سليمان شفيق
في ذكري ثورة 25 يناير لايمكن نسيان دور الاب وليم سيدهم اليسوعي ومريدية في تلك الثورة ولا يمكن ذلك الا من خلال كتابة المهم مذكرات كاهن عن الثورة "من لاهوت التحرير الي ميدان التحرير" ، هذا الكتاب المهم الصادر عن دار المحروسة ، والذي يؤرخ في يوميات وثائقية عن دور جماعة من الشباب والشابات اقرب الي الوحدة القاعدية للاهوت التحرير في ثورة 25 يناير من وجهة نظر كاهن وراهب يسوعي ثوري .

لا يمكن كتابة شهادة عن الأب وليم سيدهم اليسوعى.. دون ربط الراهب الثائر، والمثقف العضوى، والزاهد «أبوشبشب»، بما أنتج من ممارسة وفكر واستنباط للاهوت التحرير وتمصيره

تعرفت على أفكار لاهوت التحرير من خبرتى فى أربعة بلدان فى أمريكا اللاتينية: البرازيل، والسفادور، وكولومبيا، وبيرو، وتعرفت على اسم الأب وليم من آباء لاهوت التحرير، وفى القاهرة 1996 تقابلنا، رجل بسيط.. ذو جمجمة فرعونية، وسحنة مصرية أصيلة، كان شتاء يناير ذو الطقس الغائم يخيم على سماء القاهرة والرجل يرتدى بنطلونا وقميصا من اللون الأسود، و«بلوفر» رماديا «كالحا» يبدو عليه القدم، و«شبشب» فى عز الشتاء، ولأنى تعودت على الكهنة والرهبان الذين يرتدون زيا خاصا.. لم أتخيل هذا الرجل إلا أحد عمال مدرسة العائلة المقدسة (الجيزويت) جلس بجوارى، سألتة: أين الأب وليم؟ انفرجت أسارير الرجل ورد: أنا!!

ثلاث ساعات اكتشفت الخبيئة التى تسكن ابن جراجوس، الرابضة فى عمق الجنوب الأقصرى ترتوى من عبق الحضارات الفرعونية والبيزنطية واليونانية، تفيض ضحكتة مثل موج النيل، والشفتان شاطئان، والأسنان صخور تتوسطهما، تصطدم بهما ضحكاتة فتعود كلماته إلى شط الحديث، عيناه منيرتان واسعتان كقنديلين من قناديل مصر القبطية، ينيران حوارنا.. لن تصدقونى إن قلت إننى لا أتذكر من حوارنا الأول الذى امتد لساعات سوى ضحكات من القلب، ونقاء روحى، وكلمة (الثورة)، للحظات كنت أشعر أننى أمام ناسك من علماء مدرسة الإسكندرية الأولى.. حينما كان «الأبسط هو الأعلم والأعلم هو الأقدس»، فى 199 صفحة من القطع المتوسط لخص الأب وليم يوميات ثورة 25 يناير.. وفيه كل «البوستات» اليومية التى كتبها الأب وليم فى الفترة من يناير 2011 إلى سبتمبر 2013، سجل كل الأحداث بطريقه بسيطة ولغة سهلة الفهم، ولكنها تحمل الكثير من المعانى لتعبر عن مشاعر مرت عليه وربما على الكثيرين من أبناء الشعب المصرى من حزن وترقب وغضب وفرح فسوف تجد عزيزى القارئ كما من المشاعر المختلفة التى تجعلك وأنت تقرأ هذه اليوميات تسترجع مشاعرك أنت وتتذكر أحداثا عظيمة مرت فى عمر هذا الوطن وتلك الثورة.

وليم سيدهم الراهب والكاهن الثائر.. لم يكتب يومياته عن الثورة «المغدورة» فحسب.. بل دعا تلاميذه من الثوار الذين تبعوه على حمل صليب الثورة والسير على درب الآلام إلى التحرير، فكتب مصطفى وافى، وريهام رمزى، وهناء ثروت، وصموئيل خيرى، وهكذا اتسع صدر دار المحروسة لما ضاق به صدر الوطن.. ليصدر كتاب «يوميات كاهن فى زمن الثورة» شهادة مروية بدماء الشهداء المنسيين للثورة المغدورة.