولكن الموتى الاحبّة.. لايبعثون رسائل! فقط صمتهم وغيابهم.. رسالة الدموع!
لقطتان لام محمود.. لن تنساها لاالدموع ولاالاحزان ولا كل  ترنيمات موسيقى الترح في العالم.. قامت بنفسها بتلبيسه الرتبة العسكرية بعد تخرجه! وصوّرتها كاميرات الاحبة.. ولان هناك قفزة للثقة في الماء للضباط عند تخرجهم.. كانت ام محمود حاضرة القفزة مع كل العوائل.. وعندما خرج أبنها من الماء نشرت عبائتها العراقية منتشية.. محلّقة كفراّشة جذلى بين زهور وهي تقول.. البحر المايتكيش كيش بيه محمود! وهي متلازمة شعبية عراقية عن البطولة! والفديو ايضا موجود في  محاجرالمآقي الآن الغائبة في تيه الالم!
بين لحظة وهجمة لحظة..أرتدتْ أم محمود...الملازم الذي لم يفرح برتبته..، السواد! وعند أمهاتنا العراقيات.. يبقى الملبس السوداوي يرافقهنْ حتى الموت! وإذا أستجابتْ للضغوط الإجتماعية.. وخلعتْ ملابس السواد، فسيبقى الترح في شفاهها وقلبها وكبدها وأجفانها وأحداقها حتى الموت!
لن تفرح ام محمود بعد الان بمقدمه لهم! لن تعانقه! لن تحتار بمراسيم زواجه!  لن تفارق غرفته.. ولن تنسى إعداد ملابسه..ولن ولن ولن.. فقد قتل الموت الغادر كل الاحلام والخيال ورسوم التمنّي بحياة كريمة في الوطن الذبيح!
هذه المنطقة الطارمية.. خطرة جدا ... البعث  فيها يصول ويجول يرتدى زي خديعة الناس..بتسمية داعش.. وكان يجب على الاهالي الكرام التعاون الكبير مع القوات الامنية! نحتاج ان يتعزز هناك الوجود العسكري ونحتاج وجود الحشد الشعبي لمؤازرة إخوانهم والاقتصاص من القتلة.... نحتاج دورا لطيران الجيش والاستمكان..إحرقوا الارض التي تأويهم..وأقطعو وصال الذين يمدوهم باللوجستيات والمعلومات..لاترحموهم أبدا.. دماء أبطالنا شهقت للخلود.. ومن حق عيد الفطر ان يحزن مع الاهالي...فقد أقتنص الغدر أرواحا طهور...لن تفرح بالعيد ، الامهات.... هن أول الاوطان...  وهن إخر المنافي ..هن عبق الوطن وعطره...وهن أقسى القادرات على تحمّل حزن الفراق..اعانّهن الله ولهم الصبر والسلوان.
عزيز الحافظ