لن أخوض هنا في الخلاف بين علماء الإقتصاد حول دور السكان في التنمية الإقتصادية لأى دولة، فهذا خلاف قديم ومستمر حتى هذه اللحظة، للإجابة عن سؤال هل الزيادة السكانية نعمة أم نقمة، ولكن سأتبنى هنا أنها نقمة كما ترى دولتنا الرشيدة التي تصرخ كل يوم من الزيادة السكانية وتطالب الشعب بتحديد النسل، وتبرر كل فشل في التعليم والخدمات الصحية والرعاية الإجتماعية بالانفجار السكاني.
 
والحقيقة أننا إذا نظرنا إلى سياسات الدولة المصرية لمواجهة هذا الانفجار السكاني سنجد أنها تنحصر في مناشدة المواطنين تحديد النسل دون أى سياسات فعليه على أرض الواقع للحد من الزيادة السكانية المتسارعة.
 
فالسياسات التي تستطيع الحد من هذه الزيادة المتسارعة هى بالضرورة سياسات تتطلب علمنة مصر، تتطلب إلغاء المادة الثانية من الدستور وما يلحقها من مواد دينية، حتى تستطيع الدولة إصدار تشريعات تسمح بالإجهاض خلال أول 10-12 أسبوع من الحمل، وتسمح بعمليات التعقيم الإختيارية للرجال والنساء، وتسمح للدولة بتدريس الثقافة الجنسية في التعليم، ففي وجود المادة الثانية يستطيع أى محامي رفع قضية بعدم دستورية أى من هذه القوانين فتبطلها المحكمة الدستورية. فالعلمانية هى حجر الأساس لأى سياسات تهدف للسيطرة على الإنفجار السكاني.
 
أكتب هذا وأنا أعرف أنه لن يحدث الآن أى شيئ، لأننا ببساطة نعيش في ظل نظام حكم ديني، يقوم عليه أفراد إسلاميين الفكر والهوى ولولا أن تحديد النسل مُبرر يحمل بعض الوجاهة الإقتصادية لتبرير فشل العملية التنموية على مدار ما يقرب من 70 سنة، لما أشار أحد للإنفجار السكاني ولا لمشكلة السكان بل لربما درس التلاميذ في المدارس حديث "تناكحوا تناسلوا".
 
الحديث عن الإنفجار السكاني دون وضع سياسات واضحة لمواجهته هو مجرد تبرير للفشل.