الأب رفيق جريش
تعتبر حوادث القطارات إحدى المشكلات الرئيسة التى يعانى منها المجتمع، وهناك زيادة مطردة بوجه عام فى عدد الحوادث خلال الآونة الأخيرة، بصورة أدت إلى تضاعف الخسائر البشرية والاجتماعية والاقتصادية بصورة لم يسبق لها مثيل. وأصبحت نتائج الحوادث تؤثر تأثيرًا مباشرًا وسلبيًا على المواطن، نظرًا لما تسببه من معاناة إنسانية كبيرة وعبء اقتصادى ضخم على الدولة، نتيجة لفقد الأرواح والإصابات والعجز.

وكشفت تحقيقات فريق النيابة العامة فى حادث تصادم قطارى سوهاج، والتى جرت تحت إشراف المستشار حمادة الصاوى، النائب العام، عن حقائق ووقائع مؤسفة وتبادل للاتهامات بين العمال والموظفين والمسؤولين خلال التحقيقات، فقد تبين أولًا توقف «القطار المميز» قبل مزلقان «السنوسي» الكائن ما بين محطتى سكة حديد «المراغة» و«طهطا» عدة دقائق، ثم تحركه مرة أخرى، متجاوزًا المزلقان، وتوقفه مرة أخرى حتى قدوم «القطار الإسبانى» من محطة سكة حديد «سوهاج» واصطدامه بالقطار المتوقف مما أدى إلى وقوع الحادث. كما كشفت التحقيقات عن ترك «رئيس قسم المراقبة المركزية بأسيوط» مقر عمله وقت وقوع الحادث، بالرغم من مسؤولية هذا القسم عن مراقبة حركة القطارات بموقع التصادم. كما أسفرت نتائج التحليل الصادرة عن تعاطى مراقب برج محطة «المراغة» الحشيش المخدر، وكذلك مساعد سائق القطار المميز ذاته بالإضافة إلى عقار «الترامادول».

كل هذه الشواهد تؤدى إلى دروس، منها:
1ـ الاستهتار بحياة الناس، وماذا ستنفع المليارات إذا كان بعض العاملين يستهترون بحياتهم وحياة عائلتهم وحياة الناس على كل المستويات، من السائقين ومساعديهم والمكتب المركزى؟!.

2ـ الاستهتار كان واضحًا مع زيارة الوزير لورشة القطارات بالمنيا، وذلك بعد الحادث «يد الوزير لا تستطيع أن تصفق وحدها» مهما عمل، أى أن الحادث لم يردع المستهترين. ما الذى تنتظره من مجموعة «مساطيل» يقودون رحلة الموت؟. فإن لم يُحاسب هؤلاء بتهمة «القتل العمد» نكُن قد فرطنا فى أرواح الضحايا وأهدرنا الدستور والقانون.

فمشكلة حوادث القطارات ليست وليدة اليوم، الأمر الذى أدى إلى الحاجة الملحة لتضافر جميع الجهات التى لها صلة بالمنظومة.. فإلى متى الاستهتار بأرواح الناس واللامبالاة؟!.. وبخصوص ذلك، نطالب بتشديد العقوبات بحق المخالفين والمستهترين بأرواح الناس، فالنفس البشرية أصبحت وكأنها ورقة تلقى على قارعة الطريق، لذا فإنى أناشد السائقين عدم الاستهتار حفاظا على أرواح الأبرياء. فحوادث القطارات أصبحت همًّا يؤرق الجميع، ويضع حياة الناس على كف عفريت، والأسباب كثيرة، منها السائقون المستهترون الذين يتعاطون المخدرات، فيجب أن يكون هناك إحساس شخصى بالمسؤولية تجاه الآخرين، لأننا جميعا معرضون لأن نكون نحن إحدى الضحايا إن تركنا هؤلاء المستهترين من دون رادع.

إن الفترة الحالية نحتاج فيها لتحديث منظومة السكك الحديدية بأكملها، كما أن الإشارات الإلكترونية ضرورة، وتحديث مرفق السكك الحديد سيستمر طويلًا، وأخطر شىء فى منظومة السكك الحديدية هو العنصر البشرى والإدارة. ويجب تحديث وتدريب العنصر البشرى القائم على منظومة السكك الحديدية، ويجب أن نتخلى عن الموظفين غير الكفء والمستهترين. يجب تشديد الرقابة الصارمة وتطبيق الثواب والعقاب على العاملين.
نقلا عن المصري اليوم