كتب : مدحت بشاي 
medhatbeshay9@gmail.com
هو الذي قال عنه قداسة البابا شنودة الثالث " إن تاريخ الكنيسة لم يسجل أنه يوجد شخص صلى قداسات مثل البابا كيرلس الذي صلى نحو 12 ألف قداس وهذا لم يحدث من قبل في تاريخ كل باباوات الإسكندرية أو العالم، كان العجيب في صلواته لأنه دومًا يثق أن الله قادر أن يحل كل مشاكله.. " ..
 
نعم ، كان لقداسة البطريرك 116 كيرلس السادس ثقة روحية وفطرية عظيمة بقدرات خالقه ومساندته له ولوطنه وأهل بلده وقائده ... كان يعي قدر الوطنية كفعل يومي و ممارسة حياتية ، وليس كشعارات حنجورية يُطلقها أو يسربها لوسائط الإعلام المتاحة في عصره ، ولم يفاخر بمواقفه الوطنية  أو يتاجر بها باجترار ذكرها في المحافل الوطنية والسياسية إلى حد أن أحدًا لم يُنسب إليه أنه صاحب أول قرار بمنع زيارة الأقباط إلى القدس عقب أحداث نكسة يونيو 1967 ، وظل القرار منسوبًا لقداسة البطريرك شنودة الثالث بعد إضافة تقديمات وطنية مخلصة وصادقة رائعة له ..كان قداسته وأينما حل تتنسم في محيطه رائحة الوطن دون هتافات وشعارات استهلاكية ، وعبر تطمينات تشيع حالة من الثقة بخالقه ووطنه وشعبه ..
 
وكان قداسته قد اتخذ قراره احتجاجاً علي الوضع آنذاك ، وقد نشر هذا القرار في حديث أدلي به البابا إلي الأستاذ أبو الحجاج حافظ بجريدة الجمهورية بمناسبة عيد الميلاد المجيد عام 1968 قال فيه : " ونحن استنكرنا ونستنكر ولسوف نستنكر دائماً احتلال إسرائيل للقدس واعتداءاتها علي مقدسات المسيحيين والمسلمين وانتهاكات للخدمات في الأراضي المقدسة ، ولقد أبرزنا رأينا واضحاً صريحاً أننا نريد القدس  في يد العرب استمر موقف الكنيسة هذا تجاه ذهاب الأقباط إلي القدس في حبرية البابا شنودة الثالث أيضا حيث رفض السماح بذهاب الأقباط للتقديس أي استمر الأقباط في احتجاجهم منذ أن أعلن البابا كيرلس هذا القرار سنة 1968 م وحتي اليوم ، وفي يوم وفاة البابا كيرلس السادس قالت إذاعة صوت العرب : " لقد مات الصديق الوفي لجمال عبد الناصر" وتلقي البابا كيرلس السادس نبأ وفاة الرئيس جمال عبد الناصر بتأثر شديد وحزن حزناً عميقاً وأصدر بياناً إلي الأمة يعبر فيه عن شعوره قال فيه : " إن الحزن الذي يخيم ثقيلاً علي أمتنا كلها لانتقال الرئيس المحبوب والبطل المظفر جمال عبد الناصر إلي عالم الخلود أعظم من أن يعبر عنه أو ينطق به ... إننا نشيعه إلي عالم الخلود محفوظاً بالكرامة التي تليق باسمه العظيم ، وعزاء الأمة كلها، ولأمة العرب بأسرها ، بل عزاء للعالم في رجل هو من أعظم الرجال الذين عرفتهم البشرية في كل عصورها ..  
 
ولقداسته كلمة شهيرة ألقاها في مؤتمر شعبي  البابا كيرلس السادس كلمة في مؤتمر شعبي يوم الثلاثاء 30 إبريل سنة 1968  بكنيسة السيدة العذراء بالكنيسة المعلقة في حي مصر القديمة بالقاهرة بمناسبة الاستفتاء الشعبي علي ما سمي بيان 30 مارس- 1968 والذي صدر لإعادة تنظيم الدولة لمواجهة آثار هزيمة يونيو 1967، قال البابا كيرلس: " نشكر السيد الرئيس لأنه في قيادته لجماهير شعبنا أثبت دائماً أن قيادته تتسم بالإخلاص والوضوح والصراحة ، وقال عن البيان وميثاق العمل الوطني الذي صدر عام 1962: البيان يؤكد من جديد ما نص عليه الميثاق، وهو الحل الاشتراكي وحماية كل المكتسبات الاشتراكية وتدعيمها والتعليم المجاني والتأمينات الصحية والاجتماعية وحماية حقوق الأمومة والطفولة والأسرة "..
 
، وقام بتأييد موقف الرئيس جمال عبد الناصر ، فطالب الامبراطور هيلاسيلاسي أن يتخذ موقفاً مؤيداً لقضية مصر في الأمم المتحدة  ، وشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات الشعبية والوطنية التي كان يحضرها أقباط ومسلمون لتدارس والحوار حول القضايا الوطنية الملحة في تلك الفترة ..
 
ويذكر قداسة البابا شنودة الثالث مُثمنًا الموقف الرائع الذي الذي اتخذه الرئيس جمال عبد الناصر تجاه بناء الكاتدرائية فقال : " لا ننسي أن الرئيس جمال عبد الناصر أعطي تصريحا لبناء الكاتدرائية الكبري وحضر حفل وضع الأساس فيها ثم حضر حفل افتتاحها وألقي كلمة طيبة جداً وتبرع بمبلغ 100 ألف جنيه في 1967 م ، كان المبلغ أيامها كبيراً ، وكلف الرئيس عبد الناصر إحدي شركات القطاع العام بأن تقوم بعمليات بناء الكنيسة الكبري ، وأسرعت الشركة في بنائها بحيث انتهي الهيكل الخراساني في سنة واحدة ، علي هذا الحجم الضخم، والديون التي بقيت صدر قراربالتنازل عنها في عهد عبد الناصر، وبعض منها في عهد السادات "..
 
و من بين أهم كلماته وخطبه الوطنية ما جاء في خطاب قداسته في حفل وضع وضع حجر الأساس للكاتدرائية بحضور عبد الناصر.قال : السيد الرئيس جمال عبد الناصر..السادة الكرام والأخوة الإعزاء باسم الإله الواحد الكائن بذاته ، الناطق بكلمته الحي بروحه .. الذي نعبده ولا نشرك به أحداً باسمه نبدأ حفلنا هذا رافعين الشكر لجلالة الإله المقدس.. باسم الكرازة المرقسية وأبنائها في شتي البقاع ، أقدم لكم ورجال الحكومة جزيل الشكر لتفضلكم بتشريف هذا الحفل لإرساء حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية والمقر الباباوي .. ولمساهمة الدولة في نفقات بناء الكاتدرائية بمبلغ مائة ألف جنيه .. هذا العمل الذي ترسمون به تقليداً ومبدأ سامياً في تدعيم أسس الوحدة والإخاء .