محمد أبوقمر

إعترض أحد الأساتذة من الذين احترمهم علي قولي بهويتنا المصرية ، بالطبع كل واحد حر في رأيه ، لكن أود الإشارة إلي عدة نقاط :
 
1- الدين ليس هوية ، فالأتراك مثلا مسلمون لكنهم أتراك ، والايرانيون مسلمون لكنهم إيرانيون ويعتزون بأصلهم التاريخي رغم أن العرب غزوهم مثلما فعلوا معنا ونشروا الاسلام هناك مثلما حدث في حالتنا .
 
2- مصريتنا لا تعني إنكارنا لتأثراتنا بالثقافة العربية ، ثم إن ثقافتنا خليط هائل ليست الثقافة العربية هي العنصر الوحيد فيها ، وإنما هناك عناصر أخري تتداخلت في معارفنا نتيجة وضعنا الجغرافي ونتيجة موجات الغزو المتتالية التي تعرضنا لها طوال تاريخنا.
 
3- الهوية أيضا لا علاقة لها باللغة ، فالفرنسيون نجحوا في إحلال الفرنسية في دول شمال إفريقيا وفي بعض الدول الإفريقية الأخري التي تتحدث الفرنسية الآن كلغة أولي لكن ذلك لم ينفي الهوية التونسية ولا المغاربية ولا إفريقية الدول الإفريقية الأخري.
 
4- مصريتنا لا تلغي ارتباطنا التاريخي بالجغرافيا من حولنا ولا تلغي اشتراكنا المصيري مع جيراننا في مختلف القضايا التي تؤثر علي وجودنا المشترك ، وإنما_ وهذا ما لا يعرفه رجال الدين ولا يدركه القوميون_ فإن مصريتنا تعزز ارتباطنا بمن حولنا ، فالذوبان في هويات الآخرين يعني الاضمحلال ، وحين لا تكون لك شخصية ذات مواصفات خاصة تفقد فاعليتك ، والاندماج غير الذوبان ياسيدي.
 
5- النقطة الأهم هي أن الهوية تعني الخصوصية التاريخية من حيث النشاط الإنساني والأفكار والقيم والمعارف الناتجة عن هذا النشاط ، ثم القناعات الفكرية ونوعية الوعي ومضامينه ونظرتنا إلي العالم وإلي الكون  ، وكل ذلك نحن نختلف فيه عمن حولنا ، نحن مسلمون لكننا مصريون ، نتحدث العربية لكننا نعبر بها عن مصريتنا ، إنتاجنا الفكري والثقافي والفلسفي والفني باللغة العربية يختلف كثيرا عن نفس النوعية من الانتاج عمن حولنا ، نحن نعبر عن تاريخيتنا باللغة العربية.
 
6- شعار ( أمة واحدة ذات رسالة خالدة ) وشعارات القوميين علي مختلف اتجاهاتهم هي محض شعارات سياسية لا علاقة لها بالجذور التاريخية إنما كانت نابعة في أغلب الأحيان من منطلقات زعامية أحيانا ، وأحيانا إلي الرغبة في تكوين محاور وتكتلات جغرافية ، وأحيانا تعود إلي أوهام تنقصها المعرفة بالتاريخ.