د. مينا ملاك عازر

في بلادنا المتأخرة في خدمة المعاقين، والتي تسن قوانين ولا توجد آلية محترمة لتنفيذها بسهولة تناسب احتياجات المعاق، فالعمى سيئ مافيش كلام، لكن أسواء عمى ذلك الذي تجبر نفسك عليه وعيناك ترى، فتكون كمن فقأ عينيه لألا يرى بنفسه الحقيقة الواضحة، هكذا ما أراه حين أرصد حيثيات المحكمة في تبرئة معري سيدة الكرم. 
 
لم يرى أحد تلك الواقعة التي تحقق منها الرئيس السيسي ذات نفسه، واعتذر عنها، وتأسى لها، لكن أمام المحكمة وعند الحساب عجز الجميع، صار الكل أعمى أسواء عمى ذلك العمى الذي نختاره لأنفسنا حتى لا نرى الحقيقة الدامغة ما دامت في غير مصلحتنا أو ستؤذينا أو أن حاميها حراميها من الآخر، بمعنى أنه حينما لا نجد من يحمينا من هؤلاء الذي جمعوا الأدلة ناقصة وأخافوا الشهود وضللوا المحكمة حتى تخرج الحيثيات هكذا، الدولة نظاماً تتأسى وتتأسف ويندى جبينها خجلاً، أما من لا دم لديهم ومن لا يفعلوا عملية الرجولة لديهم، لا يعملوا ضمائرهم ويفقأوا عيونهم حتى لا يروا. 
 
أسواء عمى ذلك الذي يجعلك بلا وجهة نظر في زمن وجهة النظر هامة أو تكون وجهة نظرك أنه لا مانع من تعرية سيدة مسنة لا لشيء إلا لأنها تختلف معك في الدين وربما فيما بعد ستختلف معك في أي شيء حتى ولو كان بسيطاً، فضميرك غائب  وميت أو لعله أعمى. 
 
عفواً يا سادة، ليست العدالة هي التي عمياء، العدالة ترى ولكنها ترى الأدلة المقدمة لها ونحن هنا وهنا فقط نعاتب ونحاسب من قدم لها الأدلة وجمعوا الشهود وهم يعمون عيونهم، فكيف بالله عليكم يرى الرئيس ويعتذر ويتأسى ويخجل لأجل هذه السيدة المعراه، وهم لا يرون ولا يندى جبينهم خجلاً، لا يشعرون بالمسؤولية، حيثيات المحكمة التي برأت المجرمين مؤسفة وكارثية، وشهادة على تواطؤ وفشل الأنظمة الأمنية المسؤولة بل وتواطؤها حتى أنها تركت إرهابيين قد يرفعون السلاح يوماً ضدهم وضد جيشنا الأغر بسبب أفكارهم التي بدأت بأحقيتهم في تعرية سيدة مسنة هكذا، من المؤكد أن هذه الأفكار متى ستنمو ستكون دستور يعطيهم الحق في قتل وسفك دماء رجال الأمن بكافة أزياءهم وأدوارهم.
 
أسواء عمى ذلك العمى الاختياري الذي يختاره الأعمى لنفسه، لهوى نفسي، ولأنه عاجز، ولأنه راضي بالظلم والضيم.
 
المختصر المفيد أين ضمائركم يا عديمي الضمير؟