فى مثل هذا اليوم ..29 مارس 1943م..
عنوان الكتاب" الكتاب اﻻسود فى العهد اﻻسود"..وعدد صفحاته 500ورقة..وموضوعه يشمل اتهامات بالفساد المالى والسياسى موجهة الى مصطفى النحاس زعيم حزب الوفد وموعد صدوره 29مارس 1943 والقصة فى عمومها لم تكن مجرد كتاب يحتوى على اتهامات بالفساد وانما فراق بين قطبين تاريخيين سياسيين فى السياسة المصرية..،كانا رفيقى كفاح فى مقاومة اﻻحتلال البريطانى من اجل اﻻستقلال وجمع حزب الوفد نضالهما وبينما كان النحاس زعيمه وكان عبيد سكرتيره العام فى معادلة للقيادة ميزت الوفد بان يكون حزبا وطنيا جامعا للمسيحيين والمسلمين..
 
ويذهب هيكل فى كتابه سقوط نظام الى ان مكرم كان يتطلع الىمنصب رئيس الوزراء مدفوعا بشعبيته الكبيره ..وانتهاء بما يذكره د.محمد حسين هيكل رئيس حزب اﻻحرار الدستوريين ورئيس مجلس الشيوخ فى مذكراته بان حرم النحاس باشا قدمت لعبيد بصفته وزيرا للمالية والتموين عدة مطالب وكانت تلك المطالب تستلزم اجراء بعض التسهيلات غير القانونية لدعم وتعزيز المشروعات التجارية لعدد من اقاربها ..وكانت تريد استغلال منصب النحاس باشا
كرئيس للوزراء لتحسين اﻻوضاع المالية لها واسرتها كما ان النشاط المالى التجارى لشقيقى حرم النحاس فى مجالى التصدير واﻻستيراد يخضع مباشرة لنظم وقوانين وزارتى المالية والتموبن..ويقول جلال الحمامصى ان شقيقى حرم النحاس كان وسيطين تجاريين مستغلين علاقتهما بالنحاس ..وانهما كانا يتقاضا عموﻻت..
 
وجاء الكتاب اﻻسود فى صورة عريضة للملك ..ويحتوى على عدة فصول من انواع مختلفة من المحسوبية والترقيات اﻻستثنائية فى جميع الجاﻻت..ويقول الحمامصى ان الكتاب استغرق طبعه 8 اشهر..
 
تقدَّمَ مكرم عبيد بعريضة على شكل استجوابٍ طَرَحَه في مجلس النواب، هذه العريضة شكَّلَتْ نواةً لموضوعِ هذا الكتاب الذي يروي فيه مكرم عبيد ما اعتبره مصائب وفضائح حدَثَتْ في حزب الوفد، وقد مكَّنَهُ منصبه كوزيرٍ للمالية في وزارة النحاس باشا الوفدية، من الاطلاع على وثائق سرِّية تُثْبِت وجود فساد كبير داخل وزارة النحاس باشا، وقد فُصِلَ مكرم عبيد من المجلس بعد ثلاثة أيام فقط من طَرْح ذلك الاستجواب واعْتُقِلَ بعد ذلك على إثره، إلا أن هذا الكتاب كان بمثابة المعول الذي هَزَّ أركان الفساد السياسي، ومهَّدَ بعد ذلك للتطهير الشامل وبداية عهد جديد.
 
مكرم عبيد باشا: أحد زعماء الحركة الوطنية المصرية في القرن العشرين، ووزير المالية الأسبق، وأحد أبرز مفكِّري مصر في حِقبة الخمسينيات، وصاحب المقولة الشهيرة: «نحن مسلمون وطنًا ونصارى دينًا، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصارًا. اللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين.»
وُلِدَ مكرم عبيد عام ١٨٨٩م في مدينة قنا بصعيد مصر لعائلة مسيحية مرموقة، درس القانون في جامعة أكسفورد، وحصل على ما يعادل درجة الدكتوراه في ذلك الوقت عام ١٩١٢م. عمل سكرتيرًا لجريدة الوقائع المصرية، عُيِّنَ بعد ذلك أستاذًا في كلية الحقوق. انضم «عبيد» إلى حزب الوفد عام ١٩١٩م، وعمِل في مجال الدعاية والترجمة ضد الاحتلال، وامتد نشاطه الدعائي لإنجلترا وألمانيا وفرنسا، وعندما نُفي سعد زغلول، كثَّف «عبيد» نشاطه الدعائي ضد الاحتلال في الخطب والمقالات الوطنية التي كان يلقيها؛ ممَّا دفع الاحتلال للقبض عليه ونفيه.
 
شارك مكرم عبيد ابتداء من عام ١٩٢٨م في عدة وزارات شُكِّلَتْ، فكان وزيرًا للمواصلات في وزارة النحاس باشا، وعُيِّنَ وزيرًا للمالية في الوزارة التي شُكِّلَتْ عقب معاهدة ١٩٣٦م، كما شارك أيضًا في ثلاث وزارات لاحقة تشكلت برئاسة كل من أحمد ماهر والنقراشي. وقد نذر «عبيد» حياته المهنية كمحامٍ للدفاع عن المتهمين السياسيين، ولا تزال أصداء مرافعاته مسموعةً في تاريخ المحاماة في مصر، وربما كانت أبرز القضايا التي تولى الدفاع عنها قضية اتِّهام عباس العقاد بسب الذات الملكية.
 
نتيجة لهذا العطاء السياسي والنشاط المهني، اخْتِيرَ عبيد نقيبًا للمحامين ثلاث مرات. ويُعد عبيد من مؤسسي الحركة النقابية في مصر الحديثة؛ فقد كان الواضع الأول لكوادر العمال في مصر وما يخصهم من تأمين اجتماعي، وصاحب فكرة الضريبة التصاعدية ونظام التسليف العقاري الوطني.
وبعد حياة سياسية وطنية زاخرة بالكفاح الوطني ومليئة بالعطاء الإنساني، تُوُفِّيَ مكرم عبيد في عام ١٩٦١م...!!