محمد حسين يونس
منتصف سبعينيات  القرن الماضي ..كان زمن تغير هذا المجتمع .. و بداية الصراع بين الحداثة ..و التقليدية .. و إكتساح المفاهيم التي أطلقها الشيخان كشك و شعراوى ..لكل مظاهر التغريب ..خصوصا  لدى  الطبقة الوسطي من المصريات .

كنت أعمل في شركة مختار إبراهيم .. كمدير إدارة التطوير و المتابعة .. التي تتكون من حوالي 22 سيدة و أنسة ..ما بين مهندسة و محاسبة و خريجة إقتصاد و علوم سياسية .. و سكرتيرات .

و كان رئيسي  المدير العام المهندس حسن صدقي.. و يشرف علي إدارة المشروعات .. و التخطيط و المتابعة .. عضو مجلس الإدارة المهندس محي الدين عبد اللة .

في يوم أسر .. لي المهندس حسن و هو يبتسم .. بأن محي بك .. يريدني أن أناقش المهندسة سلوى .. و المحاسبة سوسن .. في أطوال جيباتهما .. و أنها قصيرة ..بشكل ملفت .
 
بالطبع  فوجئت بهذا الطلب .. ثم رفضت .. و رديت .. (( م يقول لهم هو )) .

رد بإنه مش عايز يتجاوزني .. و عامل حساب إني رئيسهما  ..(( لكن إذا كنت لا تمانع .. فسيحدثهما بنفسة)) .

في اليوم التالي .. طلب فراش (البية) من الأنسة سلوى و السيدة سوسن  الذهاب لمكتب محي بك .. بين دهشة الجميع (عداى )..

و بعد ربع ساعة رجعتا ..أحداهما وجهها شديد الإحمرار من التوتر .. و هي ترغي و تزبد و عندما سألتها زميلتها .. عن سبب الإستدعاء .. ردت ((الراجل مخه ضرب .. هم كدة لما بيكبروا بيخيبوا )) ..
ثم جلست بينهن تحكي الحوار .. و أنها أنهته بأنها ستهاجر قريبا إلي كندا مع خطيبها .. و ستتركها لهم مروقة بلوزة .
 
الثانية ظلت صامته لا تتكلم .. و تخرج أوراق من دوسية أمامها تقطعها  بعصبية و ترميها في سلة المهملات ..
 
بعد إسبوع .. كان بإستطاعتها أن تقص باقي الحوار .. و أنها قالت له .. أنا أعرف بنتك و بشوفها في النادى و في الكلية .. و بتلبس زى .. لما بنتك تطول الجيبة .. حطولها . .
 
و بقي الحال علي ما هو علية .. حتي جاءت خريجة إقتصاد و علوم سياسية (هند ) في يوم و هي تغطي شعرها ..

سألتها .. هو الكوافير بوظ لك شعرك .. ردت بإصرار ..أنا بتبع تعاليم ديني .

في بدايات الثمانينيات .. كنت  أشارك في دورة تدريبة للإدارة الحديثة بفندق ماريوت ..و كنت أقف في الصالة الخارجية  قبل بداية النقاش .. فهلت علي مهندسات مختار إبراهيم .. حوالي أربعة .. ثلاث منهن محجبات .. فيما عدا سهير جورج حنا ..

داعبتهن .. أهلا بالمديرات .. فردت أحداهن وهي تبتسم أهلا بمدير المديرات .

لقد تغيرت الظروف .. و تحجبن جميعا .. في الغالب عن طريق إلحاح ( هند ) عليهن . . و ترقين في الدرجات حتي أصبحن ..قيادات محجبات .. يرفضن أن يكون من بين مرؤساتهن من تظهر شعرها .و إنتصرت هند .. علي سلوى و سوسن