د. مينا ملاك عازر
في الوقت الذي كانت دول العالم المتقدم تهتم بسرائرها إذ تجري فيها التجارب على اللقاحات الساعية لإجازتها وترخيصها لإنتاجها وبيعها وإنقاذ شعبها والاستثمار فيها مع الدول الأخرى المعتمدة على غيرها، أقول في الوقت الذي كان يحدث هذا، كانت هناك دول أخرى تنام في سريرها منتظرة الآخرين ينتجون لها، ولذا هم يتقدمون وينتجون وينقذون سريعاً -بإذن الله- من الجائحة، ويكادوا يقتربون من خط النهاية من الوباء العالمي، هذا ونحن يبقى لنا قرابة سنة وأكثر لنصل لنفس ذات الخط بالرغم من أن عدد سكاننا أقل منهم، ولا حجة لنا في عدد السكان الكبير هذه المرة تلك الحجة التي برعت الأنظمة الفاشلة تعليق فشلها عليها. 
 
في الوقت الذي كان ونحن جالسين في سريرنا نعد شعوبنا بأن نتعاقد على ملايين الجرعات من اللقاح المزمع إنتاجه بعد ترخيصه والدول تسعى لإنتاجه، كلما قاربت شركة عالمية على إنتاجه، كانوا هم يسعون فعلاً لعمل هذا، وحين فعلوا، قالوا نكفي شعوبنا الأول، وهو ما فعلته بريطانيا وأمريكا، ومع الإمارات وإسرائيل تكلمت الأموال وصنعت الفارق، فباقتصاد قوي بحق ومعدلات نمو محترمة وليس بالاعتماد على النفط فحسب، فلو كان الأمر هكذا لحذت الكويت والسعودية حذو الإمارات مثلاً، لكن المسألة في الاقتصاد الجاد والحكومات التي تعمل بحق، وصلت الإمارات رغم أنها من الغير منتجين للقاحات، وكذلك إسرائيل، وصلوا لقرب الانتهاء من التطعيمات للجميع، وهنا لا أنكر عامل هام وهو قلة السكان، لكن الإمارات قررت أن تعطي اللقاح لكل من هو على أرضها. 
 
في الوقت الذي نتخبط نحن في ما هو نوع اللقاح المزمع استخدامه؟ وكيفية توزيعه وبالمجان أم بمقابل؟ ولمن؟ وعلى أي طريقة؟ كانوا هم يعرفون طريقهم ووسيلتهم وينفذون وينجحون، أما نحن فنائمون ونستيقظ منزعجين متضايقين، لأن الشعب قلق ولا يهتم ولا ينفذ الإجراءات الاحترازية والأعداد تتزايد وبتنقص، وسلامة ألف سلامة لوزرائنا الثلاثة المصابين بكورونا. 
 
في الوقت الذي وفروا فيه الأسرة في المستشفيات لإنقاذ المصابين، نحن كنا نهتم بالأسرة لكي تكون موضع راحتنا، ونحن نطلق تصريحاتنا التي تطمئن الشعب على قرب قدوم لقاحات كورونا وبأرقام كبيرة، ونحن لا نعرف ما نوع اللقاح؟ ولا جنسيته؟ وما هي الدول التي ستوفره؟ كنا نصرح بأننا سنصنع اللقاح الهندي والروسي والصيني ونوزع لأفريقيا ونحن في أسرتنا لا نفعل إلا أن نصرح، فجاء وقت التنفيذ فاكتشفنا أننا بلا خطة ولا شفافية ولا مصداقية ولا عمل ولا لقاح، واقتصادنا لا يتحمل الإغلاق لإنقاذ الشعب، والشعب لا يتحمل الوباء مع تطوره وتحوره، واكتشف الشعب أن الأكثر تحور هو كلام وتصريحات الحكومة الذي يتحور من طور التعاقد للجلب لطور التعاقد للإنتاج لطور الاكتشاف، فالترخيص والإنتاج لطور إنه مافيش حاجة، ومش عارفين نختار أي لقاح، وخلينا نجرب في الشعب وهم يجربون لأجل الشعب، وهنا يكمن الفارق بين حكومات تشتغل لأجل الشعب الذي يحاسبها، وحكومات تشتغل الشعب الذي تحاسبه.
 
المختصر المفيد الكذب مالوش رجلين، والفشل أدام العين.