د. مينا ملاك عازر

كان رجل المرحلة، مرحلة الخنوع وعدم الاعتراض، ولذا متى انتهت المرحلة لم يوجه له حتى جواب شكر، ومن باب الذوق أعطوه الحصانة ليبقى محمياً ومحروساً، فاستثار وثار وترك الجلسة الافتتاحية، ويفكر في الاستقالة، بقى بعد كل ما فعله وحجبه من استجوابات وتجميد للقانون، وضرب بالدستور عرض الحائط، ومنع التحقيق مع الأعضاء المذنبين، وإبقاء الحصانة على أعضاء رغم أحكام قضائية من محكمة النقض العليا التي لها سلطة دستورية، صاغ هو ربما بنفسه مادة أحقية المحكمة في عزل النائب واعطاء الفرصة لآخر، متى تراء الحق في هذا، واليوم أكثر ما استطاعوا تقديمه له حصانة تعطى لمئات النواب مثله، أصبح مثله مثل آخرين خرج من المجلس، مثل آخرين أخرجهم هو، ودبر أمر طردهم من المجلس لأنهم معارضين ومخالفين ذوي أصوات عالية تزعج من أتوا به وبغيره ليجلسوا على كراسيهم وليجلس هو على منصته.
 
رجل المرحلة، لم يعد له وجود، المرحلة انتهت، ومرروا القوانين سريعاً وبدون احتراز، وبدون تدبر دستوري، وفعلوا كل ما أرادوا، فلا حاجة له الآن، الحاجة لآخر يكون له شخصية القاضي النزيه العادل ذو الثقل الدستوري، لذا لفظوه ولم يهتموا حتى بغضبه، وأما هو نفسه لم يحاول أن يخرج من المشهد بشياكة سياسية بل خرج بشكل يبروز الإطاحة به، هكذا كان مشهد نجاح قاضي المحكمة الدستورية دكتور حنفي الجبالي في امتطاء صهوة جواد رئاسة مجلس النواب الحالي بدلاً من الدكتور علي عبد العال الذي خرج غاضباً ويلوح باستقالته، ويحاول البعض استرضاءه لألا يفعلها، وينفضح الأمر للنهاية، ويصبح معلوم أنه لم يكن متفق معه على أن يترأس المجلس وأن الاتفاق كان مع آخر وأن كل شيء بالاتفاق حتى الترشيح والنجاح والمناصب وكله بثوابه .
 
هذا المجلس عال العال لأن عبد العال لم يعد رئيس له، أتمنى أن يكون مجلس جاد، لا أقول أكثر جدية، فما كان لم يكن له من الجدية بشيء، ولا علاقة له بها، لذا أقول مجلس جاد عال العال، أتمناه مجلس كلمته نافذة يقدم استجوابات يراقب ويحاسب ينتفض يستاء ويعصف بالحكومات، ويبطش بالظالمين، لذا أتمناه مجلس لنواب الشعب بالرغم بكل ما يحاط باختيارهم ويكشف طريقة وصولهم لكراسيهم، لكن مجرد تغيير رئيس المجلس يعني هذا بالنسبة لي الكثير والكثير والكثير، وأمل كبير، وربما مؤشر لتغيير إرادة ووجهة الجهة التي اختارت النواب والناجحين والمعينين وتراءى له أخيراً أن يصبح للسياسة والرقابة مجلس عال العال.
 
المختصر المفيد يبدو أننا مقبلين على مرحلة جديدة من الجدية أو ربما أنا الذي أتمنى هذا.