سليمان شفيق
بدأ الناخبون الإسرائيليون الإدلاء بأصواتهم في رابع انتخابات تشريعية تشهدها البلاد خلال أقل من سنتين، في محاولة لإنهاء أطول فترة جمود سياسي في تاريخ الدولة العبرية. ويسعى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى البقاء في المنصب الذي يشغله منذ عام 2009. وبعد عمليتين انتخابيتين في 2019 فشلت فيهما أحزاب البلاد في الفوز بالأغلبية لتشكيل حكومة، أسفرت الانتخابات الثالثة عن وضع مشابه، ما دفع الحزبين الفائزين بأكبر عدد من المقاعد، الليكود وأزرق أبيض لتشكيل ائتلاف حكومي في 2020 مع بدء تفشي فيروس كورونا في البلاد، ولكن الخلافات عادت لتؤدي لانهيارة

هكذا يتوجه اليوم نحو 6,5 ملايين إسرائيلي إلى مراكز الاقتراع التي فتحت أبوابها صباح الثلاثاء للتصويت في الانتخابات التشريعية المبكرة والرابعة خلال عامين، على ما أكد مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية

وتشكل هذه الانتخابات محاولة لإنهاء حالة التشرذم السياسي ووضع حد لأطول فترة جمود تشهدها الدولة العبرية، وتحديد مصير رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي يطمح إلى ولاية جديدة.

ونتانياهو المستمر في منصبه منذ العام 2009 من دون انقطاع والذي يُعتبر من أكثر الشخصيات السياسية شعبية، أثبت على مدى سنوات عدة عدم قدرته على تشكيل حكومة غالبية مستقرة.

وتختلف مواجهة نتانياهو هذه المرة إذ إنها تأتي بعد قيادته جهودا حثيثة للتطعيم ضد فيروس كورونا في حملة تلقيح حققت نجاحا كبيرا وتعتبر الأسرع في العالم على مستوى الأفراد بعد تطعيم أكثر من نصف سكان إسرائيل الذين يزيد تعدادهم عن تسعة ملايين نسمة، بجرعة أولى ونحو 49 في المئة بالجرعة الثانية من لقاح فايزر/بايونتيك.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نتانياهو (71 عاما) وحزب الليكود الذي يتزعمه سيحصلان على أكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان، لكن سيبقى رئيس الوزراء بحاجة إلى التحالف مع أحزاب أخرى لضمان الغالبية في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا.

وعليه، فإن إسرائيل أمام ثلاث نتائج محتملة: إما ائتلاف جديد بقيادة نتانياهو أو حكومة منقسمة توحدها المعارضة، أو انتخابات مبكرة خامسة.

أحزاب صغيرة:
ويُحاكم نتانياهو حاليا بتهم تتعلق بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة وهي تهم ينفيها جميعا إلا أنها ساعدت في تأجيج احتجاجات أسبوعية تنظم ضده أمام مقر إقامته في القدس.

وكرر نتانياهو أنه لن يسعى إلى عرقلة محاكمته وأنه يتطلع إلى تبرئته وهو أمر يشكك فيه منتقدوه الذين يعتقدون أنه وفي حال حصل على الغالبية فإنه سيعمل على اتخاذ إجراء برلماني لتأجيل محاكمته أو إغلاق الملف.

ولكي يتمكن من تشكيل الحكومة، يتعين على نتانياهو التحالف مع الأحزاب الصغيرة التي تسيطر على عدد قليل من المقاعد، وقد يشكل تحالفا جديدا أكثر يمينية مع حزب "الصهيونية الدينية".

وفي حال تجاوز حزب "الصهيونية الدينية" نسبة الحسم البالغة 3,25 في المئة على ما توقعت له استطلاعات الرأي، فسوف يصل إلى الكنيست إيتمار بن غفير الذي رحب بقتل 29 مصليا فلسطينيا في الخليل في العام 1994 على يد المتشدد باروخ جولدشتاين.

ويلقى احتمال دخول بن غفير الكنيست معارضة أعضاء بارزين في البرلمان مثل العضو في الليكود ووزير الطاقة يوفال شتاينتس الذي صرح بأنه من غير المناسب الجلوس مع بن غفير الذي لم يوافق على الانضمام إلى نتانياهو من دون ضمان دور واضح له في الكنيست.

جنوح نحو اليمين:
وأدت اتفاقية أوسلو التي وقعت بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في 1993، إلى جنوح الناخبين الإسرائيليين نحو اليمين، قبل أن تأتي الانتفاضة الفلسطينية الثانية لتعزز هذا الميل.

وتشير محللة استطلاعات الرأي داليا شيندلين إلى احتمال حصول الأحزاب اليمينية على ثمانين مقعدا، ما يعني أنه "أيا كان الفائز في رئاسة الوزراء فإن البلاد ستجنح على الأرجح أكثر نحو اليمين".

وهذا السيناريو سيتطلب من المنافس الرئيسي لنتانياهو، مذيع الأخبار السابق يائير لابيد، التحالف مع خصوم نتانياهو من اليمين، بما فيهم العضو البارز السابق في الليكود جدعون ساعر زعيم حزب "الأمل الجديد" الذي قد يحصد عشرة مقاعد والذي لطالما استبعد التحالف مع رئيس الوزراء.

ويمكن أن يتحالف لابيد أيضا مع زعيم حزب (يمينا) رجل الأعمال نفتالي بينيت الذي كان وزيرا سابقا في عهد نتانياهو لكنه ما لبث أن هاجمه ولا سيما في الحملة الانتخابية.

وينظر إلى حزب يمينا وزعيمه على أنهما صانعا ملوك محتملين

وقال لابيد إنه لن يتمسك بالوصول إلى كرسي رئاسة الوزراء في ائتلاف مناهض لنتانياهو طالما أن ذلك سيساعد على الإطاحة بزعيم الليكود.

انتخابات خامسة؟
وتجري هذه الانتخابات المبكرة للمرة الرابعة خلال نحو عامين بعدما تسبب نتانياهو في انهيار حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها مع منافسه بيني غانتس في أعقاب الانتخابات السابقة التي لم تكن نتائجها حاسمة.

وقال وزير الدفاع إنه قَبِل التحالف مع نتانياهو رغبة منه في إحلال الاستقرار في الدولة العبرية خصوصا بعد تفشي وباء كورونا وفرض الحجر الصحي الشامل.

ونص الاتفاق الذي كان يفترض أن يمتد لثلاث سنوات على تقاسم الرجلين للسلطة، بواقع 18 شهرا لكلّ منهما، لكن المراقبين توقعوا ألا يلتزم نتانياهو بالاتفاق.

وبعد الانتخابات وفي حال لم يتمكن نتانياهو من الحصول على غالبية المقاعد اللازمة أو لم يتمكن خصومه من إيجاد أرضية مشتركة فمن المرجح أن يتم إجراء انتخابات جديدة، ستكون الخامسة في غضون ثلاث سنوات.

ويرجح المحلّل السياسي جدعون راهط هذا الاحتمال الذي قد يناسب رئيس الوزراء خصوصا وأنه يركز على هدف أساسي يتمثل في البقاء في السلطة حتى وإن بصفة رئيس وزراء مؤقت.

ويقول راهط إن نتانياهو "يمكن أن يذهب بسهولة إلى انتخابات خامسة أو سادسة أو سابعة".