كتب – روماني صبري 
كتب الروائي الكولومبي الشهير "جابرييل جارسيا ماركيز" وهو يصارع السرطان قبل ان يودع الحياة يوم 17 ابريل عام 2014 عن عمر 87 سنة :" ليس العمر ما يملكه المرء من سنوات، بل ما يملكه من أحاسيس، ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكنني حتما سأفكر في كل ما سأقوله"، وذلك في رسائل أخيرة للبشر شدد خلالها على روعة الأحاسيس البشرية، ما يصب في مصلحة حياتهم  لاسيما مع الآخرين.
 
قصته الأولى 
في يوم 13 سبتمبر عام 1947، طرح ماركيز قصته الأولى الإذعان الثالث في صحيفة الإسبكتادور، وبعدها بعام، بدأ عمله في الصحافة في نفس الصحيفة، وكانت باكورة أعماله مجموعة قصصية قام بنشرها في الصحيفة نفسها فيما بين عامي 1947 و1952، وخلال هذه الفترة، قام بنشر 15 قصة قصيرة.
 
العلاج الكيميائي حجر عثرة في حياتي
عام 1999 تم تشخيص غارثيا ماركيز بأنه مصابٌ بسرطان الغدد الليمفاوية، وفي هذا الصدد، أعلن الكاتب في مقابلة أجرتها معه صحيفة إل تيمبو الكولومبية اليومية في بوغاتا:
 
منذ أكثر من عام، وقد خضعت لعلاج مكثف لسرطان الغدد الليمفاوية خلال ثلاثة أشهر، وقمت بتلقي العلاج الكيميائي في مستشفى في لوس أنجلوس، والذي كان بمثابة حجر عثرة في حياتي، لقد خفضت علاقاتي مع أصدقائي بذلك الوقت إلى أدنى حد ممكن وقطعت الاتصالات الهاتفية وقمت بإلغاء رحلاتي وجميع إلتزاماتي المعلقة والمستقبلية حتى لا يفوتني الوقت وانتهي من كتابة المجلدات الثلاثة من مذكراتي عشت لأروي وكتابين من القصص القصيرة الذين قاربا على المنتصف.
 وبالفعل انغلقت على نفسي وعكفت على الكتابة كل يوم دون انقطاع من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثانية بعد الظهر، وخلال هذه الفترة، وبدون أي نوع من الأدوية، فقد قللت علاقتي مع الأطباء واكتفيت بالزيارات السنوية وإتباع نظام غذائي بسيط حتى أتجنب زيادة الوزن، وفي غضون ذلك، عدت إلى الصحافة وإلى متعتي المفضلة في سماع الموسيقى وكنت أقضي اليوم في القراءات المتراكمة عليّ.
 
نشاطه الصحفي
طرق ماركيز عالم الصحافة، عندما كان يدرس القانون في الجامعة، وفيما بين عامي 1948 و1949، كتب لصحيفة اليونيفرسال اليومية في قرطاجنة، ومن عام 1950 إلى عام 1952، كتب عمود مختلف في إل هيرالدو، الصحيفة المحلية في بارانكويلا تحت الاسم المستعار سبتيموس.
 
اكتسب ماركيز خبرة من مساهماته في صحيفة إل هيرالدو، وخلال هذه الفترة، أصبح  عضوًا نشطًا في الجروب غير الرسمي للكتاب والصحفيين والمعروف باسم جروب بارانكويلا، وهي الجمعية التي كانت لها الدافع الأكبر والإلهام الذي صاحب ماركيث في مسيرته الأدبية.
 
لنعمل مع القطالوني
 وعمل ماركيز مع بعض الشخصيات، من بينهم خوسيه فيلكس فوينمايور، وكاتب القصص القصيرة القطالوني رامون بينيس، وألفونسو فوينمايور والكاتب والصحفي الكولومبي ألبارو ثيبيددا ساموديو وخيرمان بارجاس والرسام الكولومبي- الإسباني أليخاندرو أوبريجون والفنان الكولومبي أورلاندو ريبيرا وخوليو ماريو سانتوس دومينجو.
 
استخدم على سبيل المثال، الحكيم القطالوني رامون بينيس، كصاحب مكتبة لبيع الكتب في مئة عام من العزلة، وفي ذلك الوقت، قرأ غارثيا أعمال العديد من الكتاب مثل فيرجينيا وولـف وويليام فوكنر، والذين أثرا عليه في كتاباته وفي التقنيات السردية والموضوعات التاريخية مع استخدام بلديات المحافظات.
 
 وقدم محيط بارانكويلا لغارثيا المناخ الأدبي المناسب للتعلم على المستوى العالمي ووجهة نظر فريدة عن ثقافة منطقة البحر الكاريبي وعن مسيرته في الصحافة، ذكر ماركيث أن ذلك كانت بمثابة «وسيلة لعدم افتقاده الاتصال مع الواقع.
 
روايته الأشهر 
نشرت روايته الشهيرة "مئة عام من العزلة"، عام 1967، وطبع منها قرابة الثلاثين مليون نسخة، وترجمت إلى ثلاثين لغة  وقد كتبها ماركيز عام 1965 في المكسيك، بعد ذلك بسنتين نشرت سودا أمريكانا للنشر في الأرجنتين ثمانية ألف نسخة، وتعتبر هذه الرواية من أهم الأعمال الإسبانية الأمريكية خاصة، ومن أهم الأعمال الأدبية العالمية، مائة عام من العزلة هي من أكثر الروايات المقروءة والمترجمة للغات أخرى، يروي الكاتب أحداث المدينة من خلال سيرة عائلة بوينديا على مدى ستة أجيال والذين يعيشون في قرية خيالية تدعى ماكوندو، ويسمون الكثير من أبنائهم في الرواية بهذا الاسم.
 
تكريمه بنوبل 
توج ماركيز بجائزة نوبل للآداب عام 1982، وذلك تقديرًا للقصص القصيرة والرويات التي كتبها، والتي يتشكل بها الجمع بين الخيال والواقع في عالم هادئ من الخيال المثمر، والذي بدوره يعكس حياة وصراعات القارة، وكان خطاب القبول تحت عنوان "العزلة في أمريكا اللاتينية."
 
وشكل ماركيز جزءاً من مجموعة من أحد عشر كاتباً حازوا جائزة نوبل للآداب، ونال العديد من الجوائز والأوسمة طوال مسيرته الأدبية مثل وسام النسر الأزتيك في عام 1982، وجائزة رومولو جايجوس في عام 1972، ووسام جوقة الشرف الفرنسية عام 1981.
 
يقع في حب ميرثيديس
خلال دراسته وعند زيارته لوالديه في سوكر تعرف ماركيز على ميرثيديس بارشا ابنة أحد الصيادلة في حفلٍ راقصٍ للطلاب وقرر وقتئذٍ أن يتزوجها بعد الانتهاء من دارسته، بعدها عقد قرانه على ميرثيديس الزوجة التي ارتأى الزواج منها حين بلغ من العمر الثالثة عشر، في مارس عام 1958، في كنيسة سيدة المعونة الدائمة في بارانكويلا.
 
وصف أحد كتاب السير الذاتية ميرثيديس بأنها امرأة طويلة وجميلة ذات شعر بني ينسدل على كتفيها، وحفيدة أحد المهاجرين المصريين وهو ما يبدو جلياً في عظامها العريضة وعيونها الواسعة ذات اللون البني، كان ماركيز يشير لها باستمرار وبفخر،وعندما تحدث عن صداقته مع فيدل كاسترو قال: كاسترو يثق بميرثيديس أكثر حتى مما يثق بي.
 
رزقوا بابنهم الأول رودريجو عام 1959، و الذي سيصبح من بعد مخرجًا سينمائيًا، وعام 1961، انتقل ماركيز إلى نيويورك حيث عمل مراسلًا لوكالة برنسا لاتينا، ثم إلى المكسيك واستقر في العاصمة بعد تلقيه تهديدات وانتقادات من وكالة المخابرات المركزية ومن الكوبيين المنفيين، والذين لم يتناولهم محتوى تقاريره، وبعد ثلاث سنوات رزق بابنه التاني جونثالو الذي يعمل حاليًا مصممًا جرافيكًا في مدينة مكسيكو.
 
كيف رأى الخيال ؟ 
يعتبر ماركيز أن الخيال ما هو إلا أداة لحسن توظيف الواقع، وأن أي عمل روائي ما هو إلا تمثيل مشفر للواقع، وردًا على التساؤل القائل بأن كل ما كتبه يستند إلى شيء واقع، أجاب: ليس في أعمالي الروائية التي كتبتها ما لا يستند إلى الواقع.
 
كتب ماركيز روايات : الأوراق الذابلة، ليس للكولونيل من يكاتبه، في ساعة نحس، جنازة الأم الكبيرة، مئة عام من العزلة، خريف البطريرك، وقائع موت معلن، الحب في زمن الكوليرا، الجنرال في متاهته، عن الحب وشياطين أخرى، ذكرى عاهراتي الحزينات.