الدسوقي: محمد علي ابتكر حيلة ذكية لكي ينشيء الأبعديات.. والبرلمان كان في أيدي كبار الملاك

كتب - نعيم يوسف
قال الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث، إنه في بدايات عصر محمد علي، كان الفلاحين الذين لا يدفعون ضريبة الأراضي الزراعية يُجلدون من قبل الدولة، ولذلك عندما كان يخيب المحصول يهربون، وهذه الظاهرة عرفت بظاهرة "المتسحبين"، أي أنهم يتسحبون ليلا للهروب هم وعائلاتهم، غم أنهم ليس سببا في خسارة المحصول، كما أن بعض القبائل التي جاءت من أواسط آسيا، وشمال الجزيرة العربية كانوا ينزلون على الفلاحين ويسرقون المحصول، وبالتالي يتضرر الفلاحون، فقرر محمد علي، أن يحل هذه الظاهرة فقرر أن يعطيهم تكليفا بالحصول على الأراضي بـ"الانتفاع"، ويسددون الضرائب لمحمد علي، ولكن كان الفلاحون هم من يزرعون الأرض.
 
حيلة ذكية من محمد علي
وأضاف "الدسوقي"، في لقاء مع برنامج "حديث القاهرة"، المذاع على قناة "القاهرة والناس" الفضائية، الخميس، ويقدمه الإعلامي إبراهيم عيسى، أن الأراضي كانت تقاس بـ"القصبة"، فقرر أن يلجأ محمد علي لحيلة ذكية، حيث أصدر "قصبة" جديدة أقل في المساحة تقاس بها الأراضي، وبالتالي ظهرت زيادات في مساحات الأراضي، وأطلق على هذه المساحات "الأبعديات"، و"العزب".
 
تعرض مصر للديون
وتابع أستاذ التاريخ الحديث، أنه في عصر الخديوي إسماعيل، تعرضت مصر للكثير من الديون، فاقترح وزير المالية آنذاك، أن من يدفع 7 أضعاف الضريبة مرة واحدة، يمتلك الأرض، وهنا بدأت الملكية القانونية، وبدأ الناس يحاولون تملك الأراضي، فعاد وزير المالية وأوقف تملك الأراضي لكي لا تضيع الأراضي من الخديوي إسماعيل,
 
قانون فك الزمام
وأوضح أنه صدر قانون على مرحلتين، في 1891، و1899، وهو قانون فك الزمام، أي أن الدولة لا تملك إلا الصحاري والطرق والأنهار، ولذلك كان الصيادين يدفعون ضريبة لأن البحر ليس ملكهم ولكن ملك للحكومة، وحتى الرصيف في الشارع ملك للحكومة، وكان هناك ضرائب على النخل، وبدأ منذ ذلك العصر نمو طبقة "الملاك"، الذين وضعوا أيديهم على الأراضي أو الذين اشتروا الأراضي، وكان بينهم كبار الملاك، وأيضا صغار ومتوسطي الملكية.
 
ملكية المصريين والأسرة المالكة
وكشف أنه في الفترة من عام 1914 إلى 1952، كان بعض المصريين يمتلكون أكثر من 12 ألف فدان، وبعض أبناء هذه العائلات مازالوا أحياء، والخديوي إسماعيل كان يمتلك أراضي من غرب نهر النيل، من شمال المنيا حتى شبين القناطر، وفي هذه الأرض كان هناك فرعا لنهر النيل، فسده، وأقام عليه جنينة الحيوانات في الجيزة، وهي أصلها كانت قصرا للجواري لكي يتريضن في هذه الجنينة أثناء الحمل، وكانت شبيه بحدائق الأورمان وأتي بشجر الأورمان من فرنسا.
 
وتابع أن منطقة بين السرايات كان بها قصر ابنته الأميرة فاطمة، وهو الذي تحول إلى كلية الأداب فيما بعد، ومقر وزارة الزراعة الحالي كان قصر ابنته الأخرى، والمتحف الزراعي أيضا كان قصرًا، ولذلك تم إطلاق اسم "بين السرايات" على هذه المنطقة، أما كلية الفنون التطبيقية فإن أصلها كانت "إسطبل" للخيول الملكية الموجودة في قصر الأميرة فاطمة، ومقر وزارة التربية والتعليم كان قصرا للأميرة فوقية.
 
التلاعب بالقانون بعد عام 1952
ولفت إلى أنه بعد 1952 حدث تلاعبا في تحديد من هو "الفلاح"، حيث إنه كان من المقرر أن يدخل البرلمان الفلاحون الذين لديهم ملكية زراعية تصل لـ7 فدادين، ولكن عندما تم عمل البرلمان تم تحديد شروط دخول "الفلاحين" إلى البرلمان بضرورة أن يكونوا من دافعي ضريبة الأطيان الزراعية التي تصل لـ150 جنيها، وهذه الضريبة كانت تُدفع على 300 فدان، وبالتالي أصبح المرشحون من كبار الملاك، كما تم إعفاء حملة المؤهلات العليا من هذا الشرط، ولكن حملة المؤهلات العليا في ذلك الوقت هم أبناء كبار الملاك، وبالتالي أصبح البرلمان في يد هذه الطبقة.
 
وكشف أن هذا الأمر أثر في القوانين التي سنها البرلمان، وعلى سبيل المثال أحد النواب في عام 1933 طلب زيادة ميزانية تعليم أبناء الفلاحين، فهاج البرلمان كله عليه، ورد عليه أحد النواب، وقال له: "إن تعليم أبناء الفلاحين يجعلهم يستنكرون مهنة آبائهم"، وقال آخر: "لما هنعلم الفلاحين مين هيسرح بالبهايم!".