في مثل هذا اليوم 9 ابريل 1626م..
فرانسيس بيكون (Francis Bacon) فيلسوف ورجل دولة وكاتب إنجليزي، معروف بقيادته للثورة العلمية عن طريق فلسفته الجديدة القائمة على " الملاحظة والتجريب ".

من الرواد الذين انتبهوا إلى غياب جدوى المنطق الأرسطي الذي يعتمد على القياس.

المنهج التجريبي لدى فرانسيس بيكون: (لو بدأ الإنسان من المؤكدات انتهى إلى الشك، ولكنه لو اكتفى بالبدء في الشك، لانتهى إلى المؤكدات) فرانسيس بيكون

شهد القرن السابع عشر تغييرات هامة في طريقة تفكير الكثيرين جعلته بمثابة ثورة إلا أنها لم تكن بالغة الأثر وذلك راجع إلى الضغوط القوية المستحدثة التي أثرت على بناء الفكر وتلاحمه، وقد جاءت الضغوط من عدة اتجاهات أهمها الأفكار العلمية التي فجرها جاليليو ونيوتن، عصر النهضة بإعادة إحياء معرفة الشكاك القدامى، عصر الإصلاح الديني الذي تحدى السلطات التقليدية وكذلك الحروب الدينية والثورة الصناعية والتوسع وراء البحار مما كشف الأوروبيين على حضارات أجنبية جديدة.

هذه العوامل أثرت في طريقة التفكير ولم يكن أمام الفلسفة خيار سوى الاستجابة واستيعاب أكثر قدر من الأفكار والمعلومات والحقائق الجديدة. ولهذا الغرض ابتدأت بالشك، لأن التفكير العلمي الفعال يبدأ من الشك لا من الإيمان. ويعتبر بيكون من أوائل الذين دعوا إلى تحرير الفكر والاصطباغ بالروح العلمية في العصور الحديثة في كل أوروبا. يقول بيكون: إن إفساح المجال أمام الشك له فائدتان، الأولى تكون كالدرع الواقي للفلسفة من الأخطاء والثانية تكون كحافز للاستزادة من المعرفة. ولد فرانسيس بيكون في مدينة لندن في الثاني والعشرين من شهر يناير من عام 1561، التحق بجامعة كامبريدج ومن ثم رحل إلى فرنسا واشتغل مدة في السفارة الإنجليزية بباريس ثم ما لبث أن عاد إلى وطنه وشغل مستشارا للملكة إليزابيث.

فلسفة بيكون
يعتبر بيكون هو حلقة الاتصال بين الماضي والحاضر وذلك لأنه يرى أن الفلسفة قد ركدت ريحها، واعتراها الخمود في حين أن الفنون الآلية كانت تنمو وتتكامل وتزداد قوة ونشاطا على مر الزمن.أدرك بيكون أن انحطاط الفلسفة يرجع إلى عدة عوامل: خلفت النهضة الأوروبية روحا أدبية جعلت الناس يهتمون بالأساليب والكلمات ويهملون المعاني. اختلاط الدين بالفلسفة، واعتماد الناس في أحكامهم على الأدلة النقلية وأخذهم بأقوال السالفين دون نظر في صحتها من عدمه. لرجال الفلسفة أثر في انحطاط الفلسفة، إذ خرجوا بها عن موضوعها واعتمدوا فيها على الثرثرة الكاذبة. تعصب الناس وتمسكهم بالعادات القديمة والعقائد الموروثة. عدم التثبت في دراسة الأمثلة والطفرة في الوصول إلى نتائج.

وقد أدرك بيكون بأن العيب الأساسي في طريقة التفكير لدى فلاسفة اليونان والعصور الوسطى إذ ساد الاعتقاد بأن العقل النظري وحده كفيل بالوصول إلى العلم، ورأى أن الداء كله يكمن في طرق الاستنتاج القديم التي لا يمكن أن تؤدي إلى حقائق جديدة، فالنتيجة متضمنة في المقدمات. فثار ضد تراث أفلاطون وأرسطو بأسره وظهر له بأن الفلسفة المدرسية شيء مليء بالثرثرة، غير واقعي وممل للغاية، كما أنها لم تؤد إلى نتائج، وليس هناك أمل في تقدم العلوم خطوة واحدة إلا باستخدام طريقة جديدة تؤدى إلى الكشف عن الجديد وتساعد على الابتكار لما فيه خير الإنسانية. وقد حمل الفلسفة التقليدية وزر الجمود العلمي والقحط العقلي ويستغرب عجزها عن الإسهام الفاعل في رفاهية الإنسان وتقدمه وسعادته. وقد اعتقد بيكون أنه قد وجد الطريقة الصحيحة في الصيغة الجديدة التي وضعها للاستقراء، ويقصد به منهج استخراج القاعدة العامة (النظرية العلمية) أو القانون العلمي من مفردات الوقائع استنادا إلى الملاحظة والتجربة.

كان بيكون مسيحيًا أنجليكانيًا ورعًا. ولقد كان يعتقد أنه ينبغي دراسة الفلسفة والعالم الطبيعي دراسةً استقرائية، ولكنه قال بأنه لا يمكننا سوى دراسة الحجج لوجود الله. يُمكن أن تأتي المعلومات الخاصة بسماته (مثل الطبيعة والإجراء والأغراض) فقط من وحي خاص. لكن بيكون اعتبر أيضًا أن المعرفة بطبعيتها تراكمية، حيث شملت تلك الدراسة أكثر من مجرد الحفاظ على الماضي. فيكتب: "المعرفة هي المخزن الغني لمجد الخالق وتخفيف حيازة الإنسان"، وفي مقالته يعتبر أن «صحيحٌ أن القليل من الفلسفة تقنع عقل الإنسان بالإلحاد، ولكن التعمق في الفلسفة يجلب عقول البشر للدين».

قد تكون فكرة بيكون عن أصنام العقل تمثل وعيًا ذاتيًا محاولة لإضفاءه الطابع المسيحي على العلم وفي نفس الوقت الذي يقوم فيه بتطوير طريقة علمية جديدة موثوقة؛ أعطى بيكون عبادة نبتون كمثال على مغالطة قبائل الأصنام، ملمحًا إلى الأبعاد الدينية لنقده للأوثان.!!