د. مينا ملاك عازر
لكي ندرك إجابة سؤال عنوان المقال، علينا العودة لذلك التباين الواضح بين ما تحدث عنه بالوصف الرئيس السيسي لنهر النيل وما وتحدثت عنه بالوصف وثيقة إعلان المبادئ التي وقعت بالخرطوم ذلك التباين الذي يبدو لفظيا وغير مهم لكننا الآن بصدد رصد عمق المسألة، وعمق التخطيط الإثيوبي، وكيف وصلنا لما نحن عليه؟ ولماذا نحن نعاني؟ وكيف يكشف لفظ واحد رؤية إثيوبيا للمفاوضات؟ وكيف كانت نيتها سيئة في حين افتقر المفاوض المناظر لها القدرة على استيعاب خطتها للأسف.
 
تحدث الرئيس السيسي عن نهر النيل باعتباره نهر دولي، في حين أن ديباجة وثيقة إعلان المبادئ، غيرت تصنيف نهر النيل من نهر دولي، إلى نهر عابر للحدود  for their over-border water sources !.
 
  الموقف المصري الآن والذى يمكن تلخيصه في الاتي:
اولاً: حوض النهر الدولي يعتبر وحدة هيدرولوجية واحدة لا يجوز تقسيمه في حين أن حوض النهر العابر للحدود يعتبر بحيرة تابعة لدولة المنبع، وهو ما جعل إثيوبيا تعلن بعد المليء الأول، أن نهر النيل أصبح بحيرة إثيوبية.
 
ثانياً : في حالة النهر الدولي، تكون المياه مياه مشتركة مياه دولية، وفى هذه الحالة، لا سيادة لإثيوبيا عليها، سوى على مواردها المائية الداخلية، عما يتدفق في الروافد من المياه الدولية، في حين أن الموارد المائية لدولة المنبع في الأنهار العابرة للحدود، هي ملكية خالصة لدولة المنبع، وهى صاحبة سيادة مطلقة على مواردها المائية، وهو ما جعل إثيوبيا تكرر أن موضوع مياه نهر النيل، هو جزء من سيادتها، وأن المياه مياهها.
 
ثالثاً: يعترف القانون الدولي لدول المصب للنهر الدولي بالحقوق التاريخية المكتسبة، أي بالاتفاقيات السابقة، على العكس من دول المصب  للنهر العابر للحدود، الذى لا يتمتع بهذه الميزة، وهو ما يجعل إثيوبيا ترفض الاعتراف بالحقوق المكتسبة لمصر من مياه النيل، وفقاً لاتفاقيات سابقة.
 
رابعاً: لا يسمح القانون الدولي بإقامة أي سد او منشأ على طول مجرى النهر الدولي، إلا بموافقة دول المصب، ولا يفرض نفس الشرط، على مجرى النهر العابر للحدود بل يعتبر من مسائل السيادة لدول مجرى النهر العابر للحدود.
 
خامساً: لقد نصت اتفاقية الأمم المتحدة للمياه لعام  1997،  والخاصة بالأنهار الدولية، على ضرورة قيام دولة المنبع الراغبة في إنشاء سد على نهر دولي مشترك، بجميع الدراسات البيئية والإنشائية، وأن تُخطر بها في شفافية تامة الدول التي تليها المحتمل أن تتضرر من إقامة هذا السد أو المُنشأ، وإذا ما رفضت الدولة التي يمكن أن تتضرر، فينبغي تأجيل إقامة السد أو المُنشأ لحين التوافق والتراضي حول التداعيات الضارة لهذا السد وتلافيها.
 
سادساً: من الحصانات القانونية الدولية التي يمنحها القانون الدولي للأنهار الدولية، واشتراطه للموافقة على أي تمويل للمشروعات المائية عليها، ألا يؤثر المشروع بالضرر، على أي دولة أخري من دول حوض النهر الدولي.
 
المختصر المفيد لقد وقعنا في الفخ، فهل من منقذ ينفض أيدينا من الوثيقة هذه، وتنفيذ عمل من شأنه إعادة الأمور لنصابها، واستعادة ما فقدناه على مدار سنوات تصل للعشرة!؟.