أخطر 5 تنظيمات إرهابية في أفريقيا تدين بالولاء لتنظيمي القاعدة وداعش ولها مصادر تمويل مختلفة

فيما نجحت الجهود الدولية للحد من النشاط الإرهابي لتنظيمي القاعدة وداعش في آسيا، شكّلت القارة الأفريقية استثناء، وتحولت إلى بؤرة مفضلة للجماعات الإرهابية، حيث أشارت العديد من الدراسات إلى وجود أكثر من 60 تنظيماً إرهابياً بالقارة السمراء.
 
 
تأسيس "ائتلاف منطقة الساحل" بين دول أفريقية وفرنسا
 
كيف ترى أفريقيا مشروع الغزو التركي لليبيا؟
وتحولت القارة الأفريقية خاصة في العشرية الأخيرة إلى بؤرة مفضلة للجماعات الإرهابية وجدت فيها بيئة جاذبة لأنشطتها الإجرامية، مستغلة عدة عوامل وفق الخبراء الأمنيين.
 
أبرزها هشاشة كثير من دول المنطقة أمنياً، وغياب أو ضعف التنسيق الأمني بين دول أفريقية، واستثمار التنظيمات المسلحة في الوضع الاقتصادي المتردي لكثير من دول المنطقة.
 
بالإضافة إلى التدخلات الأجنبية في أزمات المنطقة، والتي رحّلت تنظيمات إرهابية من قارة إلى أخرى، كما هو الحال مع التدخل التركي في الأزمة الليبية، الذي جلب مئات المقاتلين التابعين لتنظيم داعش الإرهابي من سوريا والعراق، وهي الورقة التي لطالما استغلها النظام التركي لابتزاز المنطقة.
 
واتفقت باريس و5 دول أفريقية، الإثنين الماضي، على تأسيس "ائتلاف منظمة الساحل الإفريقي" عقب قمة لمكافحة الإرهاب جمعت الدول الـ6 في مدينة "بو" جنوبي فرنسا.
 
القمة جاءت بالتزامن مع تزايد العمليات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء التي يصفها الخبراء بـ"الحاضنة المفضلة للجماعات الإرهابية"، كان آخرها الهجوم الإرهابي، الخميس الماضي، الذي استهدف جنوداً في جيش النيجر بمعسكر شينيغودار على الحدود مع مالي وأسفر عن مقتل 89 جندياً على الأقل.
 
ويمتد انتشار الجماعات الإرهابية في القارة السمراء من القرن الأفريقي في الصومال وكينيا إلى غاية بحيرة تشاد التي تضم الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا، ويصل إلى غرب ووسط أفريقيا في مالي وبوركينافاسو وغينيا والكونجو الديمقراطية وأوغندا، وفي شمال أفريقيا خاصة في ليبيا.
 
وأشارت العديد من الدراسات والتقارير الدولية إلى وجود أكثر من 60 تنظيماً إرهابياً في القارة الأفريقية ظهرت بشكل أكبر في العقد الأخير "لا تعترف بالحدود الجغرافية"، ومستفيدة من تدهور الوضع الأمني في ليبيا ومالي، واستمرار الحرب الأهلية في الصومال.
 
تنضوي غالبيتها تحت لواء تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، وتتبنى الفكر الإخواني، وأخرى مسيحية متطرفة مثل حركة "لأنتي بلاكا" في جمهورية أفريقيا الوسطى.
 
ويقول خبراء أمنيون، إن تنظيمي داعش والقاعدة أعادا الانتشار في أفريقيا خاصة في منطقة الساحل والصحراء بعد الضربات القاصمة التي تلقياها في سوريا والعراق وأفغانستان، بعد سنوات من تفريخ الجماعات المسلحة، والاقتتال بينها ثم توحد عدد كبير منها في إطار استراتيجية "إعادة بناء القدرات"، بشكل أعاد صياغة "خارطة الإرهاب" في القارة السمراء.
 
ووفقاً للأمم المتحدة، فإن تدهور الوضع الأمني في ليبيا نتج عنه "تداعيات تكثفت وانتشرت في جميع أنحاء المنطقة مع عبور الأسلحة والمقاتلين باستمرار"، وشكل ذلك أحد أبرز الأسباب الرئيسية لتمدد الجماعات الإرهابية في أفريقيا.
 
وتستعرض "العين الإخبارية" في هذا التقرير أبرز وأخطر التنظيمات الإرهابية الناشطة في أفريقيا، التي تبايع غالبيتها التنظيمين الإرهابيين العالميين "القاعدة وداعش".
 
جماعة "نصرة الإسلام"
تصنف كواحدة من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم ومنطقة الساحل والصحراء تحديداً كونها تضم "أكبر تحالف يدين بالولاء لتنظيم القاعدة"، منذ تأسيسها في مارس/آذار 2017.
 
وتضم 4 جماعات إرهابية وهي "جماعة أنصار الدين"، و"كتيبة المرابطون"، و"إمارة منطقة الصحراء الكبرى"، و"كتائب تحرير ماسينا".
 
ويقود التنظيم الإرهابي "إياد آغ غالي"، وهو أحد قادة الطوارق في مالي، الذين أعلنوا التمرد العسكري على الحكومة المالية في تسعينيات القرن الماضي بقيادة الحركة الشعبية "لتحرير الأزواد".
 
وقدرت تقارير أمنية وإعلامية دولية عدد عناصر الجماعة الإرهابية بين 1500 إلى 2200 من جنسيات مختلفة.
 
ويشكل التنظيم الإرهابي تهديداً مباشراً لـ6 دول أفريقية "على الأقل"، وهي: الجزائر، مالي، النيجر، موريتانيا، بوركينافاسو، وتشاد، إضافة إلى القوات الفرنسية المتمركزة في مالي والنيجر.
 
وكشف خبراء أمنيون عن أسباب تحالف 5 حركات مسلحة في تنظيم واحد أسموه "النمط الجديد للتنظيمات الإرهابية"، وفسروا بذلك بالضغوط والخناق الذي فرضته عليها دول الساحل والصحراء والقوات الأمريكية والفرنسية، مستفيدة في ذلك من "امتلاكها قدرات تنظيمية كبيرة" ساعدتها على التحالف وعلى التمدد في عمق الساحل، خاصة في مالي والنيجر.
 
وأشارت تقارير استخباراتية دولية إلى "الخبرة العسكرية" التي تمتلكها قيادات في التنظيم الإرهابي خاصة التي انشقت عن الجيش المالي، أو التي لها "خبرة في تنفيذ الهجمات الإرهابية"، وهو العامل الذي ساعدها على تنفيذ هجمات إرهابية دقيقة أبرزها الهجوم الذي استهدف دورية للجيش المالي وسط البلاد في 21 أغسطس/آب 2019، وأسفر عن مقتل 5 جنود ماليين.
 
ويستفيد التنظيم الإرهابي من عدم قدرة السلطات المالية على السيطرة على جزء من أراضيه، والذي شكل عاملاً كبيراً في قدرته على اختراق الحدود خاصة من جهة النيجر.
 
بوكو حرام
من أقدم وأكثر التنظيمات الإرهابية دموية في العالم وأفريقيا، التي نشأت عام 2002 في مدينة "ميدوجوري" شمال نيجيريا، وهي كلمة من لغة "الهوسا" المحلية وتعني "التعليم الغربي حرام".
 
ويظهر من اسمها أن التنظيم الإرهابي قرر التمرد على الحكومة المركزية ضد انتشار التعليم الغربي في المدارس والجامعات النيجرية، حيث ضمت في بداياتها أكاديميين، ثم سرعان ما تحولت إلى تنظيم دموي قاده علي يوسف الذي قتل على يد الأمن النيجيري.
 
وتولى بعدها أبو بكر شيكاو قيادة التنظيم المسلح، وبدأت معه عمليات خطف الفتيات من المدارس والعمليات الانتحارية.
 
غير أن تأسيس الحركة الإرهابية يعود بحسب تقارير إعلامية دولية إلى سنة 1995، بعد أن أنشأ "أبو بكر لاوان" تنظيما سماه "أهل السنة والهجرة" بولاية "بورنو" الواقعة شمالي البلاد.
 
وصنف مؤشر الإرهاب العالمي "بوكو حرام" في المرتبة الرابعة بين أكثر الجماعات الإرهابية دموية في العالم، ما جعل نيجيريا تحتل المركز الثالث عالمياً في قائمة أسوأ الدول تضرراً من الإرهاب.
 
ووصل إجمالي عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب في نيجيريا في 2018 إلى 13% من إجمالي الوفيات، في وقت تسببت هجمات التنظيم الإرهابي في مقتل أكثر من 20 ألف شخص في نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد، وأجبرت أكثر من 2.5 مليون شخص على النزوح بحسب تقارير للأمم المتحدة.
 
بدأ التنظيم عملياته الإرهابية بالتركيز على "أهداف محددة" داخل نيجيريا وامتدت إلى حوض بحيرة تشاد، وتركزت على استهداف المدنيين والجنود بالقتل والنهب والاختطاف.
 
ومنذ ذلك الوقت، بات تنظيم "بوكو حرام" استراتيجيته الإرهابية الخاصة به، التي تعتمد على خطف الرهائن والتفجيرات الانتحارية والهجمات المسلحة، معتمدة في ذلك على الأطفال والنساء، واستهداف القرى والأسواق والمساجد والمدارس، والانخراط في شبكات الجريمة المنظمة، إلى أن باتت إيراداتها السنوية تفوق 10 ملايين دولار، وفقاً لتقارير صادرة عن الخارجية الأمريكية حول الإرهاب.
 
وفي الوقت الذي يجهل فيه عدد عناصر "بوكو حرام" التي تقدرها تقارير دولية بالآلاف، انقسم التنظيم الإرهابي الذي يزعم مطالبته بـ"تطبيق الشريعة الإسلامية في كافة المناطق النيجيرية بما فيها المسيحية" عام 2015.
 
وزادت دموية التنظيم الإرهابي بعد أن أعلن زعيمه أبو بكر شيكاو مبايعته لتنظيم داعش الإرهابي في مارس/آذار 2015، قبل أن يشهد التنظيم انقساماً بعد تغيير داعش قائد بوكو حرام، وتنصيب "أبو بكر البرناوي" خلفاً لـ"شيكاو" الذي قرر العودة إلى تنظيم القاعدة.
 
"القاعدة في بلاد المغرب"
من أقدم التنظيمات الإرهابية في أفريقيا كونها امتدادا "للجماعة السلفية للدعوة والقتال" الجزائرية التي نفذت عدة مجازر بشعة في الجزائر ضد المدنيين خلال ما كان يعرف بـ"العشرية السوداء".
 
وفي 24 يناير/كانون الثاني 2007، أعلن زعيم التنظيم الإرهابي عبد المالك درودكال المكنى "أبو مصعب عبد الودود" مبايعته لتنظيم القاعدة، وتغيير اسم التنظيم إلى "القاعدة في بلاد المغرب"، ويعرف بأنه "خبير في صناعة المتفجرات".
 
ويسعى التنظيم الإرهابي كما يزعم إلى "تحرير المغرب العربي من الوجود الغربي خاصة الفرنسي والأمريكي، وإسقاط أنظمة الدول المغاربية، وحماية المنطقة من الأطماع الخارجية، وتطبيق الشريعة الإسلامية".
 
وفي عام 2007 أدرجه مجلس الأمن الدولي على قوائم الإرهاب، بينما قضت محكمة جزائرية في مارس/آذار 2017 بإعدام بعض عناصره غيابياً على الجرائم التي ارتكبوها في حق المدنيين.
 
ونفذ التنظيم عدة هجمات إرهابية بالجزائر، كان من أبرزها تبنيه محاولة اغتيال الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة عام 2007، بعملية انتحارية استهدفت حشداً شعبياً كان في انتظار بوتفليقة وسط محافظة باتنة (شرق).
 
إضافة إلى الهجوم المزدوج في أبريل/نيسان 2007 بسيارات مفخخة بالقرب من قصر الحكومة ومركز للشرطة في العاصمة، خلف مقتل 30 شخصاً وجرح 220 آخرين.
 
ونتيجة للضربات الموجعة التي وجهها الجيش الجزائري لـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب" الذي كان يتحصن في الجهة الشرقية من الجزائر خاصة منذ 2010، تمكن عدد من قادته من الفرار إلى تونس ومالي.
 
ولجأ درودكال إلى التحالف مع تنظيمات مسلحة في مالي في إطار خطة لاستعادة التنظيم الإرهابي وتوسيع نشاطه في منطقة الساحل وشمال مالي.
 
وقرر في أكتوبر/تشرين الثاني 2012 التحالف مع إياد غالي زعيم "أنصار الدين" تزامناً مع انطلاق الحملة الفرنسية على الجماعات الإرهابية شمال مالي أوائل 2013.
 
وفي عام 2012، انشق مختار بلمختار عن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب" وأسس "جماعة الملثمين" أو "الموقعون بالدم" التي نفذت الهجوم الإرهابي على منشأة "تيغنتورين" الغازية جنوب الجزائر سنة 2013.
 
وفي النصف الثاني من 2013، أعلن الإرهابي بلمختار تحالفه مع "جماعة التوحيد والجهاد" في غرب أفريقيا وأسسوا "جماعة المرابطون" التي تنشط في جنوب الجزائر وشمال مالي وجنوب ليبيا.
  
حركة "أنصار الدين"
من الحركات الإرهابية المسلحة التي انضمت إلى ما يعرف بـ"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" عام 2017، أسسها إياد آغ غالي في ديسمبر/كانون الأول 2011 في مدينة كيدال الواقعة شمال مالي.
 
وغالي هو أحد القادة الطوارق الذي خاضوا تمرداً مسلحاً على الحكومة المالية في التسعينيات، قبل أن يوقع اتفاق سلام بين حركته السابقة "الحركة الشعبية لتحرير أزواد" والحكومة المركزية عام 1992.
 
وتعد "حركة أنصار الدين" أكبر تنظيم مسلح في شمال مالي، بعد أن عاد إياد غالي إلى المشهد وتحديداً إلى منطقة "أزواد"، حيث جمع مئات من أنصاره الطوارق بهدف العودة إلى العمل المسلح.
 
وفي بداية 2013 حدد "غالي" مطلبه بزعم "إطلاق الشريعة في كامل المناطق المالية" وبحكم ذاتي لمنطقة شمال مالي، بعد أن تبنى "الفكر السلفي الجهادي"، وأعلن مبايعته تنظيم القاعدة الإرهابي بحمل رايته السوداء.
 
كما أعلن التنظيم الإرهابي الحرب على القوات الفرنسية والجيش المالي والقوات الأفريقية عقب التدخل الفرنسي ضد الجماعات المسلحة شمالي مالي، وقرر عدم وقف هجماته المسلحة حتى خروج القوات الفرنسية والمالية من مدينتي "تمبكتو وكيدال".
 
وأدرجت واشنطن زعيم التنظيم إياد آغ غالي في فبراير/شباط 2013 على لائحة الإرهابيين، كما أدرجت "حركة أنصار الدين" بعد شهر من ذلك على قائمة التنظيمات الإرهابية.
 
وفي أعقاب ذلك، وجه زعيم الحركة المسلحة تهديداً لباريس عبر شريط مصور في 2014، توعد فيه القوات الفرنسية الموجودة في شمال مالي بما أسماه "الانتقام على عدائها للمسلمين وإشعال الحروب بينهم".
 
ومنذ تأسيسها، عملت حركة "أنصار الدين" على ترويع سكان شمال مالي بحجة "تطبيق الشريعة"، وقامت بهدم الأضرحة الصوفية المدرجة على لوائح التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو عام 1988، ومنع التدخين والموسيقى في المناطق التي كانت خاضعة لها.
  
داعش
ويتمركز تنظيم داعش الإرهابي في عدد من الدول الأفريقية، وكانت منطقة القرن الأفريقي مدخلاً للتنظيم منذ 2015، بعد أن انحسر نشاطها وبدء في الاندثار في سوريا والعراق عقب الضربات الكبيرة التي تلقاها من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
 
وتمكن أكثر من 5 آلاف من إرهابيي داعش من الفرار إلى أفريقيا.
 
ويتركز تواجد داعش في عدد من الدول الأفريقية بينها الصومال وليبيا وحوض بحيرة تشاد التي تضم نيجيريا والنيجر والكاميرون، وفي الساحل الأفريقي في مالي وبوركينافاسو بالإضافة إلى الكونغو الديمقراطية وموزمبيق، وخلايا نائمة في تونس.
 
وفي مصر، تمكن الجيش المصري من شل حركة التنظيم الإرهابي في شبه جزيرة سيناء من خلال عمليات عسكرية واسعة، نجحت في قطع طرق تمويل وإمداد التنظيم الإرهابي بالسلاح، فضلاً عن خسائره الفادحة في الأرواح الأسلحة والمتفجرات والمركبات والعدة والعتاد.
 
كما قضى الجيش الجزائري على "جند الخلافة" بعد عام من تأسيسه ومبايعته لتنظيم داعش، وذلك نهاية 2015.
 
 
6 مصادر رئيسية للتمويل
وتحدد "منظمة الشرطة الجنائية الدولية" المعروفة اختصاراً بـ"الإنتربول" وتقارير الخارجية الأمريكية مصادر تمويل الجماعات الإرهابية بأفريقيا في 6 مصادر رئيسية.
 
ويأتي على رأس قائمة مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية الاتجار بالمخدرات وتجارة البشر، والتي تعتمد على تدفقاتها المالية بشكل كبير، الأمر الذي حوّل القارة السمراء إلى سوق كبيرة للمتاجرة بمختلف أنواع المخدرات.
 
بالإضافة إلى الاختطاف لطلب الفدية، واستغلال المنظمات غير الربحية والأفعال الاحتيالية الصغيرة والاتجار غير المشروع بالسلع مثل النفط والفحم والماس والذهب.