بقلم : هاني صبري - المحامي
التعدي علي أسرة فتاة المرج من قبل الجيران الذين اتفقوا فيما بينهم علي مشروع إجرامي واحد وهو اقتحام مسكن تلك الأسرة والتعدي عليهم بالضرب وسحلهم وخطيبها دون وجه حق، وهذه مأساه تحتاج إلي علاج رادع وفقاً للقانون لأنها تكررت داخل المجتمع.  
 
بينما كانت تجلس الفتاة في شرفة شقتها مع خطيبها كانت الأمور تسير على ما يرام، ومع دقات الساعة السابعة والنصف مساء أمس، سمعا طرقات على باب الشقة كالصاعقة، اتجه الشاب مسرعا إلى الباب ليتفاجأ بوابل من الشتائم من الجيران واندفع بعضهم إلى الشقة يعتدون على الأم والفتاة وشقيقتها وعليه. واستمر الضرب حتى سالت مائهم ، بحجة إدعاء الجيران أن خطيبها يحضنها، تلك الجريمة المؤسفة وقعت أحداثها في منطقة مؤسسة الذكاة التابعة للمرج بمحافظة القاهرة.
 
وقد نفت الفتاة ما تردد من مزاعم في حقهم ، مؤكدة أن ما حدث لهم  ظلم  وافتراء لا يستحقونه ، ناهيك عن أنهم داخل شقتهم ولهم خصوصيتهم وليس من حق أحد اقتحام مسكنهم والتعدي عليهم، كما قررت الفتاة قبل حدوث الواقعة بساعات طلب صاحب الشقة المؤجرة  من والدي ترك الشقة خلال شهرين.
وعلي بالرغم من التعدي علي أسرة الفتاة واقتحام مسكنهم وضربهم ، فقد قام الجيران بتحرير محضر ضدهم يطالبوا فيه أسرة الفتاة بعدم التعرض لهم لإجبارهن علي التصالح.
 
حيث تم تحرير محضر صلح بينهم في قسم الشرطة. رغم ما تعرضوا له من إيذاء على يد جيرانهم.
 
في تقديري الشخصي أن جرائم ترويع المواطنين وزعزعة الأمن والاستقرار لا يجوز فيها التصالح حتى لو تنازل المجنى عليهم عن حقهم، لأنها جرائم تهدد استقرار المجتمع، وتلك الجرائم تهدد السلم العام ، فيظل حق المجتمع، وتعتبر تلك الجريمة ليست فى حق المجنى عليهم فحسب، وإنما فى حق المجتمع بأسره، فمرتكب تلك الجرائم لا يرتكبها فى حق المجنى عليهم فقط، ولكن ضد المجتمع كله، وبالتالى فإن المشرع ألزم بأن يقوم أى شخص بالادعاء مدنياً فى تلك القضايا بصفته مواطنا فى المجتمع، أو أن تقوم النيابة العامة بالادعاء ممثلة عن المجتمع بصفتها صاحبة الأصيل في ذلك ، وتطالب بأقصى عقوبة، وتصبح طرفا فى القضية بجانب المجنى عليهم، فلو تصالح المجنى عليهم، فلا تصالح فى حق المجتمع، وهذا يحقق الردع العام الذى ننشده.
 
أن ما قام به الجيران يعد انتهاك صارخ للقانون وللحقوق والحريات، وللخصوصية و الحرمات وفيها إهارب وبلطجة. وفي الآونة الاخيرة تكررت جرائم استعراض القوة والتلويح بالعنف تجاه الآخرين. وهذا ينذر بالخطر علي أمن وسلامة المجتمع.
 
نتساءل من نصب هؤلاء الجناة إوصياء علي المجتمع ؟! لسنا في شريعة الغاب، لذا يجب التصدي بكل حزم لتلك الجرائم نحن في دولة سيادة القانون.
 
حيث إن الحياة الخاصة لها حرمة، وحق يكفله الدستور والقانون وأن أقتحام مسكنهم والتعدي عليهم بالضرب من قبل الجيران يعد جريمة جنائية وفقاً لقانون العقوبات، وتضع مرتكبيها تحت طائلة القانون وهذه ضمانة مهمة لحماية الحريات الشخصية.
 
ننوه أن مثل هذه الأفعال المؤثمة قانوناً تحمل في طياتها أيضاً مخالفات دستورية.
 
وأن المشرع جرم الاعتداء علي الحياة الخاصة دون الحصول علي إذن من النيابة أو القاضي المختص حسب الأحوال. حيث نص الدستور المصري 2014 في مادته 57 ( فإن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون ..)".
 
كما تنص المادة 58 من الدستور " للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطـر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى مسبب،.. ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها أو تفتيشها، وإطلاعهم على الأمر الصادر فى هذا الشأن".
 
ومن ثم ليس من حق هؤلاء الجناة اقتحام مسكنهم والتعدي علي تلك الأسرة المسالمة في مسكنهم الخاص.
 
أن ما اقترفه الجناة يعد استعراض القوة وتعريض حياة الآخرين للخطر وفقاً لنص المادة (375 مكرر، 375 مكرر أ) من قانون العقوبات. يعاقب بالحبس كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوى أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أى أذى مادى أو معنوى به، أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير فى إرادته لفرض السطوة عليه - أو إرغامه على القيام بعمل، أو تكدير الأمن أو السكينة العامة، متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب فى نفس المجنى عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشىء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره.
 
كما تنص مادة (375 مكررا أ)  يضاعف كل من الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة المقرر لأية جنحة أخرى تقع بناء على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة 375 مكرر ، ويرفع الحد الأقصى لعقوبتي السجن والسجن المشدد إلى عشرين سنة لأية جناية أخرى تقع بناء على ارتكابها.
 
وبناء عليه نطالب سيادة النائب العام باستصدار أمر بالقبض علي هؤلاء الجناة والتحقيق معهم، وإذا ثبت ارتكابهم لتلك الجرائم إحالتهم لمحاكمة جنائية عاجلة وتوقيع أقصي عقوبة مقررة عليهم وفقاً للقانون وذلك لتحقيق الردع العام والخاص ولمنع من تسول له نفسه التعدي علي الحقوق والحريات الشخصية والخاصة للمواطنين والضرب بيد من حديد علي من يريدون ترويع الآمنيين، وذلك حفاظاً علي سلامة المجتمع وعلي هيبة الدولة.