د. مينا ملاك عازر 

ما لم يحكم الثوار، فلن تنجح الثورة، هذا إذا كان ما جرى ثورة، ولما كنت ممن يرون أن ثورة يناير ليست ثورة، ولم تثمر عن ثورة، اللهم إلا تغيير الحكام، وربما ليس أنظمة الحكم، فأنا واعذروني في هذا، لا أعتبر ما جرى ثورة، كما قلت، وأعود هذا لنجاح وذكاء مبارك الذي قرر أن يؤيد الثورة حين ترك مصالح البلاد في يد أمينة حقاً، لكنها لم تكن ثائرة، غير أنها كانت في الحقيقة رافضة لتوريث الحكم، وإلى هنا هم حققوا حلمهم، وهدفهم ونجحوا، لكن شعار الثورة الأساسي عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية لم يتحقق منه شيء للأسف حتى الآن، فهذه الشعارات البراقة التي ربما تدير رؤوس الشباب والناس العوام وبعض المثقفين والمتأزمين مالياً واقتصادياً والحالمين، لكنها أبداً لا تهز الآخرين. 
 
المؤسف أن أحد لم يتعظ يوماً مما رأوه حين رأوا مدينة السادات تنعي أهلها آيلة على عروشها، ولم يفهموا أن إطلاق اسم رئيس عليها لم يحصنها ولم يعصمها من السقوط والهوان والفشل، كما لم يعرف مبارك مثلاً أن إطلاق اسمه ولفيف من زعماء مصر على عدة محطات مترو لن يعصمه من الغضب الشعبي، ولا من الإجبار على التنحي، هنا وهنا فقط، بات مبارك في طي النسيان، وحتى اسمه الذي على المحطة محي فلم تبقي يافطة حاملة لاسم بشر على كرسيه، فزال هو وزالت وراءه وربما قبله في حياة عينه.
 
حكم الثوار غاب، فغابت فكرة الثورة، وتلاشت شعاراتها، وباتت ناسية منسية نجترها في عيدها، قل في ذكراها، ونجامل من استشهدوا في وقتها ولأجلها ولأجل حلمهم، ونعتبرها ثورة، والثورة لا تعد ثورة ما لم ينشأ عنها طبقة جديدة في المجتمع، هذا تعريف علمي اللهم إلا إذا اعتبرنا تلاشي الطبقة الوسطى وتنامي أعداد الطبقة الدنيا، ومن هم تحت خط الفقر نوع من أنواع الثورة فلتعتبرونها إذ ثورة. 
 
آخر القول، كل سنة وأنتم طيبين، أيام وسنين بتعدي، حكام يحكمون، والثوار يتجمدون، والأفكار تبقى في الأدراج، تخرج لنبدي إعجابنا بها ويغرين الحكام بتنفيذها ثم تعود لتدفأ.
 
المختصر المفيد لم تكن ثورة أو على الأقل لم تنجح لتكن ثورة.