Oliverكتبها 
- ربنا المحب يعرف أننا فاقدين ملكوته طالما كنا متمسكين بملكوتنا الوهمي.لذا هو ماهر في إستبدال ملكوت الناس بملكوت الله.يعرف أين مداخلنا و مخارجنا فيقتنصنا لأجل خلاصنا.يذهب ليعترض طرقنا التائهة لكي نجده فنجد حياة أبدية.يفعل هذا مع كل أحد.لا يحابي و لا ينس .
 
- كما ذهب إلى جثسيماني منهكاً و تصبب عرقاً كالدم ثم خرج إلى الصليب نحو الساعة السادسة ليستكمل خلاصنا هكذا اليوم ذهب إلى حافة البئر منهكاً  نحو الساعة السادسة أيضاً كمن يضع عنقه على المقصلة لكي ينذبح فيرش دمه علي البشرية لنشرب و نغتسل و نعيش إلى الأبد.ذهب ليعترض طريق نفساً تاهت حتي عن نفسها.ذهب قبلها.أبعد إثني عشر رجلاً عنها.لأن خجلها  من الجميع كان سيعوق خلاصها. أرسل تلاميذه جميعاً ليبتاعوا طعاماً أما هو فطعامه أن يضمنا إلى ملكوته بعيداً عن حصارنا فى ممالكنا.
 
ألم يقل بفمه المبارك أنا ذاهب لأعد لكم مكاناً و ها هو ذاهب ليعد لهذه الجميلة مكاناً في ملكوته عند البئر.
 
- تذكر هذه المرأة جيداً.فنحن نشبهها جداً.هى طويلة ممشوقة القوام.تلف جسمها بوشاح طويل مزركش.عيناها متورمتان.وجهها كله منتفخ كأنه من الطاعون.تسير في الطريق تتلفت كل دقيقة.ترسل نظراتها كل الأرجاء و لا تر شيئاً.نظراتها زائغة فلا تلحق بالأشياء أو الناس و كلما عجزت عن الرؤية رضيت عن المسير ظناً أنه لا يوجد سواها في الطريق إلى البئر.تكاد هذه المرأة أن تصبح عمياء.على وجهها إبتسامة ماتت منذ زمن طويل و بقيت أطلالها.لا تحمل الجرة علي رأسها كما تفعل النسوة في زمانها.بل تحتضنها كتلميذة خارجة من مدرستها.تختفي في الجرة و تختفي الجرة فيها.شيئاً ما ينبعث من وجهها كحرارة الحمى.هكذا أبصرتها.
 
- كان للمرأة خمسة أزواج.فلننتبه لأنهم ليسوا فقط أزواج بل خمسة مراحل مرت بها السامرية.خمسة حالات عاشتها.الزوج الأول حين عجزت بسبب خجلها أن تقول لا للخطية.فقالت لأتذوق و تذوقت فكان فمها مراً و جوفها حنضلاً.من الزوج الأول فسد ذوقها.ضاعت حاستها الأولى و النفس ماتت,ثم وجدها زوج ثان.تسيد عليها فصارت عبدة.عاشت العبودية بذوقها الفاسد.فكانت العبودية حالتها الثانية و الإرادة ماتت.ثم وجدها زوج ثالث.وجدها بلا إرادة.فأدمنت الشر.تحولت الخطية إلى عادة تشربها كالماء و الضمير مات.و تركها الزوج الثالث حيث لم تعد تحتاج إلى تجربة لتسقط بل هي تبحث عن السقوط بنفسها بسبب الإدمان.ثم جاء زوج رابع.لم تكن المرأة تهمه في شيء.فكان يتجول بها يبيع بها الخطية فالكيان فيها مات و القيمة عندها صارت صفراً..من ذوق فاسد إلى عبدة للشر ثم مدمنة و الآن صارت آلة للخطية لتعثر الأخرين و تبيع تجارتها لحساب إبليس و لا تربح شيئاً.ثم جاء زوج خامس.أما هي فلم تكن هناك.صارت ميتة بجملتها.لا إرادة و لا فكر و لا بصر و لا تذوق .تتحرك الجثث بالخطية.هكذا تتحرك السامرية ميتة.كلها ميتة.جاء زوج سادس لم تسميه زوج لأنها لم تعد تعرف حتي نفسها.تاهت الأعداد و ضاعت السنوات صادقة حين قالت ليس لي زوج لأنها لم تكن تعرف ما لها كذلك لا يعرف الأموات مثلها. الإنسان مخلوق اليوم السادس كامل الموت هكذا صارت السامرية..كل الأزواج ليسوا أزواج.إنها حالات إنحدار و تدهور.هذه مملكتها التي عاشت فيها خجلى.
 
- لابد أنها ستأت للبئر.ستجد المسيح و يجدها .يبدأ كلامه بلفظ (إعطنى) يعرف اليهود بقيتها يا إبني إعطني قلبك.توجه المسيح مباشرة إلى القلب.إعطني لأشرب ما في قلبك من خطية و أحملها عنك علي الصليب.
 
-إنتبهت المرأة لفرق اللغة.إستردت البصر و رأت قدامها رجل يهودى.لغته و ملبسه يهودى.و هى لطول الفراق نسيت أن السامريين أيضاً يهود و من شعب الله و رعوية إسرائيل.لكنها الآن تسترد الوعى شيئاً فشيئاً.سألته كيف يطلب منها و هو يهودي و هي يهودية أيضاً لكنها غائبة عن ملكوت الله أجنبية عن بني الملكوت.قال لها الرب لو تعلمين من أنا.هذا هو الملكوت.أن نعرف الثالوث.لو علمنا الإبن لطلبنا منه ماءاً نحيا به إلى الأبد.فتلهفت المرأة لأنها عادت تفكر فمنذ زمن طويل لم تستخدم فكرها الميت.ها البصر يعود و ها الفكر يستنهض مجدداً.كيف يكون لك ماءا بلا دلو أو حبل.حتي أبينا يعقوب كان يحتاج دلو  و حبل ليملأ ماءاً.فإن كنت تستطيع أن تحضر الماء من غير دلو فأنت أعظم من أبينا يعقوب.لقد بدأت تتذكر ألفاظ العظمة و يعقوب و يهودي لقد نشط قاموسها القديم.فطلبت ماء الحياة لكي لا تأت مرة أخرى إلى البئر.
 
- إذهبي و إدع زوجك.زوجها الأخير كان الموت.فإن قدمته للمسيح عاشت لأنه مات عنا و عنها.فأجابت ليس لي زوج.أنا وصلت لحالة مخيفة من كمال الموت حتي إني لا أعرف من أكون و لا من يكون الذى يعيش معي أو يعيش في داخلي.هنا فرح المخلص.نعم كانت لك خمسة مراحل.كنت أتابعك و أنتظرك للوقت المناسب.كان لك خمسة أزواج.أعرف أن الذى معك الآن ليس معك بالفعل ليس زوجك بالصدق ليس شيئاً لأنك فقدت الأشياء حين فقدت نفسك.هكذا قلت بالصدق.فكان تشجيع المسيح مثل نسمة حياة في روحها فبدأت تنهض الروح و تري المسيح روحياً و ليس إنسانياً تراه نبي لأن روحها أفاقت قليلاً.أرى أنك نبي حسب مقدار بصرى الآن.فجاوبني أين سنسجد هنا أم هناك في السامرة.فأجابها ليستكمل يقظة الروح يا إمرأة الذين يسجدون للآب فبالروح و الحق ينبغي أن يسجدوا. الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا.قامت روح السامرية.
-حين قامت الروح بدأت تبصر الأبدية.رأت الأبدية في المسيا.هو آت و نحن ننتظر مجيئه.أنت المسيا.ما إحتجت أحداً لأسترد الحياة سواك.أخذت ملكوتي الفاسد و وهبتني ملكوتك الحي.صرت متنبهة.الفكر عاد و النفس أفاقت.الإرادة جائتني من بعيد و الرؤية صارت ممكنة.الروح نهضت و الأبدية أخذت موقعها في أشواقي.أنت المسيا.أنت فعلت كل هذا بكلامك معي.كنت تخاطب كياناً ميتاً فعاش و وعياً غائباً فوجد.لهذا لن أختف في الجرة.سأتركها هنا.لقد سترتني فما حاجتي إلي حجر أستتر خلفه.عاد الإثني عشر و تعجبوا.عادوا ليشهدوا كيف يستبدل المسيح ممالكنا الواهية بملكوته الأبدى.فتركت المرأة جرتها لأن أملاكها كانت جرة مشققة لا تضبط ماءاً.اليوم إنفجر داخلها ينبوع الحياة.فهامت تطوف بين السامريين لا تتحدث إلا عن المسيا .الملكوت الحي يغلبها.ها قد وجدنا ملكوت المسيا و مسيا الملكوت.