بقلم القس/ سامح فوزي عبد الملاك
عندما نقرأ الوصية العاشرة، نلاحظ أنها تختلف عن باقي الوصايا، فهي لا تنهي عن أفعال محرمة كالقتل والزنا والسرقة وشهادة الزور، لكنها تنهي عن رغبة أو ميل أو دافعٍ داخلي، فهي تقول: لا تشتهِ شيئاً مما لقريبك وتذكر على سبيل المثال بيت القريب، وامرأته، وعبده، وأمتهُ، وثورهُ وحمارَه. وقد اعتبر الشراح هذه الوصية من أعظم الوصايا وأشملها لأنها تنهي عن اتجاه القلب الداخلي التي تنتج عنه سائر الخطايا. فقد لا يكون هذا الاتجاه في ذاته جريمة يعاقب عليها القانون، لكنه هو الدافع إلى كلّ الجرائم.
 
فالوصية العاشرة هي الوصية التي تنقلُنا من روح العهد القديم وأخلاقياته إلى روح العهد الجديد، فقد وجّه الرب يسوع نظر الناس إلى الدوافع الداخلية التي تقود الناس إلى الخطية. وما القتل إلا تنفيذٌ عملي لما يقود إليه دافع الغضب، وما الزنا إلا الترجمة الفعلية للنظرة الشريرة، لذلك قال السيد المسيح: سمعتم أنه قيلٍ لآبائكم لا تقتل. أما أنا فأقول لكم من غضب على أخيه باطلاً استوجب حكمًا لقاضٍ، وسمعتم أنه قيل لآبائكم لا تزن، أما أنا فأقول لكم من نظر إلى امرأة فاشتهاها زنى بها في قلبه مت 5: 21و 22و 27و 28 ت. ح .
 
وقد أعلن ميخا النبيّ دينونة الله على من تراودهم الشهوة في أفكارهم فيترجمونها إلى أفعال، قائلاً: ويلٌ للمفتكرين بالبُطْل والصانعين الشرّ على مضاجعهم. في نور الصباح يفعلونهُ لأنه في قدرة يدهم فإنهم يشتهون الحقول ويغتصبونها، والبيوت فيأخذونها. ميخا 2: 1و2. فالمشكلة هنا لدى المتحرش هو ما يتراكم في داخله، فهو مكبوت وبالتالي عدم معالجة هذه الأمراض تتسب في ترجمة أفعاله من خلال التحرش الجنسي الذي يظهر به في الحياة العامة وسط المجتمع الذي يعيش فيه، فيحاول أن يُخرج هذه الطاقة بهذه الوسيلة. ومن هنا لو ماتت أو فقدت أحد الأعضاء الخارجية لدى المتحرش سيزال يتحرش لأن المسألة تتعلق بالفكر والقلب وليست بالسطحية الخارجية فالعمل هو في الذهن والتخلص من جذور الفكرة ومعالجتها وليست في تقطيفها من الخارج. إن المنظومة المصرية بشكل عام من أوائل المسؤولين عن هذه الظاهرة، فعندما نتحدث عن دولة يسكن بها مئة مليون نسمة تقريبًا، فطبيعي جدًا إن لم يكن هناك مفاهيم وتعاليم ونظام يدير البلد بوعي ثقافي نسمع عن انتشار هذه الظاهرة، وخاصًا أنه من أواخر الإحصائيات الهامة في مجالات عديدة ومتنوعة تقول أن البلد هي في صورة سلبية أمام الدول المتقدمة.