رأت صحيفة "الاقتصادية" السعودية أن التدخلات السياسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هي أساس الأزمات الاقتصادية المتلاحقة والمستمرة التي تعيشها البلاد، مشيرة الى أن الاقتصاد التركي أصيب بأزمات متوالية قبل تفشي وباء كورونا المستجد، وأن الوباء أضاف مزيدا من المشكلات للاقتصاد؛ ما جعل مؤشراته ضعيفة وتسبب في تراجع نموه ببطء مخيف.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها اليوم الثلاثاء تحت عنوان (أزمة ثلاثية في اقتصاد مسيس): أن الأزمة الناجمة عن وباء كورونا ستنتهي في كل الدول التي عانت منها، ويعود التعافي إليها بسرعات تتفاوت بين دولة وأخرى، مضيفا أن الأزمة التي تعيشها الدول قبل كورونا، ستبقى آثارها لمدة طويلة، لأن مشكلاتها تراكمت على مدى أعوام، وبسبب قرارات سياسية لا دخل لها بالاقتصاد؛ ما يفسر على سبيل المثال الخلافات السابقة القوية التي ظهرت على الساحة بين الرئاسة التركية والمسؤولين الاقتصاديين المحترفين، الذي كانوا يرغبون في إدارة دفة الاقتصاد بعيدا عن أي مؤثرات حزبية.

وأضافت أن المؤسسات المالية العالمية حذرت كثيرا من مغبة تدخلات أردوغان في تفاصيل السياسة الاقتصادية، إلا أنه واصل تدخلاته، إلى درجة أن انتشرت حالة من عدم اليقين، دفعت المستثمرين الأتراك والأجانب إلى التحوط من أي انهيار اقتصادي تركي محتمل، ولا سيما في ظل المشكلات السياسية التي أدخل أردوغان بلاده فيها مع جيرانه الأوروبيين، فضلا عن تدخلاته التي تتعارض مع القانون الدولي في البحر المتوسط وغيره من المناطق هنا وهناك.

ورأت أن الوضع الاقتصادي المتدهور، أجبر نسبة من الاستثمارات الأجنبية على الهجرة خارج تركيا، في عمليات تسييل شهدتها البلاد قبل الأزمة الناجمة عن كورونا، في حين تتعرض تركيا لتهديدات من الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في التسهيلات التجارية التي يمنحها منذ أعوام لأنقرة، لافتا إلى أن تصاعد ضربات الأزمة بفعل كورونا، تسبب في أن تعيش البلاد حاليا ما وصفه الاقتصاديون بـ"ثلاثية الأزمة"، وهي العملة، والصناعة المصرفية، والديون السيادية.

وقالت أن هذه الثلاثية ليست جديدة بالطبع، وتعود إلى ما قبل الأزمة المشار إليها، ومن هنا، يمكن فهم الصدمات الاقتصادية التي تتعرض لها تركيا، فالليرة التركية تعاني الكثير نتيجة عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بالسياسة المالية، وقبل أيام تراجعت، وسط تكهنات بأن البنك المركزي سيتوقف عن رفع سعر الفائدة، ما يذكر بالخلافات الخاصة بهذه النقطة قبل أزمة كورونا، حيث رفض الاقتصاديون تدخل أردوغان لخفض الفائدة، إلا أنه سيطر على الموقف في النهاية مستخدما صلاحياته كرئيس للبلاد.

وأضافت أنه في ظل التدابير المبهمة الراهنة، صار المستثمرون يعيشون حالة من الإرباك الشديد بل المخيف أيضا، فبدلا من الإبقاء على سعر الفائدة مرتفعا للحد من التضخم، فإن الرئاسة التركية تستعد للعودة إلى لعبتها السابقة المكشوفة بالطبع، كما أن وتيرة تراجع العملة التركية زادت في الأسبوع الماضي والليرة منذ عامين تنخفض دون هوادة، بعدما شدد البنك المركزي السيولة باستخدام أدوات متطلبات الاحتياطي.