د. مينا ملاك عازر
 
بعد أن أعتبر الرئيس السيسي مسألة المياه أمن قومي وخط أحمر، ولا يمكن المساس به، وقد جربنا معه سابقاً مسألة اعتباره شيء ما خط أحمر، كم كانت ناجحة، رأينا هذا بوضوح جلي لا يمكن إنكاره في القضية الليبية، وكيف توقفت جحافل المرتزقة والإرهابيين المدعومين من تركيا عن هذا الخط الذي عينه الرئيس السيسي، وكيف رضخت تركيا، وها هي الآن تتواصل معنا وتهادننا، وكيف تغيرت الحكومة الليبية، صحيح لنا تحفظات على الحالية أيضاً، بعد توقيعها خمس مذكرات تفاهم مع التركيا، بيد أن هذا كله لا يمكننا أن نتغافل عن نجاح فكرة الخط الأحمر التي طرحها الرئيس السيسي، ولا يمكننا أيضاً أن ننسى أن ليبيا تكاد توقع أو قد تكون وقعت بالفعل مع نشر تلك السطور اتفاقيات مع اليونان تخص المياه والحدود طبعاً مع إبقائها ولا أعرف كيف هذا فليس لدي التفاصيل على اتفاقيات الحدود مع تركيا، المهم أن مع نجاح الخط الأحمر وتطبيقه على المياه بات الكل يشعر بقرب حدوث عمل عسكري، الكل اتفق على هذا واختلفوا على ماهيته، وكيفيته خاصة مع تزايد التعنت الاثيوبي في مجال المفاوضات مع الطرفين المصري والسوداني.
 
مع تعدد اتفاقات التفاهم العسكري بين مصر وكلا من بروندي وأوغندا وقبلهما السودان، استشعر الجميع أن دقات طبول الحرب تدق، البعض ذهب أن الخط الأحمر يشكل باحتلال السد ومنطقته، والبعض توقع عملية عسكرية وضربة موجعة لجسم السد تؤثر على عمله وسرعة ملئه، وهنا نحن أمام خيارين لا ثالث لهما في ظل تعاظم هذا الاختيار خاصة مع تلويحات اثيوبيا ذات نفسها بالقتال والحرب، صحيح أن الدعم الأمريكي الذي أوضحه الرئيس الأمريكي السابق ترامب تلاشى مع الإدارة الجديدة، لكن لم تزل رائحة البارود مسيطرة على المشهد الأفريقي بامتياز، الذي يكاد يأخذ منحى دولي وبسرعة لنأخذ الشرعية الدولية لعمل عسكري ربما نجد نفسنا مضطرين إليه
 
وإن كنت أتفهم تمام استراتيجية عمل الجيش المصري، فأنا أميل لفكرة الضربة العسكرية الجوية فجيشنا الذي دأب على هذا العمل ضد الإرهابيين في سيناء وفي أماكن أخرى لم يعلن عنها خارج البلاد ربما، من الأفضل له أن يفعل هذا دون أن يخسر العنصر البشري ويضعه في مرمى نيران الخصوم، قصف جوي سريع ومركز ومنجز أفضل من احتلال وتمركز قوات تكون في مرمى نيران واشتباكات الخصم، لا أقول أن جيشنا يهاب هذا ويضن بأرواح جنوده، وإنما لماذا ألجأ لحل قد يكبدني الخسائر البشرية في حين أن الأسلم الحل المركز قليل بل عديم الخسائر البشرية -بإذن الله- 
 
أخيراً لا أتمنى عملاً عسكريا في كل الأحوال وأتمنى أن تتفهم اثيوبيا ومن وراءها خطورة ما يقدمون عليه ويتراجعوا فمصر ليست كينيا يا سادة.
المختصر المفيد لا أعتقد أن يأتي  شهر يونيو القادم دون حل قاطع ونهائي للأزمة وإلا ستكون مصر أمام فترة ملء جديدة عليها أن تحمي بعدها السد.