عمل ضابطا في الجيش البولندي.. وساعد اليهود للهروب من قبضة النازيين

 
كتب - نعيم يوسف
تمر اليوم ذكرى رحيل البابا يوحنا بولس الثاني، الذي رحل عن عالمنا يوم 2 أبريل عام 2005، تاركا خلفه ميراثا كبيرا من التغييرات التي وضعها في وقت حبريته على سدة الكرسي البطرسي، والتي امتدت إلى نحو 27 عاما.
 
من الرياضة إلى الجيش
ولد "كارول فوتيلا"، وهو اسمه الأصلي قبل الكهنوت والبابوية، في في 18 مايو 1920 في بلدة وادووايس البولندية، وكان هو الأصغر في عائلته، وفي صغره عمل في العديد من المهن، رغم أنه كان رياضيا بارزا في كرة القدم، إلا عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية وقامت القوات النازية بغزو بولندا، وفرضت على جميع الذكور القادرين على العمل، التطوع لخدمتها، فعمل فوتيلا كنادل في مطعم، وعامل في محاجر الحجر الجيري وفي مصنع سولفاي الكيميائي، وفي عام 1941 أصبح كارول ضابطًا في الجيش البولندي، وبحلول هذا الوقت كان جميع أفراد عائلته قد توفوا ولم يتبق على قيد الحياة سواه.
 
 
تعلم اللاهوت سرا
بعد أن أغلقت النازية المدارس اللاهوتية، بدأ بتلقي دورسه اللاهوت في مدرسة سريّة تحت الأرض يديرها مطران كراوف إلى جانب كاردينال بولندي آخر، وفي 17 يناير 1945 انسحب الألمان من المدينة، وتطوع كارول في مهمة تنظيف المدينة من آثار الاحتلال النازي، كما قام بمساعدة عدد من اليهود الهاربين من معسكرات الاعتقال في شيستوشوا.
 
من الكهنوت إلى البابوية
عيّن كارول كاهنًا مساعدًا في إحدى قرى كراكوف، وفي 1 نوفمبر 1946،وبتاريخ 13 يناير 1962 تم تعيينه رئيسًا لأساقفة كراكوف على يد البابا بولس السادس، وبعدها بخمس سنوات أعلن بولس السادس انضمام المطران كارول رسميًا إلى مجمع الكرادلة بمنحه لقب "كاردينال"، وفي أغسطس 1978 توفي البابا بولس السادس، وتم انتخابه لمنصب بابا روما.
 
تأثير كبير في الحبرية
قاوم النفوذ الشيوعي في بولندا كما كان له دور بارز في صياغة المنشور البابوي للتعليم الاجتماعي الخاص بحظر الإجهاض ووسائل الحمل الاصطناعية وكذلك وسائل تحديد النسل، وأصدر  أربعة عشر منشورًا بابويًا عامًا، وزار 129 بلدًا وقطع أكثر من 1.1 مليون كليومتر سفرًا، ومن بين هذه الدول مصر، ولبنان، حيث كان في عام 1997 أول بابا يزور لبنان، ثم عام 2000 أول بابا يزور مصر حيث التقى مع بابا الإسكندرية شنودة الثالث، كما كان أول بابا يزور سوريا عام 2001 وأول بابا يزور مسجدًا إسلاميًا حينما زار الجامع الأموي في دمشق، وصلّى أمام قبر يوحنا المعمدان، وألقى في الجامع الأموي عظة دعا فيها المسلمين والمسيحيين واليهود للعمل معًا.
 
غير يوحنا بولس الثاني معالم البابوية وطبعها بشخصيته القوية اذ اتسم عهده بالتسييس وبالمواقف المحافظة أخلاقياً ما ابعد عنه قسما من المؤمنين الذين وجدوا هوة بين تعاليمه والحياة المعاصرة.
 
 
وفاته.. أسمحوا لي بالمغادرة
في 31 مارس 2005 أصيب البابا بالتهاب بالمسالك البولية، وفي يوم السبت 2 أبريل 2005 حوالي الساعة 15:30 بالتوقيت العالمي، قال البابا كلماته الأخيرة بالبولندية: "اسمحوا لي أن أغادر إلى بيت الآب"، قال ذلك لمساعديه، ثم دخل في غيبوبة دامت أربع ساعات، وتوفي البابا في شقته الخاصة الساعة 19:37 بالتوقيت العالمي، بسبب قصور في نبضات القلب وانخفاض شديد في ضغط الدم، بعد 85 عامًا و46 يومًا من ميلاده.