medhatbeshay9@gmail.com
في ذكرى نياحة قداسة البابا شنودة الثالث ، لعل من أهم ما نذكر لقداسته الحضور الفاعل والاستجابات الرائعة للتفاعل الفكري والتنويري مع أهل الفكر والرأي ومع العديد من المؤسسات ذات العلاقة بالقضايا الإنسانية والروحية ..
 
بتاريخ 2 / 12/ 1985 يطرح الحكيم سؤالاً  ورد فى مقاله بالأهرام   : قرأت فى دفترى عبارة أفزعتنى ، وسجلتها لأسال فيها حتى يطمئن قلبى ...عبارة جاءت في الإصحاح الثانى عشر من إنجيل لوقا قال فيها السيد المسيح : " جئت لألقى ناراً على الأرض .. أتظنون أنى جئت لأعطى سلاماً على الأرض ، كلا أقول لكم بل انقساماً .. " ..فكيف والمسيح ابن مريم كلمة من الله ، جاء ليُلقى ناراً على الأرض...فكيف يكون الله تعالى هو الكريم ، وأنه كتب على نفسه الرحمة ، ويقول فى قرآنه أن المسيح كلمة منه ... والمسيح يقول فى إنجيل لوقا أنه جاء ليُلقى ناراً على الأرض ؟ وغمرتنى الدهشة وقلت لأبد لذلك من تفسير ، فمن يفسر لى حتى يطمئن قلبى ؟ وصرت أسال من أعرف من أخواننا المسيحيين المثقفين ، فلم أجد عندهم ما يريح نفسى ... أما فيما يختص بالمسيحين فمن أسال غير كبيرهم الذى أحمل التقدير الكبير لعلمه الواسع وإيمانه العميق .. البابا شنوده .. فهل المسيحى العادى يفظن لأول وهلة إلى المعنى الحقيقى لقول السيد المسيح ؟..
 
هكذا ، وبكل شفافية وصدق ونية خالصة من جانب مفكر يبحث عن تفسير لمقطع وآيات من الكتاب المقدس فطرح سؤاله ، و كانت إجابة قداسة البابا مطولة ضافية أعرب في بدايتها عن سعادته بطرح الكاتب الكبير وطلبه الإجابة ، وثمن عالياً أن يتيح " الأهرام " الفرصة لمثل تلك الحوارات على ذلك المستوى المحترم واللائق ..
 
  جاء في معرض رد قداسته " لست مستطيعاً أن أذكر كل ما ورد فى الإنجيل عن رسالة السلام فى تعليم السيد المسيح " فهي كثيرة جدا ( ذكرها وعددها قداسته بتفسيراتها ولايتسع المجال هنا لعرضها ) ، وكمقدمة ينبغى أن أقول إن الإنجيل يحوى الكثير من الرمز ، ومن المجاز . ومن الاستعارات والكنايات من الأساليب الأدبية المعروفة .جئت لألقى ناراً : وهى قول السيد المسيح " جئت لألقى ناراً على الأرض . فماذا أريد لو أضططرمت ( لو 12 : 49 ).إن النار ليست فى ذاتها شراً.وإلا ما كان الله قد خلقها .ولست بصدد الحديث عن منافع النار ، ولا عما قيل عنها من كلام طيب فى الأدب العربى . وإنما أقول هنا إن النار لها معان رمزية كثيرة فى الكتاب المقدس : فالنار ترمز إلى عمل الروح القدس فى قلب الإنسان.وقد قال يوحنا المعمدان عن السيد المسيح " هو يعمدكم بالروح القدس ونار " ( لو 3 : 16 )  وقد حل الروح القدس على تلاميذ المسيح على هيئة ألسنة كأنها من نار. ( أع 2 : 3( وكان هذا إشارة إلى أن روح الله ألهبهم بالغيرة المقدسة للخدمة . وهذه الغيرة يشار إليها فى الكتاب المقدس بالنار.وهى النار التى أعطت قوة لتطهير الأرض من الوثنية وعبادة الأصنام . وهذه النار هى مصدر الحرارة الروحية . وقد طلب منا فى الانجيل أن نكون حارين فى الروح " ( رو 12 : 11 ) وقيل أيضاً "لا تطفئوا الروح " ..
وللمقال تتمة تتمة في مقال قادم .