كتب – روماني صبري 
 
خصص المجمع المقدس، بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يوم 15 فبراير من كل عام للاحتفال بتذكار شهداء العصر الحديث في ليبيا، وذلك في جلسته المنعقدة، في يونيو 2017، وذلك بعد ذبح 20 عامل مسيحي مصري في ليبيا من قبل مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي الذي كان اختطفهم ليتنصلوا عن عقيدتهم المسيحية فرفضوا ، وتشهد إيبارشية سمالوط للأقباط الأرثوذكس، اليوم الإثنين، الاحتفالات بتذكار هؤلاء الشهداء، ويقود طقوس القداس الأنبا بفنوتيوس، مطران سمالوط، ويعاونه الطقوس لفيف من الآباء الكهنة، وذلك بكاتدرائية شهداء الإيمان بقرية العور.
 
امتزجت دماؤهم بالبحر 
وأقدم تنظيم "داعش" الإرهابي على ذبح 21 مصري قبطي تحت عنوان رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب، وبث تنظيم الدولة الإسلامية فيديو يظهر عملية الذبح على إحدى السواحل الليبية وأظهرت اللقطات المعاملة المهينة من عناصر داعش للأسرى، حيث ساقهم واحدا واحدا، وأظهرت لقطة تلطخ مياه البحر بلون دماؤهم.
 
الجيش ينتقم 
وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي على الفور بعد ذبح الشهداء، الأمم المتحدة لمنح تفويضا بهدف تشكيل تحالف دولي للتدخل في ليبيا، وقصفت طائرات الجيش المصري أهدافا لتنظيم "داعش" بعد موافقة الحكومة الليبية، انتقاما لهؤلاء الشهداء المصريين.
 
عودة الجثامين 
استقبل مطار القاهرة، جثامين الشهداء في العاشرة مساء يوم 14 مايو 2018 ، بحضور قيادات الدولة والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والأنبا بفنوتيوس، مطران سمالوط، وقام الجيش المصري بتجهيز 20 سيارة إسعاف لنقل رفات الشهداء من مطار القاهرة إلى ذويهم بقرية العور بمركز سمالوط. 
 
رفضوا إنكار المسيح 
قال القس ابيفانيوس يونان، كاهن كاتدرائية شهداء الإيمان والوطن بليبيا، ان هؤلاء الشهداء رفضوا إنكار المسيح كما طلب منهم مقاتلي التنظيم، وفضلوا الاستشهاد على اسم المسيح، لافتا :" ننتظر يوم 15 فبراير بلهفة شديدة جدا جدا لإحياء ذكرى شهداء مصر."
 
مضيفا في تصريحات خاصة لفضائية "صدى البلد"، من بين هؤلاء الشهداء 15 من ايبارشية سملوط، ومن القرى المجاورة 5، جانب الشهيد ماثيو الإفريقي، وبخصوص سماع أصوات الزغاريد داخل كاتدرائية شهداء الإيمان، أوضح القس ابيفانيوس :" الزغاريد من فرحة الناس بالمعجزات الكثيرة التي تتم على أيدي هؤلاء الشهداء."  
 
كما أوضح :" لم نكن نتخيل عودة رفات الشهداء، بعدما أبصرنا أجسادهم وهي تلقى في البحر من قبل عناصر داعش، وبعد إعلان عودة رفاتهم كانت المفاجأة لنا، وعلمنا بعدها أنهم دفنوا بمقبرة جماعية، وبواسطة تحليل الـ"DNA"، تم التأكد أن من دفنوا في المقبرة هم شهداء مصر." 
 
ماذا يحوي مزارهم ؟ 
يحوي مزار الشهداء مقتنياتهم ونعوش حملت أجسادهم من ليبيا، ويضم المتحف "نصب تذكاري للشهداء" تم نحته في مدخل الكنيسة عبارة عن تمثال ضخم للسيد المسيح، ارتفاعه 4 أمتار، وأمامه منحوتات لـ 21 شهيدًا تظهر وضعهم خلال عملية ذبحهم، شيده الدكتور جرجس الجاولي أستاذ النحت الميداني في كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا.
 
إدراجهم للسنكسار
وكان كشف البابا تواضرواس، عن إدراج أسماء الـ21  شهيد للسنكسار الكنسي، الذي يضم سير شهداء المسيحية على مر العصور، وأسمائهم هي: ميلاد مكين، أبانوب عياد، ماجد سليمان، يوسف شكري، كيرلس شكري، بيشوي أسطفانوس، صموئيل أسطفانوس، ملاك إبراهيم، تواضروس يوسف، جرجس ميلاد، مينا فايز، هاني عبدالمسيح، بيشوي عادل، صموئيل ألهم، عزت بشرى، لوقا نجاتي ، جابر منير، عصام بدار، ملاك فرج، سامح صلاح، عامل إفريقي اسمه ماثيو إياريجيا، واستقبلت مصر رفاته فيما بعد لعدم الاستدلال على أهله." 
 
إنتاج فني ضخم لشهداء الإيمان والوطن
وكشف المخرج جوزيف نبيل، تفاصيل إنتاج أول فيلم فني ضخم عن" شهداء ليبيا "تحت إشراف مطرانية سمالوط وبمباركة قداسة البابا تواضروس الثاني، وذلك في بيان جاء فيه : 
 
الأنبا بفنوتيوس يشكل لجنة لمراجعة السيناريو وخطة العمل، رحلة عمل بدأت منذ عامين لتوثيق أول فيلم يجسد حياة شهداء الإيمان و الوطن ، لكن فيروس كورونا يؤجل الإعلان عن الفيلم ،والأسر تنتظر أكبر عمل درامي لطريق الاستشهاد 21 بطل يجسدون رحلة الشهداء ..وكيف ثأرت مصر لابنائها.
 
وتابع البيان : تحت إشراف سمالوط بدأت الخطوات الأولى لإنتاج أكبر عمل فنى عن شهداء ليبيا بعنوان فيلم " شهداء الإيمان والوطن "، بعد شهور طويله من التوثيق والمراجعة والبحث وجلسات نقاشية ضمت الكنيسة وصناع الفيلم ـ يتم الإعلان رسميا عن فيلم يجسد رحلة الشهداء،من الخطف حتى عودة الجثامين .
 
شهداء الإيمان والوطن ... لحظات فارقة في التاريخ ، تم توثيقها ما بين كتب ومقالات وما بين النصب التذكارى وبانوراما الشهداء التي وضعت داخل مزارهم توثق بالصور ملحمة الشهداء من الخطف إلى الذبح، وايقونة الشهداء بالكاتدرائية التى دشنها قداسة البابا، وكان الحلم والأمل في إنتاج "فيلم" يجسد هذه اللحظات التاريخية ، فتحول الحلم لحقيقة تقترب إلى ارض الواقع ، وتم كتابة السيناريو والحوار من خلال معايشة واقعية ، لينتقل ل اللمسات الأخيرة بمباركة الكنيسة وترحيب قداسة البابا تواضروس الثاني ، وتحت رعاية نيافة الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط الذي يواصل رحلته لمجد الشهداء من بناء الكنيسة لمباركته وتشجيعه لأى عمل يوثق لهؤلاء الشهداء ، ورغم صعوبة وضخامة إنتاج العمل الدرامى لهذا الفيلم، لكن نيافته أعطى إشارة العمل وثقته أن الله سوف يكمله .
 
رحلة فيلم " شهداء الإيمان والوطن " بدأت بفكرة عرضت على قداسة البابا تواضروس الذى رحب بها ، وطلب بعرضها على نيافة الانبا بفنوتيوس بعد انتهاء كتابة السيناريو للكاتب والشاعر مينا مجدي الذى بدأ عمله بعد عودة أجساد الشهداء في ٢٠١٨ ، وقام بالذهاب لقرية الشهداء لجمع المعلومات عن شخصيات الشهداء وأسرهم من خلال معايشة حية مع الاستعانة بالمراجع التي توثق رحلة الشهداء ، حتى تحول السيناريو لخطة تجسد الواقع ما بين الدراما لتجسد حياتهم وما بين وقائع ومشاهد حقيقية وضعت كما هى دون تغيير.
 
وبدأت خطة العمل الفنى للفيلم بمباركة الكنيسة ، وتولى المخرج جوزيف نبيل مهمة إخراج هذا العمل وهو صاحب سلسلة الأعمال الناجحة في الدراما المسيحية "الراهب الصامت ونسر البرية وال ٤٩ شهيد _ وأخرهم ابو نفر السائح" .. وبعد عرض السيناريو على نيافة الأنبا بفنوتيوس ، قام نيافته بتشكيل لجنة لمراجعة السيناريو لأشخاص عايشوا الأحداث ضمت القس إبيفانيوس يونان كاهن كنيسة شهداء الإيمان والوطن ، والصحفي نادر شكري ، وعقدت جلسة مع نيافته بمقر المطرانية في يناير الماضي ضمت أعضاء اللجنة والمؤلف مينا مجدى والمخرج جوزيف نبيل.
 
 وتمت مراجعة أخيرة للسيناريو، وإجراء بعض التعديلات والإضافات، وتم تأجيل الإعلان عن الفيلم نظرا لظروف تفشى فيروس كورونا وما تمر به البلاد في ظل هذه الأزمة ، وأهمية اختيار التوقيت المناسب حتى يتم عرض السيناريو على بعض الرعاة و محبي الشهداء لمن يرغب للمشاركة فى دعم إنتاج هذا العمل الضخم ، الذي تشرف عليه الكنيسة .
لاسيما أن تصويره سوف يستغرق وقتا طويلا وبعض المشاهد منه سوف تتم داخل مدينة الإنتاج الاعلامى بمشاركة نخبة كبيرة من الفنانين حتى يتم إخراج هذا العمل الذي يوثق مشاهد حقيقية وتفاصيل وأسرار تعرض لأول مرة عن ال 21 شهيدا والفترة التى قضوها بليبيا أثناء الخطف ، وتفاصيل عن أسر الشهداء مع أبنائهم و دور الدولة والكنيسة أثناء الأزمة ورد الفعل المصرى عقب الاستشهاد حتى عودة موكب الشهداء لأرض الوطن .
 
وقدم صناع الفيلم رسالتهم والتي جاءت كالآتي :" نطلب من الجميع الصلاة ليكمل الرب عمله معنا ونستطيع تقديم هذا الفيلم عن حياة واستشهاد شهدائنا الأبطال في ليبيا بأفضل شكل لكي يكون هذا الفيلم شهادة لكل الأجيال عن قوة وصمود أبطالنا.. ورغم الصعوبات في عملية الإنتاج في هذه الفترة ، لكن نثق أن الله سوف يكمل عمله حتي يصبح فيلم "شهداء الإيمان والوطن" هو أول إنتاج يناقش قصة حياة شهداء معاصرين للكنيسة المصرية ، ويصبح نقلة فنية و نوعية في تاريخ توثيق الأفلام الكنسية والوطنية.