لماذا نقرأ ؟ . كيف نقرأ . ماذا نقرأ
مقدمة :-        

بقلم/ ماجد كامل
في هذا العصر الذي نعيش فيه والذي وصف بأنه عصر  تفجر المعلومات ومجتمع المعرفة ؛ لم تعد القراءة أو الثقافة ترفا فكريا ولا مجرد وسيلة لشغل الوقت وقضاء أوقات الفراغ  بل ضرورة من ضرورات الحياة  ووسيلة هامة للنمو والتقدم  ؛ ولقد أوصى السيد المسيح له المجد بأهمية القراءة إذ قال (فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية .) يو 5 :39   " . كما يقول معلمنا القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس (اعكف علي القراءة والوعظ والتعليم ) 1 تي 4 :13 " ومن الأقوال المنسوبة إلى القديس العظيم الأنبا انطونيوس قوله (اتعب نفسك في قراءة الكتب المقدسة فأنها تخلصك من النجاسة) ؛ ومن هنا نجد أن القراءة والثقافة فضيلة كتابية وابائية . وإذا كانت القراءة هامة وضرورية بالنسبة لكل إنسان  خصوصا في هذا الجيل الذي يتعامل مع عالم الإنترنت "وسوف تكون لنا وقفة قصيرة مع القراءة الإلكترونية في هذا المقال"   والحق انه لا تكمن أهمية القراءة في عملية تخزين المعلومات داخل العقل فقط فهذه العملية يستطيع اصغر جهاز كمبيوتر أن يقوم بها فلا يستطيع أي عقل بشري مهما كبر واتسع أن يتسع لتخزين عالم المعرفة الواسع الذي يقوم به أي جهاز كمبيوتر صغير ؛ وانما هدف القراءة الأكبر و الأهم هو الثقافة والثقافة هي الخطوة الأولى نحو المعرفة والمعرفة تؤدي إلى الفهم والرأي والحكمة والرأي والحكمة يؤديان إلى أسلوب الحياة فغاية الثقافة  العليا هي الوصول إلى أسلوب حياة نعيش به . ومن هنا يجب أن تكون القراءة والثقافة عملية تطبيقية بمعني أن هدفها هو معرفة ثم فهم ثم رأي ثم عاطفة ثم الأسلوب الذي نعيش فيه فيكون المقياس الذي نقيس به ثقافتنا هو :-ما هو المقدار الذي حققناه منها ؟ وما هي العواطف النبيلة التي تبعثها هذه الثقافة أو تلك في نفوسنا واخيرا ما هو أسلوب العيش السامي الذي آدت أليه هذه الثقافة ؟

, وعملية القراءة ذات أبعاد أربعة هي: - الإدراك ؛ والاستيعاب ؛ والاستجابة ؛والتمثيل. كما حددها عالم آخر يدعي وليم جراي في 3مهارات أساسية هي :- الإدارك ؛ الفهم ؛ رد الفعل "الإستجابة "   

 وفي هذا المقال سوف نحاول الإجابة عن ثلاثة أسئلة هامة هي 1- لماذا نقرأ ؟ ؛ 2- كيف نقرأ؟ ؛ 3- ماذا نقرأ؟  
أولا :- لماذا نقرأ؟ :-

بالإضافة إلى كل ما سبق ذكره في المقدمة نستطيع أيضا أن نضيف :-
1-القراءة هي وسيلة تحقيق الذات للشباب فعن طريق القراءة والثقافة تزداد معارفنا وتنمو ثقتنا بأنفسنا
2-القراءة هي الطريق الأمثل لبناء الشخصية المثالية فعناصر الشخصية الإنسانية هي الروح والنفس والجسد والعقل والعلاقات ؛الروح تنمو بالصلاة ووسائط النعمة المختلفة ؛ والنفس تنمو بالنقاوة والطهارة ؛ والجسد ينمو بالغذاء المتوازن والرياضة ؛ والعقل ينمو بالقراءة والثقافة : والعلاقات تنمو بالمحبة والخدمة والصداقات المقدسة وهكذا تتحقق عناصر الشخصية المتكاملة

3-القراءة وسيلة  مؤكدة للنمو والتقدم وكثير من عظماء التاريخ كونوا عظمتهم من خلال القراءة مثل الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الذي لم يتح له أي قدر من التعليم النظامي والكاتب الإنجليزي جورج برنارد شو الذي لم يدخل أي مدرسة في حياته والأديب المصري الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد الذي لم يتمكن من الحصول علي الشهادة الابتدائية … الخ

4-عن طريق النمو والتقدم نشق طريق النجاح سواء في الدراسة أو في العمل أو الأسرة أو في المجتمع والكنيسة واخيرا في الحياة الإنسانية بأسرها
5- بالقراءة يستطيع الإنسان أن يفهم الحياة بكل مشاكلها وبالتالي يستطيع التعايش معها أما عن طريق حلها أو تجنبها أو  علي الأقل التكيف الإيجابي معها
6- القراءة قد تكون أحد الأساليب المتبعة للعلاج من كثير من الأمراض النفسية والعقلية فيما يعرف بالعلاج بالقراءة Bibliotherapy"  وقد سبق لنا الكتابة حول هذا الموضوع في عدد سابق من الكلمة برجاء الرجوع أليه"

7-من خلال القراءة والثقافة  يتاح المجال لأكتشاف الموهبة التي قد لا تظهر وحدها بدون القراءة ؛فمن خلال قراءة الشعر قد يكتشف الانسان ان لديه استعداد لكتابة الشعر ؛ وهكذا مع جميع الانواع الادبية "القصة – المسرحية ... الخ "

8- القراءة ترهف التذوق الجمالي ؛ فالفن الراقي يغسل النفس من همومها ويطهرها من همومها ومشاكلها ؛ ومن هنا وضع في برنامج  التنمية الثقافية محور كامل عن التذوق الفني

9- القراءة تساعد علي تحديد الهوية وبالتالي تعميق الانتماء
10- القراءة تساعدنا علي استخلاص دروس التاريخ ؛وفهم متغيرات الحاضر ؛ وتكوين رؤيا مستقبلية
11- القراءة المنظمة الموجهة تساعد علي التفكير العقلي والمنطقي
12- القراءة تقدم لنا القدوة والمثل العليا التي نقتدي بها في حياتنا .

لمحة عن الكتاب الالكتروني :-
كما ذكرنا في المقدمة فان التطور التكنولوجي المذهل الذي نعيشه اليوم قد أوجد أنواعا أخرى من الكتب غير الكتاب المطبوع مثل الكتاب الإلكتروني E- mail Book وفكرته ببساطة هي وجود الكتاب علي شبكة الإنترنت علي موقع Site معين الآمر الذي سوف يختصر ولا شك في الوقت والجهد والمال وارفف المكتبة في المنزل...  الخ وسوف يتبع الكتاب الإلكتروني الصحافة الإلكترونية  والبريد الإلكتروني الآمر الذي يهدد مستقبل الكتاب المطبوع في المستقبل  القريب ؛ وبالفعل سمعنا في أوربا عن صحف كبري أغلقت أبوابها واكتفت بالصحافة الإلكترونية ؛ ولكني اعتقد انه سوف يظل للكتاب المطبوع قيمته وأهميته علي الأقل بالنسبة للجيل الحالي ؛فالجيل الذي تربي علي الكتاب المطبوع  والذي يستطيع أن يحتضنه بين يديه  ويخطط فوقه بعلامات واشارات معينة من الصعب عليه الاكتفاء بالكتاب الإلكتروني ؛والدليل علي صدق كلامنا هو استمرار رواج الكتاب المطبوع سواء في مصر أو في العالم   
وعلي أي الأحوال فالقارئ العصري مطالب باستيعاب هذا النوع من الكتاب الإلكتروني حتى يستطيع مواكبة العصر

ثانيا :- كيف نقرأ :-
من حيث المبدأ نذكر انه لا يوجد طريقة ثابتة موحدة لقراءة الكتاب ولكن الأمر يعتمد علي كل قارئ كما يتراءى له ويستريح ولكن هناك بعض المبادئ العامة  المتفق عليها من الجميع مثل قراءة  الفهرس أولا وقراءة الكتاب بترتيب الفصول مع كتابة هوامش وتعليقات علي كل فقرة مع وضع خطوط تحت  الأفكار الهامة ...ألخ وعموما فلقد سبق لنا  الكتابة في هذا الموضوع  تفصيليا في عدد سابق من مجلة الكلمة بعنوان "كيف تقرأ كتابا ؟ "

ثالثا :- ماذا نقرأ :-
نذكر أيضا من حيث المبدأ انه لا يوجد إجابة  واحدة لهذا السؤال فالآمر يعتمد علي اهتمامات وميول  وطبيعة دراسة كل فرد علي حدة ؛ ولكن علي العموم  اعتقد انه يجب علينا أن نقرأ في الموضوعات الآتية  :-
1- الكتاب المقدس :-  فالكتاب المقدس هو دستور حياتنا إذ يقول المزمور (سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي )" مز119 :105 "

2- عقيدة كنيستنا الأرثوذكسية :- ففي هذا العصر الذي كثرت فيه الشكوك والمحاربات ضد الإيمان المسيحي سواء من الداخل أو من الخارج اصبح الخادم مطالب بالتسلح بدراسة العقيدة السليمة المسلمة لنا من الآباء

3- تاريخ كنيستنا :- فهناك حكمة تقول من درس التاريخ أضاف عمرا إلى أعماره ؛ودراسة تاريخ كنيستنا يعلمنا مجد مدرسة الإسكندرية القديم وشجاعة  الاستشهاد  وجهاد الآباء الأولين في تثبيت الإيمان والعقيدة من خلال المجامع المسكونية ... الخ  

4- تاريخ مصرنا العزيزة :- فكما قال قداسة البابا شنودة الثالث –نيح الله نفسه في فردوس النعيم – (مصر ليست وطن نعيش فيه لكن وطن يعيش فينا ) ودراسة تاريخ مصر من عهد الفراعنة حتى عصرنا الحديث لا شك يقوي  انتمائنا لهذا الوطن ونتعرف فيه علي تاريخ الزعماء العظام "مينا موحد القطرين – إخناتون أول الموحدين –أحمس قاهر الهكسوس – احمد عرابي –مصطفي كامل – سعد زغلول ... الخ "

5- تاريخ العالم :- فمصر ليست في معزل عن بقية أنحاء العالم وبالتالي اصبح الخادم مطالب بقراءة تاريخ الإنسانية ككل حتى يعي التحولات الكبرى في العالم (عصر النهضة – عصر التنوير- الثورة الصناعية – الحربين العالميتين- ... الخ )

6- العلوم الحديثة :- فالعصر الذي نعيش فيه شهد ثورة علمية وتكنولوجية كبري مثل غزو الفضاء – ثورة الاتصالات – الهندسة الوراثية – الاستنساخ – مشروع الجينو...الخ والإنسان  مطالب بفهم واستيعاب كل هذه العلوم أو علي الأقل الوعي بها

7- الفلسفة والعلوم الإنسانية :-فالفلسفة هي أم العلوم ومنها خرجت المعارف الإنسانية كلها كذلك العلوم الإنسانية المختلفة (علم النفس – علم الاجتماع – التربية – علم القيادة والإدارة –علم الاتصال ... الخ ) فالإنسان منا  يتعامل مع بشر لهم ميول وغرائز وانفعالات واحتياجات ودراسة هذه العلوم تساعد ولا شك علي الفهم وبالتالي المساعدة والعلاج والخدمة الناجحة

7- قراءة الآداب المختلفة :- فقراءة الأدب ترتقي بالنفس الإنسانية وتساعدها علي السمو والآداب الإنجليزية والفرنسية والروسية والعربية مليئة بالمعاني الراقية التي ترتقي بمشاعر الخادم والمخدوم معا

ونختتم هذا المقال بذكر شعار معرض فرانكفورت للكتاب "وهو اكبر معرض للكتاب في العالم كله" وهو (الإنسان القارئ لا يهزم) كذلك نذكر شعار عصر النهضة الأوربية (المعرفة قوة ) واخيرا نتذكر قول القديس كليمندس المأثور ( لا معرفة بدون إيمان ؛ ولا إيمان بدون معرفة)