إعداد/ ماجد كامل 
تحتفل الكنيسة القبطية الآرثوذكسية يوم 21 أمشير الموافق 28 فبراير   بعيد نياحة القديس الأنبا زاخارياس أسقف سخا  . أما عن القديس زخاراياس نفسه  ؛ فهو كان ابنا لكاتب يدعي يوحنا ؛ترك وظيفته وأختير قسا ؛فربي أبنه علي عشق العلوم الكنسية والأدبية . ولما كبر عينه الوزير كاتبا بديوانه . وبعد ذلك أتفق مع صديقه وأسمه ابلاطس  أن يتركا العمل بالوظيفة ويذهبا إلي البرية للرهبنة . وأتفق حضور أحدي رهبان القديس يوحنا القصير اليهما ؛ فقررا الرهبنة في هذ الدير ؛فلما علم الوالي بذلك رفض وحاول منعهما ؛وبعد عدة أيام رأي الأثنان رؤيا كمن يقول لهما لماذا لم تتما النذر الذي قررتماه ؟ . فخرجا توا خفية وسارا إلي البرية علي غير معرفة بالطريق . ولكن الرب دبر لهما أحدي الرهبان فسار معهما إلي دير القديس يحنس القصير . ولما علم اصدقائهما بذلك أخذوا من الوالي أمرا ليرجعوهما ؛ ولكن الرب بدد مشورتهم ؛ ولبسا لباس الرهبنة ؛ وأجتهدوا في تداريب روحية كثيرة  تحت إرشاد القديسين الأنبا ابرآم والانبا جاورجي الذين كانا خير مرشد لهما . 
 
ولما تنيح أسقف سخا كتب الشعب تزكية إلي الأب البطريرك يطلبون تزكية لزخاراياس كي يكون أسقفا عليهم .فوافق الأب البطريرك ورسمه رغم عنه . وقد حدثت وقت الرسامة أنه عندما هم الأب البطريرك بوضع يده علي رأس زاخارياس أن سطع نور من الكنيسة وظهر وجهه كنجم بهي . ولما حضر إلي كرسيه فرح الشعب به كثيرا . ولقد كان هذا  الأب الأسقف فصيحا أشتهر بالخطابة  والمهارة في الكتابة ؛ فوضع مقالات كثيرة ومواعظ وميامر ؛وأقام علي كرسيه ثلاثين سنة ثم تنيح بسلام . ( لمزيد من التفصيل راجع سنكسار يوم 21 أمشير ؛ وكتاب قاموس آباء الكنيسة وقديسيها للقمص تادرس يعقوب ملطي  ؛ صفحتي 219 ؛ 220 ) .
 
ولقد كتب عنه القمص ميصائيل بحر في كتابه الرائد "تاريخ الانبا يوحنس القصير وتاريخ ديره ديره بمنطقة جبل انصنا " فقال " عاش هذا الأسقف في القرن السابع الميلادي إذ جاء ذكره في تاريخ البطاركة أنه حسن الأعمال وذلك في حبرية البابا اسحق حادي اربعي البطاركة الذي جلس علي الكرسي البطريركي ثلاث سنوات من 402- 405 للشهداء (686- 689م) وتنيح في امشير . ويذكر عنه انه كان ابن كاهن اسمه يوحنا عينه الحاكم كاتبا بديوانه وقد اتفق مع صديقه ابطلاوس والي سخا علي الترهب ببرية شيهيت وقد اتفق مع صديقه ابطلاوس والي سخا علي الترهب ببرية شيهيت بدير أنبا يحنس القصير وهناك عاشر الانبا ابراهيم والانبا جاورجيوس ورسم أسقفا علي سخا وكان عالما فاضلا كتب مقالات وميامر كثيرة منها تاريخ القديس يحنس  القصير صاحب هذا الكتاب ( المرجع السابق ذكره صفحة 21 )  . 
 
كما كتب عنه الراهب "أثناسيوس المقاري " في كتابه البالغ الأهمية " فهرس كتابات آباء كنيسة الإسكندرية " "الكتابات القبطية " فقال عنه فيما يخص كتاباته " عن يونان والتوبة " وهي عظة  محفوظة حاليا في المتحف القبطي بالقاهرة ضمن المخطوطات الواردة إليه من  دير أبو مقار . وموجودة أيضا في مخطوط وارد من دير القديس أبو مقار ببرية شيهيت . وقد نشرها العالم دي فيس De Vis سنة 1929 في كوبنهاجن ( الدانمارك). وأعيد طباعتها سنة 1909 م في لوفان (بلجيكا ) تحت عنوان "عظات قبطية في مكتبة الفاتيكان . النص القبطي والترجمة " .. وله أيضا عظة عن تقديم السيد المسيح إلي الهيكل " وهي تحوي مقارنة جميلة بين سمعان الشيخ الحامل المسيح علي ذراعيه ؛وبين المسيحين الذين يحملون المسيح في قلوبهم بالتناول . وهي موجودة في مخطوط وارد من دير القديس ابو مقار ببيرية شيهيت . ونشرها أيضا العالم دي فيس في نفس المرجع السابق . . وله أخيرا – حسب الراهب أثناسيوس المقاري – سيرة القديس يوحنا القصير وهي محفوظة بمكتبة بنابولي ؛والمكتبة الأهلية بفيينا بالنمسا (قسم البرديات القبطية ) . وموجودة أيضا في مخطوط وارد من دير القديس أبو مقار ببرير شيهيت ؛ ولقد نشرها العالم الفرنسي أميلينو (1850- 1915 م )   . (راجع مقالة كاتب هذه السطور عنه وعن حياته المنشورة علي صفحة الأقباط متحدون بتاريخ السبت 12 يناير 2019 ) في باريس سنة 1894 ضمن كتابه : مذكرات للمساهمة في تاريخ مصر المسيحية . تاريخ أديرة الوجه البحرية . وبخلاف هذه المؤلفات باللغة القبطية ؛ينسب له عظة باللغة العربية سيرة أبرآم وجاورجي . ( لمزيد من التفصيل :- راجع الكتاب المذكور :- الصفحات (342- 343 ) ( والشكر هنا واجب ولازم لكل من جناب الأب الموقر القمص يوسف الحومي الذي تتفضل وصور لي صفحات الاب المذكور وارسلها لي علي الواتس آب ؛كذلك الشكر أيضا للباحث الكبير الأستاذ أسحق الباجوشي الذي تفضل ونزل لي الكتاب كله بصيغة PDF   وأرسالها لي علي Messenger  ) .
 
أما عن ميمر رحلة العائلة المقدسة الي أرض مصر ؛ يذكر عنه الدكتور أسحق عجبان عميد معهد الدراسات القبطية في كتابه العمدة " رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر " أنه أكثر ميمر يذكر فيه للمحطات التي مرت بها العائلة المقدسة ..  وأقدم نسخة منه باللغة العربية برقم 123 مسلسل 30/ لاهوت موجودة بمكتبة كنيسة أبو سرجة بمصر القديمة ؛وترجع للقرن الرابع عشر الميلادي .( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 73 ) . 
ولقد قام الأب وديع الفرنسيكاني بتقديم دراسة مطولة ومفصلة عن هذا الميمر ؛قام بإلقائها في مؤتمر أسبوع القبطيات المنعقد بكنيسة العذراء بروض الفرج عام 1999 .قال فيه " يذكر العالم الألماني جورج جراف أنه يوجد لهذا الميمر15 مخطوطة مؤكدة ؛ و6 مخطوطات غير مؤكدة . اما المخطوطات المؤكدة فهي :- 
1- مخطوط كنيسة أبو سرجة ؛لاهوت 20 (عام 123 ) .
2- مخطوط لندن شرقي 4723 (ملحق 1261 ) قرن 15 .
3- مخطوطة سمنود ؛كنيسة القديس أبانوب ( نسخ 1502 ) .
4- مخطوطة دير أبو مقار ؛ ميامر 67 (عام 480 ) (نسخ 1588 ) .
5- مخطوطة المتحف القبطي ؛تاريخ 477 (نسخ 1686 ) .
6- مخطوطة كنيسة مارمينا فم الخليج ؛ميامر 6 (نسخ عام 1694- 1695 ) .
7- مخطوطة البطريركية ؛ تاريخ 36 (نسخ عام 1717 ) .
8- مخطوطة الفاتيكان ؛ 170 عربي (نسخ 1719 ) . 9-
9- مخطوطة كنيسة أبو سرجة ؛لاهوت 6 (نسخ 1744 ) . 
10- مخطوطة أخري بأبو سرجة ؛لاهوت 21 ؛ (نسخ 1766/ 1767 ) .
11- مخطوطة ثالثة بأبو سرجة ؛ لاهوت 16 (نسخ 1774 ) . 
12- مخطوطة كنيسة قصرية الريحان ( لاهوت 1) (نسخ 1777 ) ( للأسف أحرقت مع الحريق الكبير الذي أتي علي الكنيسة بالكامل في عام 1979 ) .
13- مخطوطة دير السريان ؛ميامر 240  .
14- مخطوطة أخري بدير السريان ؛ميامر 243 (قرن 15- 17 ). 
15- مخطوطة ثالثة بدير السريان ؛ميامر 247 (قرن 17- 18 ) . 
أما المخطوطات الغير مؤكدة فهي كما يذكرها الأب وديع أبو الليف في المقالة المذكورة :- 
1- مخطوطة باريس ؛عربي 263 (نسخ قرن 15 ) .
2- مخطوطة المكتبة البطريركية ؛تاريخ 24 (نسخ 1691/ 1693 ) . الموضوع : إقامة العائلة المقدسة في المحرق وينسبها جراف إلي زخريا أسخا . 
3- مخطوطة أخري بالمكتبة البطريركية ؛تاريخ 34 (نسخ قرن 17 ) .الموضوع : عجائب السيدة العذراء . 
4- مخطوطة ثالثة بالمكتبة البطريركية ؛ تاريخ 8 (نسخ 1741 ) . الموضوع : مجيء العائلة المقدسة إلي المحرق . 
5- نسخة رابعة بالمكتبة البطريركية ؛تاريخ 38 ( نسخ قرن 17 ) .  الموضوع : عجائب السيدة العذراء . 
6- نسخة دير المحرق ؛ميامر 12- 13 .
( لمزيد من التفصيل راجع :- وديع  أبو الليف :- ميامر رحلة العائلة المقدسة ؛الطبعات والمخطوطات ؛كنيسة السيدة العذراء روض الفرج ؛الصفحات من 87- 104 ) . 
 
ويؤكد الاب وديع أبو الليف في نفس الدراسة أن ميمر الأنبا زاخارايس هو من أكثر الميامر التي تذكر المحطات التي  مرت بها العائلة المقدسة ؛فيذكر :- الفرما – المحمة – بلبيس – منية جناح بقرب سمنود – بيخا ايسوس أو كعب يسوع – جبل النطرون أو وادي هبيب وهو ميزان القلوب – كنيسة الكف – المطرية وشجرة مريم – الأشمونين ..... الخ . ( لمزيد من التفصيل :- راجع نفس المرجع السابق ) . 
 
كما قام الأب وديع أبو الليف أيضا بتحقيق مخطوطة المتحف القبطي تاريخ 477 (نسخ 1689 1687 ) . ووما جاء في مقدمة الميمر الذي وضعه الأنبا زاخاراياس  عن رحلة العائلة المقدسة إلي أرض مصر قوله " من الواجب أن تفرحوا وتبتهجوا في هذا اليوم ؛تذكار ما صنعه لكم المخلص من أجل خلاص نفوسكم؛عندما دخل إلي أرضكم ؛فتكسرت أوثانكم ؛وسقطت علي وجوهها ؛وهربت الشياطين التي كانت تطغيكم بمخاطبتها لكم ؛ وبطلت المعبودات النجسة من أرضكم .... وقد تم اليوم ما قاله أشعياء النبي الصادق "هوذا رب الصباؤوات يأتي إلي أرض مصر وهو جالس علي سحابة خفيفة ؛ليكسر أوثان مصر " . ( مقدمة الميمر السابق ذكره) .
 
ومن النصوص الجميلة التي جاءت في الميمر قوله عن دخول السيد المسيح أرض مصر "جاء إلي مصر مع مريم أمه ويوسف النجار ؛وعتقنا من عبودية العدو باغض الخيرات ؛واصطفانا له شعبا طاهر بلا دنس ؛واعطانا اسمه علينا ؛فأسمانا مسيحين كأسمه ؛وناصريين كاسم مدينته ؛التي ربي فيها ؛ورضيها محلا لعظمته ؛ أي مدينة الناصرة " . 
 
وينفرد ميمر الأنبا زاخارياس بذكر قصة قلوم والكنيسة الأثرية التي تدعي المحمة  ؛ حيث جاء فيه " وفيما هم جلوس مر بهم المدعو قلوم الذي علم منهم أنهم غرباء من فلسطين ؛فدعاهم إلي منزله فباركته السيدة العذراء . وأخذت أبنها ومن معها وذهبوا معه حيث كان موضع الحفاوة والإكرام ولبثوا مدة كانت خلالها تخرج السيدة العذراء يوميا لتستقي من عين الماء . وفي أحد الأيام أخذت الطفل معها وإذ بصنم المدينة الذي كانوا يعبدونه لم يستطع الثبات بل سقط وهربت أمامه الشياطين . فذهبوا الكهنة وأعلموا الوالي فغضب كثيرا . وأمر بقتل الصبي . فذهب قلوم في الحال وأخبر السيدة العذراء بمبارحة البلد حفظا لحياتهم .فبارك السيد له المجد منزل ذلك الرجل قائلا السلام والبكة تحلان عليك وعلي منزلك كل أيام حياتك ويخلد أسمي علي هذا البيت للأبد  بسبب قبولنا لنا وما صنعته من معروف معنا ووصلو الي مكان قفر أقاموا فيه تحت شجرة بعد أن أوجد الرب يسوع عين ماء اغتسلوا منها وغسلوا ثيابه فيها وأسم ذلك الموضع (المحمة ) – وهي حاليا الكنيسة الأثرية بمسطرد حتي يومنا هذا " ( فريق اللاهوت الدفاعي ؛موقع علي شبكة الأنترنت بتاريخ 2 يونيو 2013 ) .
 
ولقد ذكر القمص ميصائيل بحر ان الانبا زاخاراياس هو واضع سيرة القديس يوحنا القصير ؛ ولقد كتبت هذه السيرة أولا بالقبطية في القرن السابع الميلادي ثم نقلت الي العربية وقد عثرنا علي ثلاث نسخ أولاها بالمتحف القبطي تاريخ كتابتها 17 بشنس 1079 ش وبها ورق ضائع من الأول .والثانية بير انبا بيشوي وبها ورق ضائع من وسطها وليس عليها تاريخ الكتابة . والثالثة عثرنا عليها كاملة بدير الملاك ميخائيل وهي كاملة وتاريخها 1079 للشهداء . خط الكتابة متغاير ولكن الكلمات والتعبيرات واحدة " ( المرجع السابق ذكره ؛صفحة 149 ) . 
بعض مراجع ومصادر المقالة :- 
 
1- السنكسار القبطي تحت يوم  21 أمشير . 
2- القمص تادرس يعقوب ملطي :- قاموس آباء الكنيسة وقديسيها حروف ( ح – ص ) صفحتي 219 ؛220 . 
3- وديع أبو الليف :- ميامر رحلة العائلة المقدسة ؛ الطبعات والمخطوطات ؛  كنيسة العذراء بروض الفرج ؛ أسبوع القبطيات السابع ؛ملف خاص عن رحلة العائلة المقدسة إلي أرض مصر ؛1999 ؛ الصفحات من (95- 99 ) .
4- القمص ميصائيل بحر :- تاريخ القديس الانبا يوحنس القصير ومنطقة أنصنا (انتينويه)  
4- ميمر الأنبا زاخارياس أسقف سخا رحلة العائلة المقدسة لمصر ؛حققه الأخ وديع الفرنسيكاني علي مخطوط المتحف القبطي تاريخ 477 (نسخ 1686/ 1687 ) .
5- أسحق إبراهيم عجبان :- رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر ؛ تقديم قداسة البابا تاوضروس الثاني ؛دار نشر أنباء روسيا ؛ الطبعة الأولي 2017 ؛ صقحة 73 . 
5- قريق اللاهوت الدفاعي :- جزء من ميمر القديس الأنبا زاخارياس أسقف سخا عن رحلة العائلة المقدسة – قصة قلوم والكنيسة الأثرية بمسطرد التي تدعي المحمة ؛ موقع علي شبكة الانترنت بتاريخ 2 يونية 2013 . 
5- الأب اثناسيوس المقاري :- فهرس كتابات آباء كنيسة الإسكندرية – الكتابات القبطية ؛ الطبعة الأولي ؛ يوليو 2006 ؛ صفحة 324 و  334 . ( وأكرر الشكر هنا للمرة الثانية لكل من القمص يوسف الحومي والأستاذ أسحق الباجوشي لتفضلهما بإرسال الكتاب والصفحات علي كل من الواتس آب والماسنجر ) .