بيتر نبيل : والدنا صنع له بيت في السماء وكان همه بناء كنيسة بئر العبد
الإرهابيون طلبوا فدية 5 مليون جزية عن أقباط سيناء ووالدي تواصل معنا قبل الاستشهاد بشهر 
الأمن طلب مغادرتنا لبئر العبد خوفا علينا وقام بتأمين خروجنا 
والدنا كان يقوينا في اتصالاته معنا وتعرض لتعذيب من الإرهابيين 
الشرطة ثأرت لدماء الشهيد ونتمنى تطهير سيناء من الإرهاب 
سيناء كانت جنة وخير لا ينتهي قبل ظهور الإسلاميين وتحويلها لساحة حرب 
أجرى الحوار: نادر شكرى
تصوير ومونتاج: نادى راضى

ثلاثة أسر تعيش في شقه صغيرة بعد ان تركوا منازلهم ومتاجرهم ببئر العبد ، ذهبنا لهم قدمنا العزاء للاستشهاد والدهم الشهيد نبيل حبشي ، دخلنا في شقتهم وكانوا يستقبلون العزاء من جيرانهم ، تجلس النساء على الأرض يتشحن بالملابس السوداء ، واستقبالنا ابنه الأكبر بيتر والابن الأخر فادى ، عندما قلنا لهم " البقية في حياتكم " كان ردهم اليوم فرح وليس عزاء لان أبونا شهيد في السماء نفتخر به ، وهو كان يرتب لهذا اليوم منذ فترة طويلة عندما كان يعمل للسماء وكان همه الأكبر منذ ان ذهب لبئر العبد ان  يبنى كنيسة العذراء وهى الكنيسة الوحيدة بالمدنية وتحدى كل الظروف مقابل بناء كنيسة ولم نعلم انه كان يبنى بيت له في السماء .
 
تحدث في البداية ابنه بيتر وقال " مع الظروف الاقتصادية التي كنا نعيش فيها انتقلنا إلى مدنية بئر العبد بشمال سيناء، لان رزقها كان كبير ومدينة جديدة ، وذلك في بداية عام 2000 ، وقمنا بفتح عدة متاجر ، واتسعت حياتنا وكانت الحياة في شمال سيناء بشكل عام قبل 2012 ووصول الإخوان للحكم ، حياة تمتلئ بالخير وعلاقاتنا طيبة بجميع القبائل ولم نعرف كلمة مسيحي ومسلم ، وانا شخصيا متربي وسط المسلمين ، ولم نشعر في يوم بفرق معهم .
 
كان والدي يعمل في محل " ذهب " ولدينا محل أجهزة محمول وملابس وحصلت على قرض من صندوق تحيا مصر لدعم تجارتنا ، ووالدي كان يفكر في بناء الكنيسة وبالفعل نظرا لصعوبة بناء الكنائس في فترة ما قبل 2011 تحمل والدي ألمخاطره وقام ببناء مبنى كنسي بداية من 2007 ، وكان دائما يقول الكنيسة قبل متجري حتى وان كانت الظروف المادية صعبة ، وبالفعل انتهى من بناء الكنيسة ، التي تم تدشينها في 2016 ، ووقتها تم اخذ بعض الصور أمام لافته الكنيسة ومع حرس الكنيسة وهى الصور التي ظهرت في فيديو الإعدام علما ان والدي لم يكن يحتفظ بهذه الصور ولا نعلم كيف حصلوا عليها وهو أمر غريب .
 
وتابع بيتر " قبل خطف والدي بيومين كان والدي قام بفتح محل في التل الكبير بالشرقية، وكان ياتى على فترات لبئر العبد ، وقبل الخطف بيومين جاء الخميس  ،وطلب منى الراحة وانه سيقف في محل الصاغة ، وقال انه سوف يظل يومين قبل العودة للتل الكبير ، وفى يوم 7 نوفمبر كان والدي أمام منزله ، حيث قال انه سيظل يوما أخر للقاء أصدقائه ، ولكن في الساعة 8 م فوجئ بثلاثة أشخاص مسلحين حسب رواية الشهود أعمارهم لا تتعدى العشرون عاما ، وقاموا بخطفه بالقوة ، واستوقفوا سيارة " ربع نقل " بالقوة واجبروا سائقها على تركها واخذوا والدي فيها ، وعندما حاول بعض الاهالى اعتراضهم أطلقوا الأعيرة النارية في الهواء لتهديدهم ، وفروا هاربين بوالدي ولا نعلم خط سيرهم .
 
واستكمل بيتر " بعد خمسة أيام تلقيانا اتصال من الخاطفين عن  طريق والدي الذي اخبرنا أنهم يريدوا مليوني جنية ، وان هذه جزية على أقباط المدنية ، وعليهم إخبار أسقف الكنيسة ، وأعطونا مهلة 48 ساعة وبعد هذه المهلة اتصلوا مرة أخرى وقالوا ان الفدية ستكون خمسة ملايين جنية ، واخبرنا والدنا انه يعيش في عيشة وسط الجبل بالنهار شديدة الحرارة وفى المساء شديدة البرودة ، وكان في البداية يقول انه متعب جدا ، واستمرت الاتصالات بيننا ومن عدة أرقام مختلفة .
 
وأشار بيتر " تواصلنا مع الأجهزة الأمنية وقدمنا جميع المعلومات ، فطلبت مننا الأجهزة الأمنية مغادرة منازلنا خوفا علينا وحتى يتمكنوا من العمل على مطاردة هذه الجماعات حيث كان الأمن يضع قوة أمنية لحراستنا على المنازل والمتاجر ، وهو ما كان يشتتهم ، وبالفعل في شهر يناير الماضي ، أغلقنا المتاجر والمنازل وغادرنا وسط حراسة أمنية حتى منزلنا في مدينة أخرى .
 
وبعدها تلقيانا اتصالات تهديد من تنظيم الدولة ، وتحدثنا مع والدنا الذي اخبرنا انه مع تنظيم الدولة الإسلامية وفى هذه المرة ظل يطمئنا وانه بحالة جيده ويتلقى رعاية جيده منهم وهذا أمر طبيعي في ظل وجوده معهم ، واستمرت الاتصالات طول شهور الخطف وكانت أخر مكالمة مع والدنا قبل شهر من نشر فيديو الإعدام ، وكان يتحدث بلغة قوية ويسأل على اخواتى ووالدتي وتحدث مع والدتي وكأنها مكالمة الوداع ويؤكد انه لا يخاف شيء ، وانقطع الاتصال معهم حتى ظهور فيديو الإعدام .
 
وأكد بيتر " ان إعدام والده تم خلال شهر من قطع الاتصال الذي كان في منتصف مارس ، وانه عندما شهد الفيديو ، علم ان والده اختار السماء وانه قرر حضور العيد في السماء ، وإنهم فخورين به ، وان رسالة تهديد داعش لا تؤثر فيهم لأنهم أقوياء ولا يخافون شيء ، وان حبهم لوطنهم ليس خيانة بل فخر ، وإنهم في عيد لان والدهم شهيد للمسيح ولوطنه .
 
وكشف بيتر عن وضعهم السىء منذ مغادرة منازلهم قائلا" ثلاثة اسر تعيش في شقة واحدة وتركنا رزقنا وليس لنا مصدر رزق أخر ونحن علينا قيم إيجار المحلات وأيضا قرض تم الحصول عليه من صندوق تحيا مصر ، فضلا  على اننا غير قادرين العودة لمنازلهم وممنوعين من دخول بئر العبد ، خوفا علينا حيث ان داعش ترسل رسائل تهديد لنا ولاشقائى وتشير ان الدور علينا بعد استشهاد والدنا ، ولا تعلم كيف نعيش بهذا الوضع .
 
وتابع ان اعدام والدى سبب حالة حزن بين اقباط بئر العبد ولا نعلم وضعهم الان فى ظل مخاوف من استهدافهم ، رغم ما قامت به الشرطة من قتل ثلاثة ارهابيين وحددت اخرين ونعلم ان الامر ليس بالامر السهل ولكن نريد ان نعرف مصيرنا وحياتنا وهل سنظل فى هذا الامر لفترة طويلة تحت تهديد هذه الجماعات الارهابية التى لا تعرف شىء عن الدين .
 
واكد ان الكنيسة اخرجت ابطال ، والفيديو لم يهزينا بل يزيدنا قوة ، ونحن نفتخر اننا نحب بلادنا والجيش والشرطة هم اهالينا ، ونحن نفخر بحب بلادنا ولكن ما قدموه فى فيديو لا يمثل اى دين ، ونحن نعيش فى دولة قانون ، وكل ما نطلبه الان ان تساعدنا الدولة نبدأ حياتنا فى مكان اخر لان عودتنا لبئر العبد اصبحت صعبه ونحن لا نريد ان نكون عبء على الشرطة فى تأميننا هناك ، لاسيما اننا نستقبل تهديدات حتى الان .