عصام المنشاوى
في ديسمبر 2013، نشرت مجلة Nature الشهيرة بحث (بواسطة Dias and Ressler) بيوصف تجربة اتعملت على بعض الفئران.. في التجربة دى كانوا بيشمموا الفئران رائحة معينة (اسمها أسيتوفينون)، ويصاحبوا ده بتعريضهم لصعقة كهربائية خفيفة تسبب ليهم بعض الألم.. الفئران اللى اتعرضت للتجربة ربطت تلقائياً بين الرائحة دى والألم.. طبيعى جداً..
 
فين المفاجأة؟
المفاجأة كانت إن أبناء هذا الجيل من الفئران، لما اتعرضوا لنفس هذه الرائحة، كانوا بيخافوا ويرتجفوا ويبعدوا عنها قدر الإمكان، رغم انهم ما عمرهم ما شموها قبل كده في حياتهم.. ورغم انهم لم يتعرضوا لنفس التجربة اللى تعرض ليها آباءهم على الإطلاق في أي وقت..
 
مش بس كده.. الجيل التالى (يعنى الأحفاد) حصل معاهم نفس الكلام.. نفس الخوف.. نفس رد الفعل..
 
الكلام ده بيقول إيه؟..
الكلام العظمى ده بيسموه الذاكرة الجينية Genetic Memory.. واللى بتمتد لأجيال عديدة.. وتنتقل معها من مكان إلى مكان.. ومن ثقافة إلى أخرى.. .
 
يوم السبت اللى فات. وفى مشهد مبدع ومهيب.. كان موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط.. وصاحبت الموكبت نغمات موسيقية ساحرة تحمل كلمات (أنشودة مهابة ايزيس) باللغة المصرية القديمة، وبصوت أوبرالى لا يقل سحراً وروعة..
 
ناس كتير حسوا بمجرد ما سمعوا النغمات والكلمات إنهم سمعوها قبل كده.. إنها مألوفة بالنسبة لهم.. مش غريبة عليهم.. لمستهم ومست أرواحهم بشكل رهيب..خطفتهم.. خلتهم يدمعوا
 
حد فهم السبب؟
حد ربط الأحداث؟
اللى حصل يوم السبت شيء فريد ونادر جداً.. يشبه ايقاظ حد ميت من آلاف السنين.. وبث الحياة فيه مرة أخرى.... فيما يشبه المعجزة..
 
اللى سمع الكلام وحس انه سمعه قبل كده مايستغربش.. أجداده سمعوه قبل كده واتنقش على جيناتهم..
 
معجزة- Intergenerational Transmission of Memories من أعقد ما يكون..
لما يسألوك عن هوية مصر..
قل إن مصر.. مصرية..
منقول بتصرف من الأستاذ الدكتور محمد طه